قوله تعالى : { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ } : الجمهورُ على سكونِ واوِ " أو " وهي هنا للتفصيلِ ، وقيل : للتخيير بين التعجب مِنْ شأنهما . وقرأ أبو سفيان ابن حسين " أوَ " بفتحِها ، على أنها واوُ العطفِ ، والهمزةُ قبلها للاستفهام .
وفي قوله : { كَالَّذِي } أربعةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنه عطفٌ على المعنى وتقديرُه عند الكسائي والفراء : هل رأيتَ كالذي حاجَّ إبراهيم أو كالذي مَرَّ على قرية ، هكذا قال مكي ، أمَّا العطفُ على المعنى فهو وإنْ كان موجوداً في لسانهم كقوله :
تقيٌّ نقيٌّ لم يُكَثِّرْ غنيمةً *** بِنَهْكَةِ ذي قُرْبى ولا بِحَقَلِّدِ
أجِدَّكَ لن تَرَى بثُعَيْلِباتٍ *** ولا بَيْدَانَ ناجيةً ذَمُولا
ولا متدارِكٍ والليلُ طَفْلٌ *** ببعضِ نواشغِ الوادي حُمُولا
فإنَّ معنى الأولِ : ليسَ بمكثرٍ ولذلك عَطَفَ عليه " ولا بِحَقَلَّدِ " ومعنى الثاني : أَجِدَّك لستَ براءٍ ، ولذلك عَطَفَ عليه " ولا متداركٍ " ، إلا أنهم نَصُّوا على عدمِ اقتياسِه .
الثاني : أنه منصوبٌ على إضمارِ فعلٍ ، وإليه نَحَا الزمخشري ، وأبو البقاء ، قال الزمخشري : " أو كالذي : معناه أو رَأَيْتَ مثلَ الذي " ، فَحُذِفَ لدلالةِ " ألم تَرَ " لأنَّ كلتيهما كلمتا تعجُّبٍ ، وهو حسنٌ ، لأنَّ الحذفَ ثابتٌ كثيرٌ بخلافِ العطفِ على المعنى .
الثالث : انَّ الكافَ زائدةٌ كهي في قوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }
فَصُيِّروا مثلَ كَعَصْفٍ مأكولْ *** . . . . . . . . . . . . . . . . .
والتقدير : ألم تَرَ إلى الذي حاجَّ ، أو إلى الذي مَرَّ على قريةٍ . وفيه ضعفٌ لأنَّ الأصلَ عدمُ الزيادةِ .
والرابع : أنَّ الكافَ اسمٌ بمعنى مِثْل ، لا حرفٌ ، وهو مذهبُ الأخفش وهو الصحيحُ من جهةِ الدليل ، وإنْ كان جمهورُ البصريين على خلافِه ، فالتقديرُ : ألم تَرَ إلى الذي حاجَّ ، أو إلى مِثْل الذي مَرَّ وهو معنى حسنٌ . وللقولِ باسميةِ الكافِ دلائلُ مذكورةٌ في كتب القوم ، ذَكَرْنَا أحسَنها في هذا الكتابِ ، منها معادَلَتُها في الفاعليةِ ب " مثل " في قوله :
وإنّك لم يَفْخَرْ عليك كفاخرٍ *** ضعيفٍ ولم يَغْلِبْكَ مثلُ مُغَلَّبِ
ومنها دخولُ حروف الجرِ ، والإِسناد إليها . وتقدَّم الكلامُ في اشتقاقِ القرية .
قوله : { وَهِيَ خَاوِيَةٌ } هذه الجملةُ فيها/ خمسةُ أوجهٍ ، أحدُها أنْ تكونَ حالاً من فاعلِ " مَرَّ " والواوُ هنا رابطةٌ بين الجملةِ الحاليةِ وصاحبها ، والإِتيانُ بها واجبٌ لخلوِّ الجملةِ من ضميرٍ يعودُ إليه . والثاني : أنها حالٌ من " قرية " : إمَّا على جَعْل " على عروشها " صفةً لقرية على أحدِ الأوجهِ الآتيةِ في هذا الجارِّ ، أو على رأي مَنْ يجيزُ الإِتيانَ بالحالِ من النكرة مطلقاً ، وهو ضعيفُ عند سيبويهِ . الثالث : أنها حالٌ من " عروشها " مقدَّمةٌ عليه ، تقديرُه : مَرَّ على قرية على عروشِها وهي خاويةٌ .
