تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{أَوۡ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرۡيَةٖ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحۡيِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٖ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِاْئَةَ عَامٖ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ يَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَيۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمٗاۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (259)

{ أو كالذي مر على قرية } قال محمد : المعنى : هل رأيت كذلك أو كالذي مر على قرية ؟ على طريق التعجب { وهي خاوية على عروشها } قال محمد : يعني وهي خراب على سقوفها ، والأصل في ذلك أن تسقط السقوف ، ثم تسقط الحيطان عليها { قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها } قال قتادة : هو عزيز ، والقرية بيت المقدس بعد ما خربه بختنصر ، فقال : أنى تعمر هذه بعد خرابها ؟ { فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما ، أو بعض يوم } ذكر لنا أنه مات ضحى وبعث قبل غروب الشمس ، فقال : لبثت يوما ، ثم التفت ، فرأى بقية من الشمس من ذلك اليوم ، فقال : أو بعض يوم { قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } أي لم يتغير ، قال الكلبي : كان معه سلتان : سلة من تين ، وسلة من عنب وزق{[170]} فيه عصير { وانظر إلى حمارك } فنظر إلى حماره فإذا هو عظام بالية ، فرأى العظام قد تحركت ، وسعى بعضها إلى بعض ، وجاء الرأس إلى مكانه ، ثم رأى العصب والعروق ، ألقيت عليه ، ثم وضع عليها اللحم ، ثم بسط عليها الجلد ، ثم نفخ فيه الروح ، فإذا هو قائم ينهق ، فخر عزير ساجدا { قال أعلم أن الله على كل شيء قدير } .

قال يحيى : قرأها قوم [ { ننشزها } بالزاي ، وقوم آخرون " كيف ننشرها " {[171]} وهو أجود الوجهين ] وتصديقه في كتاب الله { ثم إذا شاء أنشره } [ عبس : 22 ] . قال محمد : من قرأ { ننشزها } بالزاي ، فالمعنى : نحرك بعضها إلى بعض ونزعجه ، ومنه يقال : نشزت المرأة على زوجها .


[170]:يعني: إناء انظر لسان العرب، الوسيط (زقق).
[171]:هي قراءة أبي عمرو، وابن كثير، ونافع. انظر: النشر (2/231).