تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةًۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (55)

تضرعا : تذلّلا ، ويقال تضرع له ، إذا أظهر الذل في مَعِرض السؤال . خفية : سرا ضد العلانية .

لا يحب المعتدين : المتجاوزين الحدود ، ومعنى لا يحبُّهم أنه لا يجازيهم بالثواب .

بعد أن ذكر سبحانه وتعالى الأدلة على توحيد الربوبية ، أمر بتوحيد الألوهية أي إفراده تعالى بالعبادة .

إذا كان الله قد أنشأ الكونَ وحده ، فادعوه متضرّعين مبتهِلين ، جهراً وغير جهر . والدعاء خفية أفضلُ ، لما روى أبو موسى الأشعريّ رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفَر فجعل الناس يجِدُّون بالتكبير فقال رسول الله : «أيها الناس ، أربعوا على أنفسِكم ، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبا . إنكم تدعون سَميعاً قريباً وهو معكم . » رواه مسلم . ومعنى اربَعوا على أنفسكم : ارفقوا بأنفسكم .

وفي الحديث أيضا «خيرُ الذِكر الخَفِي ، وخير الرزق ما يكفي » رواه أحمد وابن حبان وأبو يعلى عن سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه .

وفصّل بعض العلماء فقال : أن التضرُّع بالجهر المعتدِل يحسُن في حال الخَلوة ، والأمنِ من رؤية الناس للداعي وسماعهم لصوته . أما الدعاء خفيةً فيحسُن في حال اجتماع الناس في المساجد وغيرها إلى ما ورد في رفعُ الصوت من الجميع كالتلبيةِ في الحج وتكبير العيدين .

{ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المعتدين } .

لا تعتدوا بإشراك غيره معه في الدعاء أو بظلم أحدٍ من الناس ، فإن الله لا يحب ذلك .