الرابع : أن تكونَ حالاً من " ها " المضافِ إليها " عروش " قال أبو البقاء : " والعاملُ معنى الإِضافة وهو ضعيفٌ مع جوازه " انتهى . والذي سَهَّل مجيءَ الحال من المضاف إليه كونُه بعضَ المضافِ ، لأنَّ " العروش " بعضُ القريةِ ، فهو قريبٌ من قولِه تعالى : { مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً } [ الأعراف : 43 ] . الخامس : أن تكونَ الجملةُ صفةً لقرية ، وهذا ليسَ بمرتضى عندَهم ، لأنَّ الواوَ لا تَدْخُلُ بين الصفةِ والموصوفِ ، وإنْ كانَ الزمخشري قد أجازَ ذلك في قوله تعالى : { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } [ الحجر : 4 ] فَجَعَل " ولَهَا كتابٌ " صفةً ، قال : " وتوسَّطت الواوُ إيذاناً بإلصاق الصفة بالموصوف " وهذا مذهبٌ سبقه إليه أبو الفتح ابن جني في بعضِ تصانيفِه ، وفيه ما تقدَّم ، وكأنَّ الذي سَهَّل ذلك تشبيهُ الجملة الواقعة صفةً بالواقعَةِ حالاً ، لأنَّ الحالَ صفةٌ في المعنى . ورتَّب أبو البقاء جَعْلَ هذه الجملة صفةً لقرية على جوازِ جَعْلِ " على عروشها " بدلاً من " قرية " على إعادةِ حرفِ الجر ورتَّب جَعْلَ " وهي خاويةٌ " حالاً من العروش أو من القرية أو مِنْ " ها " المضافِ إليها على جَعْلِ " على عروشها " صفةً للقرية ، وهذا نصُّه قد ذكرتُه ليتضِحَ لك ، فإنه قال : " وقيل هو بدلٌ من القرية تقديرُه : مَرَّ على قرية على عروشها أي : مَرَّ على عروش القرية ، وأعادَ حرفَ الجر مع البدلِ ، ويجوز أن يكونَ " على عروشها " على هذا القول صفةً للقريةِ لا بدلاً ، تقديرُه : على قريةٍ ساقطةٍ على عروشها ، فعلى هذا يجوزُ أن تكونَ " وهي خاويةٌ " حالاً من العروشِ وأن تكونَ حالاً من القرية لأنها قد وُصِفَتْ ، وأن تكونَ حالاً من " ها " المضافِ إليه ، وفي هذا البناءِ نظرٌ لا يخفى .
قوله : { عَلَى عُرُوشِهَا } فيه أربعةُ أوجه ، أحدُها : أن يكونَ بدلاً من " قرية " بإعادة العاملِ . الثاني : أن يكونَ صفةً ل " قرية " كما تقدَّم تحقيقُه ، فعلى الأولِ يتعلَّقُ ب " مَرَّ " لأنَّ العاملَ في البدلِ العاملُ في المُبْدَلِ منه ، وعلى الثاني يتعلَّقُ بمحذوفٍ أي : ساقطةٍ على عروشِها . الثالث : أن يتعلَّقَ بنفسِ خاوية ، إذا فَسَّرنا " خاوية " بمعنى متهدِّمة ساقطة . الرابع : أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ يَدُلُّ عليه المعنى ، وذلك المحذوفُ قالوا : هو لفظُ " ثابتة " ، لأنهم فَسَّروا " خاويةٌ " بمعنى : خاليةٌ مِنْ أهلِها ثابتةٌ على عروشِها ، وبيوتُها قائمةٌ لم تتهدَّمْ ، وهذا حَذْفٌ من غيرِ دليلٍ ولا يتبادَرُ إليه الذهن . وقيل : " على " بمعنى " مع " أي : مع عروشِها ، قالوا : وعلى هذا فالمرادُ بالعروشِ الأبنيةُ .
والخاوي : الخالي . يقال : خَوَتِ الدارُ تَخْوِي خَواءً بالمد ، وخُوِيَّاً ، وخَوِيَتْ أيضاً بكسرِ العينِ تَخْوَى خَوَىً بالقصر ، وخَوْياً .
