لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{أَوۡ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرۡيَةٖ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحۡيِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٖ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِاْئَةَ عَامٖ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ يَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَيۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمٗاۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (259)

لم يكن لك سؤال جحدٍ ، ولا قضية جهل ، ولا دلالة شكٍ في القدرة ، فإن هذا الخبر عن عُزَيْر النبي عليه السلام ، والأنبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم الشّكُّ والجهل ، ولكنه كان سؤال تعجُّب ، وأراد بهذه المقالة زيادة اليقين ، فأراه الله ذلك في نفسه ، بأن أماته ثم أحياه ثم بعث حماره وهو ينظر إليه ، فازداد يقيناً على يقين . وسؤالُ اليقين من الله ، والحيلةُ في ردِّ الخواطر المشكلةُ ، دَيْدَنُ المتعرفين ، ولذلك ( . . . . ) الله سبحانه عُزيراً في هذه المقالة حتى قدَّر عليه ما طلب من زيادة اليقين فيه . ثم قال { واعلم أن الله على كل شيء قدير } من الإحياء والإماتة أي ازددت معرفة بذلك ، وأراني من عظيم الآيات ما أزداد به يقيناً ؛ فإنَّ طعامه وشرابه لم يتغيرا في طول تلك المدة ، وحماره مات بلا عظام والطعام والشراب بالتغيير أَوْلى .