الآية 55 وقوله تعالى : { ادعوا ربكم } قال بعضهم : { ادعوا } أي اعبدوا ربكم كقوله تعالى : { ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي } [ غافر : 60 ] ذكر في الابتداء الدعاء ، وفي آخره العبادة ، فكان الأمر بالدعاء أمرا بالعبادة . وقال بعضهم : الدعاء ههنا هو الدعاء ، وقد جاء أن ( الدعاء مخّ العبادة ) [ الترمذي : 3371 ] [ لأن العبادة ]{[8493]} قد تكون بالتقليد ، والدعاء لا يحتمل التقليد ، ولكن إنما يكون عند الحاجة لمّا [ يرى المرء ]{[8494]} في نفسه من الحاجة والعجز عن القيام بذلك ؛ فعند ذلك يفرغ إلى ربه ، فهو مخ العبادة من هذا الوجه .
وقال بعض أهل التأويل في قوله تعالى : { ادعوا ربكم } أي وحّدوا ربكم{ تضرّعا وخفية } إخلاصا ، وقيل : { تضرّعا } ظاهرا { وخفية } سرا . وأصله أن اعبدوا ربكم في كل وقت وكل ساعة ، أو ادعوا خاضعين مخلصين .
وقوله تعالى : { إنه لا يحب المعتدين } قيل : المجاوزين الحد بالإشراك بالله ، وقيل : لا يحب الاعتداء في الدعاء نحو أن يقول : اللهم اجعلني نبيا أو ملكا أو أنزلني في الجنة منزل كذا وموضع كذا . وروي عن عبد الله بن مغفل [ أنه ]{[8495]} سمع ابنه يقول : اللهم إني أسألك الفردوس ، وأسألك كذا ، فقال له عبد الله : سل الله الجنة ، وتعوّذ به من النار فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { سيكون قوم يعتدون في الدعاء ){[8496]} [ أبو داوود 1480 ] .
ويحتمل الاعتداء في الدعاء أن{[8497]} يسأل ربه ما ليس هو بأهل له نحو أن يسأل كرامة الأخيار والرسل .
وأصل الاعتداء هو المجاوزة عن الحد . وعن الحسن [ أنه ]{[8498]} قال : في قوله تعالى : { ادعوا ربكم تضرّعا وخفية } علّمكم كيف تدعون ربكم ؟ وقال للعبد الصالح حين{[8499]} رضي دعاءه { إذ نادى ربه نداء خفيا } [ مريم : 3 ] وقال أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عمل البر كله نصف العبادة والدعاء نصف العبادة ) [ المطالب العالية 3329 ] .
ومنهم من صرف قوله تعالى : { ادعوا ربكم تضرّعا وخفية } إلى الدعاء ، وقال يكره للرجل أن يرفع صوته في الدعاء .
ويروون على ذلك حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع قوما يرفعون أصواتهم في الدعاء ، فقال : ( أيها الناس لا تدعون أصم ولا غائبا ، ولكن كذا ) [ مسلم 2704/44 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.