والخَوَى : الجوعُ لخلوِّ البطنِ من الزاد . والخَوِيُّ على فَعِيل : البطنُ السهل من الأرض ، وخَوَّى البعيرُ : جافى جَنْبَه عن الأرض . قال :
خَوَّى على مُسْتَوِيات خَمْسِ *** كِرْكِرَةٍ وثَفِناتٍ مُلْسٍ
والعروشُ : جمعُ عَرْش ، وهو سقفُ البيت ، وكذلك كل ما هُيِّىء ليُسْتَظَلَّ به . وقيل : هو البنيانُ نفسُه ، قال :
إنْ يَقْتُلوكَ فقد ثَلَلْتُ عروشَهُمْ *** بعُتيبةَ بنِ الحارثِ بِنْ شهابِ
قوله : { أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ } في " أنِّى " وجهان ، أحدُهما : أَنْ تكونَ بمعنى " متى " قال أبو البقاء : " فعلى هذا تكونُ ظرفاً " والثاني : انها بمعنى كيف . قال أبو البقاء : فيكونُ موضعُها حالاً من " هذه " وتقدَّم لما فيه من الاستفهام ، والظاهر انها بمعنى كيف ، وعلى كلا القولين فالعاملُ فيها " يُحْيي " . و " بعد " أيضاً معمولٌ له . والإِحياءُ والإِماتةُ مَجازٌ إنْ أُريدَ بهما العمرانُ والخرابُ ، أو حقيقةٌ إنْ قَدَّرْنا مضافاً أي : أنَّى يُحْيي أهلَ هذه القريةِ بعد مَوْتِ أهلِها ، ويجوزُ أن تكونَ هذه إشارةً إلى عظامِ أهلِ القريةِ البالية وجثثهم المتمزقةِ ، دَلَّ على ذلك السياقُ .
قوله : { مِئَةَ عَامٍ } قال أبو البقاء : " مئة عام ظرفٌ لأماتَه على المعنى ، لأنَّ المعنى ألبثه مئة عام ، ولا يجوزُ أن يكونَ ظرفاً على ظاهر اللفظِ ، لأنَّ الإِماتةَ تقعُ في أدنى زمان ، ويجوزُ أن يكونَ ظرفاً لفعلٍ محذوف تقديرُه : " فأَماته اللهُ فلبِثَ مئة عام " ، ويَدُلُّ على ذلك قولُه : " كم لَبِثْتَ " ، ولا حاجَةَ إلى هذين التأويلين ، بل المعنى جَعَلَه ميِّتاً مئة عام .
و " مئة " عقدٌ من العدد معروفٌ ، ولامُها محذوفةٌ ، وهي ياءٌ ، يدُلُّ على ذلك قولُهم : " أَمْأَيْتُ الدراهم " أي : صَيَّرْتُها مئةً ، فوزنُها فِعَة ويُجْمَع على " مِئات " وشذَّ فيها مِئُون قال :
ثلاثُ مئينٍ للملوكِ وَفَى بها *** ردائي وَجَلَّتْ عن وجوه الأهاتِمِ
كأنهم جَرَوها بهذا الجمعِ لِما حُذِفَ منها ، كما قالوا : سِنون في سَنَة .
والعامُ مدةٌ من الزمانِ معلومةٌ ، وعينُهُ واوٌ لقولِهم في التصغير ، عُوَيْم ، وفي التكسير : " أَعْوَام " . وقال النقاش : " هو في الأصلِ مصدَرٌ سُمِّيَ به الزمانُ لأنه عَوْمَةٌ من الشمس في الفلك ، والعَوْمُ : هو السَّبْح . وقال تعالى :
{ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [ يس : 40 ] فعلى هذا يكونُ العامُ والعَوْمُ كالقَوْل والقَال " .
قوله : { كَمْ } منصوبٌ على الظرفِ ، ومميِّزُها محذوفٌ تقديرُهُ : كم يوماً أو وقتاً . والناصبُ له " لَبِثْتَ " ، والجملةُ في محلِّ نصبٍ بالقولِ ، والظاهرُ أنَّ " أو " في قوله : { يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } بمعنى " بل " للإِضراب وهو قولٌ ثابتٌ ، وقيل : هي للشك . وقوله : { قَالَ بَل لَّبِثْتَ } عَطَفَتْ " بل " هذه الجملةَ على جملةٍ محذوفةٍ تقديرهُ : ما لبثتُ يوماً أو بعضَ يوم ، بل لبثتُ مئةَ عام .
وقرأ نافع وعاصم وابن كثير بإِظهارِ الثاء في جميع القرآن ، والباقُون بالإِدغام .
قوله : { لَمْ يَتَسَنَّهْ } هذه الجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحال . وزعم بعضُهم أن المضارعَ المنفيَّ ب " لم " إذا وَقَع حالاً فالمختارُ دخولُ واوِ الحال وأنشد :/
بأَيْدي رجالٍ لم يَشِيْموا سيوفَهُمْ *** ولم تَكْثُر القَتْلى بها حينَ سُلَّتِ
وزعم آخرون أنَّ الأَوْلَى نفيُ المضارعِ الواقعِ حالاً بما ولمَّا وكلا الزعمين غيرُ صحيحين . لأنَّ الاستعمالَيْنِ واردان في القرآنِ ، قال تعالى :
{ فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ } [ آل عمران : 174 ] ، وقال تعالى : { أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ } [ الأنعام : 93 ] فجاء النفيُ ب لم مع الواوِ ودونِها .
