النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةًۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (55)

قوله عز وجل : { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } فيه وجهان :

أحدهما : في الرغبة والرهبة ، قاله ابن عباس .

والثاني : التضرع : التذلل والخضوع ، والخفية : إخلاص القلب .

ويحتمل أن التضرع بالبدن ، والخفية إخلاص القلب .

{ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } يعني في الدعاء ، والاعتداء فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن يسأل ما لا يستحقه من منازل الأنبياء ، قاله أبو مجلز .

والثاني : أنه يدعو باللعنة والهلاك على من لا يستحق ، قاله مقاتل .

والثالث : أن يرفع صوته بالدعاء ، روى أبو عثمان النهدي{[1089]} عن أبي موسى الأشعري قال : كنا{[1090]} مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأشرفوا واد ، فجعل الناس يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أَيُّهَا النَّاسُ اربَعُوا عَلَى أَنفُسكُم ، إِنَّكُم لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً إِنَّكُم تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً وَهُوَ مَعَكُمْ " .


[1089]:في الأصول الهندي وصوابها: النهدي.
[1090]:في الأصول كان النبي.