قوله جل ذكره : { يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } .
أهلُ السماواتِ يسألون أبداً المغفرة ، وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرَة ، أي لا بُدَّ لأحدٍ منه ( سبحانه ) .
وفي السماوات والأرض مَنْ لا يسأله : وهم مَنْ قيل فيهم : " مَنْ شَغَلَه ذِكْري عن مسألتي أعطيته أفضلَ ما أُعطي السائلين " .
ويقال : ليس كلُّ مَنْ في السماواتِ والأرض يسألونه مِمَّا في السماوات والأرض ولكن :
بين المحبين سِرُّ ليس يُغْشيه *** قَوْلٌ ولا قَلَمٌ للخَلْق يحكيه
{ كُلَّ يَومٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } مِنْ إحياء وإماتة ، وقبض قوم وبَسْطِ قومٍ . . . وغير ذلك من فنون أقسام المخلوقات ، وما يُجْريه عليها من اختلاف الصفات .
وفي الآية ردُّ على اليهود حيث قالوا : إنَّ اللَّهَ يستريح يومَ السبت لا يفعل شيئاً ، فأخبر أنه كل يوم هو في شأن ، ولو أُخْلِيَ العالَم لحظةً من حِفْظِه لتلاشى وبَطُلَ .
( ومن شأنه أن يغفرَ ذنباً ، ويَسْتُرَ عيباً ، ويُذْهِبَ كرباً ) ، ويُطَيِّبُ قلباً ، ويُقْصِي عَبْداً ويُدْنِي عبداً . . . إلى غير ذلك من فنون الأفعال . وله مع عباده كلَّ ساعَةٍ بِرٌّ جديدٌ ، وسِرٌّ بينه وبين عبده - عن البقاء - بعيد .
ويقال : كل يوم هو في شأنِ سَوْقِ المقادير إلى أوقاتها .
ويقال : كل يوم هو في شأنِ إظهارِ مستورٍ وسَتْرِ ظاهرٍ ، وإحضارِ غائبٍ وتغييبِ حاضرٍ .
{ 29-30 } { يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }
أي : هو الغني بذاته عن جميع مخلوقاته ، وهو واسع الجود والكرم ، فكل الخلق مفتقرون إليه ، يسألونه جميع حوائجهم ، بحالهم ومقالهم ، ولا يستغنون عنه طرفة عين ولا أقل من ذلك ، وهو تعالى { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } يغني فقيرا ، ويجبر كسيرا ، ويعطي قوما ، ويمنع آخرين ، ويميت ويحيي ، ويرفع ويخفض ، لا يشغله شأن عن شأن ، ولا تغلطه المسائل ، ولا يبرمه إلحاح الملحين ، ولا طول مسألة السائلين ، فسبحان الكريم الوهاب ، الذي عمت مواهبه أهل الأرض والسماوات ، وعم لطفه جميع الخلق في كل الآنات واللحظات ، وتعالى الذي لا يمنعه من الإعطاء معصية العاصين ، ولا استغناء الفقراء الجاهلين به وبكرمه ، وهذه الشئون التي أخبر أنه تعالى كل يوم هو في شأن ، هي تقاديره وتدابيره التي قدرها في الأزل وقضاها ، لا يزال تعالى يمضيها وينفذها في أوقاتها التي اقتضته حكمته ، وهي أحكامه الدينية التي هي الأمر والنهي ، والقدرية التي يجريها على عباده مدة مقامهم في هذه الدار ، حتى إذا تمت [ هذه ] الخليقة وأفناهم الله تعالى{[952]} وأراد تعالى أن ينفذ فيهم أحكام الجزاء ، ويريهم من عدله وفضله وكثرة إحسانه ، ما به يعرفونه ويوحدونه ، نقل المكلفين من دار الابتلاء والامتحان إلى دار الحيوان .
وفرغ حينئذ لتنفيذ هذه الأحكام ، التي جاء وقتها ، وهو المراد بقوله :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.