قيل : قد تقدَّم شيئاَن وهما " طعامِك وشرابِك " ولم يُعِدِ الضميرَ إلا مفرداً ، وفي ذلك ثلاثةُ أجوبةٍ ، أحدُها : أنهما لمَّا كانا متلازِمَيْنِ ، بمعنى أنَّ أحدَهما لا يُكْتَفَى به بدونِ الآخر صارا بمنزلةِ شيءٍ واحدٍ حتى كأنه [ قال : ] فانظُرْ إلى غذائِك . الثاني : أنَّ الضميرَ يعودُ إلى الشراب فقط ، لأنه أقربُ مذكورٍ ، وثَمَّ جملةٌ أخرى حُذِفَتْ لدلالةِ هذه عليها . والتقديرُ : وانظرْ إلى طعامِكَ لم يَتَسَنَّهْ وإلى شرابِك لم يَتَسَنَّهْ ، أو يكونُ سكتَ عن تغيُّرِ الطعامِ تنبيهاً بالأدنى على الأعلى ، وذلك أنه إذا لم يتغيَّرِ الشرابُ مع نَزْعَة النفس إليه فَعَدَمُ تغيُّر الطعامِ أَوْلَى ، قال معناه أبو البقاء . والثالث : أنه أفردَ في موضِعِ التثنيةِ ، قاله أبو البقاء وأنشد :
فكأنَّ في العينين حَبَّ قَرَنْفُلٍ *** أو سُنْبَلٍ كُحِلَتْ به فانْهَلَّتِ
وقرأ حمزةُ والكسائي : " لم يَتَسَنَّهْ " بالهاء وقفاً وبحذفها وصلاً ، والباقون بإثباتِها في الحالين . فأمَّا قراءتهما فالهاءُ فيها للسكتِ . وأمَّا قراءةُ الجماعَةِ فالهاء تحتملُ وجهين ، أحدُهما : أن تكونَ أيضاً للسكتِ ، وإنما أُثبتت وصلاً إجراء للوصلِ مُجْرى الوقفِ ، وهو في القرآن كثيرٌ ، سيمرُّ بك منه مواضعُ ، فعلى هذا يكون أصلُ الكلمةِ : إمَّا مشتقاً من لفظ " السَّنة " على قولنا إنَّ لامَها المحذوفةَ واوٌ ، ولذلكَ تُرَدُّ في التصغير والجمع ، قالوا : سُنَيَّة وسَنَوات ، وعلى هذه اللغة قالوا : " سانَيْتُ " أُبْدِلَتِ الواوُ ياءً لوقوعِها رابعةً ، وقالوا : أَسْنَتَ القومُ ، فقلبوا الواوَ تاءً ، والأصل أَسْنَوُوا ، فأَبْدَلوها في تُجاه وتُخَمة كما تقدَّم ، فأصله : يَتَسَنَّى فحُذِفَتْ الألفُ جزماً ، وإمَّا مِنْ لفظ " مَسْنون " وهو المتغيِّرُ ومنه { مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 26 ] ، والأصل : يتَسَنَّنُ بثلاثِ نونات ، فاسْتُثْقِلَ توالي الأمثال ، فَأَبْدَلْنَا الأخيرةَ ياءً ، كما قالوا في تَظَنَّنَ : تظَنَّى ، وفي قَصَّصْت أظفاري : قَصَّيْت ، ثم أَبْدَلْنَا الياء ألفاً لتحرُّكِها وانفتاح ما قبلَها ، ثم حُذِفَتْ جزماً ، قاله أبو عمرو ، وخَطَّأَه الزجاج ، قال : " لأنَّ المسنونَ المصبوبَ على سَنَنِ الطريق " .
وحُكِيَ عن النقاش أنه قال : " هو مأخوذٌ من أَسِنَ الماءُ " أي تغيَّر ، وهذا وإن كان صحيحاً معنىً فقد رَدَّ عليه النحويون قولَه لأنه فاسدٌ اشتقاقاً ، إذ لو كان مشتقاً من " أَسِنَ الماء " لكان ينبغي حين يُبْنَى منه تفعَّل أن يقال تأسَّن .
ويمكن أَنْ يُجَابَ عنه أنه يمكنُ أن يكونَ قد قُلِبَت الكلمةُ بَنْ أُخِّرَتْ فاؤها - وهي الهمزة - إلى موضِع لامِها فبقي : يَتَسَنَّأ بالهمزةِ آخِراً ، ثم أُبْدِلَت الهمزةُ ألفاً كقولِهم في قرأ : " قَرَا " ، وفي استَهْزا " ثم حُذِفَتْ جزماً .
والوجه الثاني : أن تكونَ الهاءُ أصلاً بنفسِها ، ويكونُ مشتقاً من لفظ " سنة " أيضاً ، ولكن في لغةِ من يَجْعَلُ لامَها المحذوفَةَ هاءً ، وهم الحجازيون ، والأصلِ : سُنَيْهَة ، يَدُلُّ على ذلك التصغيرُ والتكسير ، قالوا : سُنَيْهَة وسُنَيْهات وسانَهْتُ ، قال شاعرهم :
وليسَتْ بِسَنْهَاء ولا رُجَّبِيَّةٍ *** ولكنْ عرايا في السنينِ الجوائِحِ
ومعنى " لم يَتَسَنَّهْ " على قولِنا : إنه من لفظِ السَّنَة ، أي : لم يتغيَّر بمَرِّ السنين عليه ، بل بقي على حالِه ، وهذا أَوْلى من قولِ أبي البقاء في أثناءِ كلامه " من قولك أَسْنى يُسْنِي إذا مَضَتْ عليه سِنونَ " لأنه يَصِيرُ المعنى : لم تَمْضِ عليه سنونَ ، وهذا يخالِفُهُ الحِسُّ والواقعُ .
وقرأ أُبَيّ : " لم يَسَّنَّه " بإدغام التاء في السين ، والأصل : " لم يَتَسَنَّه " كما قرئ { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ } [ الصافات : 8 ] ، والأصل : يَتَسَمَّعون فَأُدْغِم . وقرأ طلحة بن مصرف : " لمئة سنة " .
قوله : { وَلِنَجْعَلَكَ } فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنه متعلقٌ بفعلٍ محذوفٍ مقدَّرٍ بعده ، تقديرُهُ : ولنجعلكَ فَعَلْنا ذلك . والثاني : أنه معطوفٌ على محذوفٍ تقديرُهُ : فَعَلْنا ذلك لتعلَمَ قدرتَنا ولنجعلَكَ . الثالث : أن الواوَ زائدةٌ ، واللامُ متعلقةٌ بالفعلِ قبلَها أي : وانظُرْ إلى حمارِك لنعجلَكَ . وليس في الكلامِ تقديمٌ وتأخيرٌ كما زعم بعضُهم فقال : إنَّ قوله : " ولنجعلَكَ " مؤخر بعد قولِهِ : " وانظُرْ إلى العظامِ " ، وأَنْ الأنظارَ الثلاثةَ منسوقةٌ بعضُها على بعضٍ ، فُصِل بينها بهذا الجار ، لأنَّ النظرَ الثالثَ من تمامِ الثاني ، فلذلك لم تُجْعَل هذه العلةُ فاصلةً معترضةً . وهذه اللامُ لامُ كي ، والفعلُ بعدها منصوبٌ بإضمار " أَنْ " وهي وما بعدَها من الفعلِ في محلِّ جرٍ على ما سبَقَ بيانُهُ غيرَ مرةٍ . و " آية " مفعولٌ ثانٍ لأنَّ الجَعْلَ هنا بمعنى التصيير . و " للناس " صفةٌ لآية ، و " أل " في الناسِ قيل : للعهدِ إنْ عَنَى بهم بقيةَ قومِهِ . وقيل : للجنس إنْ عَنَى جميعَ بني آدم .
قوله : { كَيْفَ } منصوبٌ نصبَ الأحوالِ ، والعاملُ فيها " نُنْشِزُها " وصاحبُ الحالِ الضميرُ المنصوبُ في " نُنْشِزُها " ، ولا يعملُ في هذه الحالِ " انظُرْ " ، إذ الاستفهامُ له صدرُ الكلامِ ، فلا يعملُ فيه ما قبلَه ، هذا هو القولُ في هذه المسألةِ ونظائِرها .
وقال أبو البقاء : " كيف نُنْشِزُها في موضِعِ الحالِ من " العظام " ، والعامل في " كيف " ننشِزُها ، ولا يجوز أن يعمل فيها " انظر " لأنَّ الاستفهامَ لا يعملُ فيه ما قبلَه ، ولكن " كيف " و " نُنْشِزُها " جميعاً حالٌ من " العظام " ، والعاملُ فيها " انظر " تقديره : انظرْ إلى العظامِ مُحْياةً وهذا ليس بشيء ، لأن هذه جملة استفهام ، والاستفهام لا يقع حالاً ، وإنما الذي يقع حالاً وحدَه " كيف " ، ولذلك تُبْدَلُ منه الحالُ بإعادةِ حرفِ الاستفهامِ نحو : " كيف ضَرَبْتَ زيداً أقائماً أم قاعداً " ؟
والذي يقتضيه النظرُ الصحيحُ في هذه المسألةِ وأمثالِها أَنْ تكونَ جملةُ " كيف نُنْشِزُها " بدلاً من " العظام " ، فتكونَ في محلِّ نصبٍ ، وذلك أنَّ " نظر " البصرية تتعدَّى ب " إلى " ، ويجوزُ فيها التعليقُ كقولِهِ تعالى :
{ انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } [ هود : 21 ] فتكونُ الجملةُ في محلِّ نصبٍ ؛ لأن ما يتعدى بحرف الجر يكون ما بعده في محل نصب به . ولا بدَّ من حَذْفِ مضافٍ لتصِحَّ البدليةُ ، والتقديرُ : إلى حالِ العظام ، ونظيرُهُ قولُهم : " عَرفْتُ زيداً : أبو مَنْ هو ؟ فأبو مَنْ هو بدلٌ من " زيداً " ، على حذفٍ تقديرُهُ : " عَرَفْتُ قصةَ زيد " . والاستفهامُ في بابِ التعليقِ لا يُراد به معناه ، بل جرى في لسانِهم مُعَلَّقاً عليه حكمُ اللفظِ دونَ المعنى ، و [ هو ] نظيرُ " أيّ " في الاختصاص نحو : " اللهم اغفر لنا أَيَّتُها العِصابة " فاللفظُ كالنداء في جميعِ أحكامه ، وليس معناه عليه .
وقرأ أبو عمرو والحرميَّان : " نُنْشِرُها " بضم النون وكسر الشين والراءِ المهملةِ ، والباقون كذلك إلاَّ أنها بالزاي المعجمة . وابنُ عباس بفتح النونِ وضَمِّ الشين والراء المهملةِ أيضاً/ . والنخعي كذلك إلا أنها بالزاي المعجمةِ ، ونُقِلَ عنه أيضاً ضَمُّ الياء وفتحِها مع الراءِ والزاي .
فَأَمَّا قراءة الحرميّين : فَمِنْ " أَنْشَرَ اللَّهُ الموتى " بمعنى أَحْيَاهم ، وأمَّا قراءةُ ابنِ عباس فَمِنْ " نَشَر " ثلاثياً ، وفيه حينئذٍ وجهان ، أحدُهما : أَنْ يكونَ بمعنى أَفْعَلَ فتتحدَ القراءتان . والثاني : أَنْ يكونَ مِنْ " نَشَرَ " ضِدَّ طَوى أي يَبْسُطها بالإِحياءِ ، ويكونُ " نَشَرَ " أيضاً مطاوعَ أَنْشَرَ ، نحو : أَنْشَرَ الله الميت فَنَشَرَ ، فيكونُ المتعدي واللازمُ بلفظٍ واحد ، إلاَّ أنَّ كونَه مطاوعاً لا يُتَصَوَّر في هذه الآيةِ الكريمةِ لتعدِّي الفعل فيها ، وإنْ كان في عبارةٍ أبي البقاء في هذا الموضِعِ بعضُ إبهامٍ . ومِنْ مجيء " نشر " لازماً قوله :
حتى يقولَ الناسُ مِمَّا رَأَوا *** يا عجباً للميِّت الناشِرِ
فناشِر مِنْ نَشَر بمعنى حَيِيَ .
وأمَّا قراءةُ الزاي فَمِنْ " النَّشْز " وهو الارتفاعُ ، ومنه : " نَشْزُ الأرضِ " وهو المرتفعُ ، ونشوزُ المرأةِ وهو ارتفاعُها عن حالِها إلى حالةٍ أخرى ، فالمعنى : يُحَرِّك العظامَ ويرفعُ بعضَها إلى بعضٍ للإحياء .
قال ابنُ عطية : " وَيَقْلَقُ عندي أن يكونَ النشوزُ رَفْعَ العظامِ بعضِها إلى بعضٍ ، وإنما النشوزُ الارتفاعُ قليلاً قليلاً " ، قال : " وانظُر استعمالَ العربِ تجدْه كذلك ، ومنه : " نَشَزَ نابُ البعير " و " أَنْشَزُوا فَأَنْشَزوا " ، فالمعنى هنا على التدرُّجِ في الفعلِ فَجَعَل ابنُ عطية النشوزُ ارتفاعاً خاصاً .
ومَنْ ضَمَّ النونَ فَمِنْ " أَنْشَزَ " ، ومَنْ فَتَحَها فَمِنْ " نَشَزَ " ، يقال : " نَشَزه " و " أَنْشَزَه " بمعنىً . ومَنْ قرأ بالياءِ فالضميرُ لله تعالى . وقر أبُيّ " نُنْشِئُها " من النَّشْأَة . ورجَّح بعضُهم قراءة الزاي على الراء بِأَنْ قال : العِظامُ لا تُحْيَا على الانفرادِ بل بانضمامِ بعضِها إلى بعضٍ ، والزايُ أَوْلى بهذا المعنى ، إذ هو بمعنى الانضمام دونَ الإِحياءِ ، فالموصوفُ بالإِحياءِ الرجلُ دونَ العظامِ ، ولا يقال : هذا عَظمٌ حيٌّ ، وهذا ليس بشيءٍ لقولِه :
{ مَن يُحيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [ يس : 1 ] .
ولا بُدَّ من ضميرٍ محذوفٍ من قوله : " العِظام " أي العظامِ منه ، أي : من الحمارِ ، أو تكونُ " أل " قائمةً مقامَ الإِضافة أي عظامِ حمارِك .
قوله : { لَحْماً } مفعولٌ ثانٍ ل " نَكْسُوها " وهو من بابِ أعطى ، وهذا من الاستعارة ، ومثلُه قولُ لبيد :
الحمدُ للَّهِ إذْ لم يَأْتِنِي أَجَلي *** حتى اكتسَيْتُ من الإِسلامِ سِرْبالا
قوله : { فَلَمَّا تَبَيَّنَ } في فاعِل " تبيَّن " قولان ، أحدُهما : مضمرٌ يُفَسِّره سياقُ الكلام ، تقديرُهُ : فلمَّا تبيَّن له كيفيةُ الإِحياء التي استقر بها . وقدَّره الزمخشري : " فلمَّا تبيَّن له ما أَشْكَل عليه " يعني من أَمْر إحياء الموتى ، والأولُ أَوْلَى ، لأنَّ قوة الكلامِ تَدِلُّ عليه بخلافِ الثاني . والثاني - وبه بدأ الزمخشري - : أن تكونَ المسألةُ من بابِ الإِعمال ، يعني أن " تَبَيَّن " يطلُبُ فاعلاً ، و " أَعْلَمُ " يطلبُ مفعولاً ، و { أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } يصْلُح أن يكونَ فاعلاً لتبيَّن ، ومفعولاً لأعلَمُ ، فصارَتِ المسألةُ من التنازعِ ، وهذا نصُّه قال : " وفاعل " تبيَّن " مضمرٌ تقديرُه : فلمَّا تبيَّن له أن الله على كل شيء قدير قال : أَعْلَمُ أنَّ اللَّهَ على كل شيء قديرٌ ، فَحُذِفَ الأولُ لدلالةِ الثاني عليه ، كما في قولهم : " ضربني وضربتُ زيداً " فَجَعَله مِنْ بابِ التنازعِ كما ترى ، وجَعَله من إعمال الثاني وهو المختارُ عند البصريين ، فلمَّا أعملَ الثاني أَضْمَرَ في الأولِ فاعلاً ، ولا يجوزُ أن يكونَ من إعمال الأولِ ؛ لأنه كان يلزَمُ الإِضمارُ في الثاني بضميرِ المفعول فكان يُقال : فلما تبيَّن له قال أَعلمُه أن الله . ومثلُه في إعمالِ الثاني :
{ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } [ الكهف : 96 ] { هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ } [ الحاقة : 19 ] .
إلاَّ أنَّ الشيخَ ردَّ عليه بأنَّ شرطَ الإِعمالِ على ما نصَّ عليه النحويون اشتراكُ العاملَيْنِ ، وأَدْنى ذلك بحرف العطف - حتى لا يكونَ الفصلُ معتبراً - أو يكونُ العاملُ الثاني معمولاً للأول نحو : " جاءني يضحكُ زيدٌ " فإنَّ " يضحك " حالٌ عاملُها " جاءني " فيجعل في " جاءني " أو في " يضحك " ضميراً حتى لا يكونَ الفعلُ فاصلاً ، ولا يَردُ على هذا جَعلُهُم { آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ } [ النساء : 176 ] { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ } [ المنافقون : 5 ] { هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ } [ الحاقة : 19 ] من بابِ الإِعمال ، لأنَّ هذه العواملَ مشتركةٌ بوجهٍ ما من وجوهِ الاشتراك ، ولم يُحْصَرِ الاشتراكُ في العطفِ ولا العملِ ، فإذا كان على ما نَصُّوا فليس العاملُ الثاني مشتركاً مع الأولِ بحرفِ العطفِ ولا بغيره ، ولا هو معمولٌ للأولِ بل هو معمولٌ لقال ، و " قال " جوابُ " لَمَّا " إنْ قلنا إنَّها حرفٌ ، وعاملةٌ في " لَمَّا " إن قلنا إنها ظرفٌ ، و " تبيَّن " على هذا القولِ مخفوضٌ بالظرفِ ، ولم يذكر النحاةُ التنازعَ في نحو : " لو جاء قتلتُ زيداً " ولا " لَمَّا جاء ضربتُ زيداً " ولا " حين جاء قتلتُ زيداً " ولا " إذا جاء قتلت زيداً " ، ولذلك حَكَى النحاةُ أنَّ العربَ لا تقول : " أَكْرَمْتُ أهنتُ زيداً " - يعني لعدمِ الاشتراكِ بين العاملين - وقد ناقضَ قولَه حيث جَعَل الفاعلَ محذوفاً كما تقدَّم في عبارتِهِ ، والحذفُ ينافي الإِضمارَ ، فإنْ كان أرادَ بالإِضمارِ في قوله : " وفاعل تبيَّن مضمرٌ " الحذفَ فهو قول الكسائي ، لأنه لا يُجيز إضمارَ المرفوع قبلَ الذكر فيدَّعي فيه الحذفَ ويُنْشِدُ :
تَعَفَّقَ بالأَرْطى لها وأرادَها *** رجالٌ فَبَذَّت نبلَهم وكَلِيبُ
ولهذا تأويلٌ مذكورٌ ، ورُدَّ عيه بالسماع قال :
هَوَيْنَنِي وهَوَيْتُ الخُرَّدَ العُرُبا *** أزمانَ كنتُ منوطاً بي هوىً وصِبا
فقال : " هَوَيْنَنِي " فجاءَ في الأول بضمير الإِناث من غيرِ حذفٍ . انتهى ما رُدَّ به عليه ، وفيه نَظَرٌ لا يَخْفى .
وقرأ ابن عباس : " تُبُيِّن " مبنياً للمفعولِ ، والقائمُ مقامَ الفاعلِ الجارُّ والمجرورُ بعدَه . ابنُ السَّمَيْفَع " يُبَيِّن " من غيرِ تاءٍ مبنياً للمفعولِ ، والقائمُ مقامَه ضميرُ كيفيةِ الإِحياء أو الجارُّ والمجرورُ .
قوله : { قَالَ أَعْلَمُ } الجمهورُ على " قال " مبنياً للفاعلِ . وفي فاعلِهِ على قراءةِ حمزة والكسائي : " اعْلَمْ " أمراً من " عَلِمَ " قولان ، أظهرِهُما : أنه ضميرٌ يعودُ على اللِّهِ تعالى أو على المَلِكِ ، أي : قال اللَّهُ أو المَلِكُ أو المَلِكُ لذلك المارِّ اعْلَمْ . والثاني : أنه ضميرٌ يعودُ على المارِّ نفسهِ ، نَزَّلَ نفسَه منزلَةَ الأجنبي فخاطَبَهَا ، ومنه :
وَدِّعْ هُرَيْرَةَ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ألم تَغْتَمِضْ عيناك . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تطاولَ ليلُك . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يعني نفسَه . قال أبو البقاء : " ما تقولُ لنفسِك : اعلمْ يا عبدَ الله ، ويُسَمَّى هذا التجريدَ " يعني كأنه جَرَّد من نفسه مخاطباً يخاطِبُه . وأمَّا على قراءةِ غيرهما : " أعلمُ " مضارعاً للمتكلمِ ففاعلُ " قال " ضميرُ المارِّ ، أي : قال المارُّ : أعلَمُ أنا .
وقرأ الأعمش : " قيل " مبنياً للمفعولِ . والقائمُ مقامَ الفاعلِ : إمَّا ضميرُ المصدرِ من الفعلِ ، وإمَّا الجملةُ التي بعده ، على حَسَبَ ما تقدَّم في أولِ السورة .
وقرأ حمزة والكسائي : " اعلمْ " على الأمر ، والباقون : " أعلمُ " مضارعاً " والجعفي عن أبي بكر : " أَعْلِمُ " أمراً من " أَعْلَمَ " ، والكلامُ فيها كالكلامِ في قراءةِ حمزة والكسائي بالنسبةِ إلى فاعل " قال " ما هو ؟ و " أنَّ الله " في محلِّ نصب ، سادَّةً مسدَّ المفعولين ، أو الأولِ/ والثاني محذوفٌ على ما تقدم من الخلاف .