أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب في قوله { أو كالذي مر على قرية } قال : خرج عزير نبي الله من مدينته وهو شاب ، فمر على قرية خربة وهي خاوية على عروشها فقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها ؟ فأماته الله مائة عام ثم بعثه ، فأول ما خلق منه عيناه ، فجعل ينظر إلى عظامه وينظم بعضها إلى بعض ، ثم كسيت لحما ، ثم نفخ فيه الروح فقيل له : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما أو بعض يوم . قال : بل لبثت مائة عام ، فأتى مدينته وقد ترك جارا له اسكافا شابا ، فجاء وهو شيخ كبير .
واخرج إسحق بن بشر والخطيب وابن عساكر عن عبد الله بن سلام : أن عزيرا هو العبد الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه .
وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن عباس : أن عزير بن سروخا هو الذي فيه قال الله في كتابه { أو كالذي مر على قرية } الآية .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة وقتادة وسليمان بن بريدة والضحاك والسدي مثله .
واخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طرق عن ابن عباس وكعب والحسن ووهب يزيد بعضهم على بعض . أن عزيرا كان عبدا صالحا حكيما ، خرج ذات يوم إلى ضيعة له يتعاهدها ، فلما انصرف انتهى إلى خربة حين قامت الظهيرة أصابه الحر ، فدخل الخربة وهو على حمار له ، فنزل عن حماره ومعه سلة فيها تين وسلة فيها عنب ، فنزل في ظل تلك الخربة .
وأخرج قصعة معه ، فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعة ، ثم أخرج خبزا يابسا معه فألقاه في تلك القصعة في العصير ليبتل ليأكله ، ثم استلقى على قفاه وأسند رجليه إلى الحائط ، فنظر سقف تلك البيوت ورأى منها ما فيها وهي قائمة على عرشها وقد باد أهلها ، ورأى عظاما بالية فقال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها ! } فلم يشك أن الله يحييها ولكن قالها تعجبا .
فبعث الله ملك الموت فقبض روحه ، فأماته الله مائة عام ، فلما أتت عليه مائة عام وكان فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور وأحداث ، فبعث الله إلى عزير ملكا فخلق قلبه ليعقل به ، وعينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى ، ثم ركب خلقه وهو ينظر ، ثم كسا عظامه اللحم والشعر والجلد ، ثم نفخ فيه الروح كل ذلك يرى ويعقل ، فاستوى جالسا فقال له الملك : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما وذلك أنه كان نام في صدر النهار عند الظهيرة ، وبعث في آخر النهار والشمس لم تغب . فقال : أو بعض يوم ، ولم يتم لي يوم .
فقال له الملك : بل لبثت مائة عام ، فانظر إلى طعامك وشرابك ، يعني الطعام الخبز اليابس ، وشرابه العصير الذي كان اعتصر في القصعة ، فإذا هما على حالهما لم يتغير العصير والخبز اليابس ، فذلك قوله { لم يتسنه } يعني لم يتغير ، وكذلك التين والعنب غض لم يتغير عن حاله ، فكأنه أنكر في قلبه .
فقال له الملك : أنكرت ما قلت لك انظر إلى حمارك . فنظر فإذا حماره قد بليت عظامه وصارت نخرة ، فنادى الملك عظام الحمار فأجابت وأقبلت من كل ناحية حتى ركبه الملك وعزير ينظر إليه ، ثم ألبسها العروق والعصب ، ثم كساها اللحم ، ثم أنبت عليها الجلد والشعر ، ثم نفخ فيه الملك ، فقام الحمار رافعا رأسه وأذنيه إلى السماء ناهقا ، فذلك قوله { وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما } يعني انظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضا في أوصالها ، حتى إذا صارت عظاما مصورا حمارا بلا لحم ، ثم انظر كيف نكسوها لحما { فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير } من إحياء الموتى وغيره . قال فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس ، وأنكر الناس ، وأنكر منازله ، فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله ، فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم ، فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة كانت عرفته وعقلته فقال لها عزير : يا هذه أهذا منزل عزير ؟ قالت : نعم ، وبكت وقالت : ما رأيت أحدا من كذا وكذا سنة يذكر عزيرا وقد نسيه الناس . قال : فإني أنا عزير .
قالت : سبحان الله ! فإن عزيرا قد فقدناه منذ مائة سنة فلم نسمع له بذكر . قال : فإني أنا عزير ، كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني . قالت : فإن عزيرا كان رجلا مستجاب الدعوة ، يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء فادع الله أن يرد علي بصري حتى أراك ، فإن كنت عزيرا عرفتك . فدعا ربه ومسح يده على عينيها فصحتا ، وأخذ بيدها فقال : قومي بإذن الله ، فأطلق الله رجلها فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال ، فنظرت فقالت : أشهد أنك عزير .
فانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم وابن لعزير شيخ ابن مائة سنة وثمان عشرة سنة ، وبنو بنيه شيوخ في المجلس ، فنادتهم فقالت : هذا عزير قد جاءكم . فكذبوها فقالت : أنا فلانة مولاتكم ، دعا لي ربه فرد علي بصري وأطلق رجلي ، وزعم أن الله كان أماته مائة سنة ثم بعثه ، فنهض الناس فأقبلوا إليه فنظروا إليه فقال ابنه : كانت لأبي شامة سوداء بين كتفيه ، فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير ! فقالت بنو إسرائيل : فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة فيما حدثنا غير عزير ، وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبق منها شيء إلا ما حفظت الرجال فاكتبها لنا .
وكان أبوه سروخا قد دفن التوراة أيام بختنصر في موضع لم يعرفه أحد غير عزير ، فانطلق بهم إلى ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراة ، وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب ، فجلس في ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة ، فنزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه ، فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل ، فمن ثم قالت اليهود : عزير ابن الله للذي كان من أمر الشهابين ، وتجديده للتوراة ، وقيامه بأمر بني إسرائيل ، وكان جدد لهم التوراة بأرض السواد بدير حزقيل ، والقرية التي مات فيها يقال لها سابر أباد ، قال ابن عباس : فكان كما قال الله { ولنجعلك آية للناس } يعني لبني إسرائيل ، وذلك أنه كان يجلس مع بني بنيه وهم شيوخ وهو شاب ، لأنه كان مات وهو ابن أربعين سنة ، فبعثه الله شابا كهيئته يوم مات .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عبيد بن عمير في قوله { أو كالذي مر على قرية } قال : كان نبيا اسمه أورميا .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : إن أرميا لما خرب بيت المقدس وحرق الكتب ، وقف في ناحية الجبل فقال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها ؟ } فأماته الله مائة عام ثم بعثه وقد عمرت على حالها الأول ، فجعل ينظر إلى العظام كيف يلتئم بعضه إلى بعض ، ثم نظر إلى العظام تكسى عصبا ولحما { فلما تبين له قال : أعلم أن الله على كل شيء قدير } فقال : انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ، وكان طعامه تينا في مكتل ، وقلة فيها ماء .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله { أو كالذي مر على قرية } قال : القرية بيت المقدس مر بها عزير بعد أن خربها بختنصر .
وأخرج عن قتادة والضحاك والربيع . مثله .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سليمان السياري . سمعت رجلا من أهل الشام يقول : إن الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه اسمه حزقيل بن بوزا .
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال : كان أمر عزير وبختنصر في الفترة .
وأخرج إسحق وابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح قال : كان أمر عزير بين عيسى ومحمد .
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن وهب بن منبه قال : كانت قصة عزير وبختنصر بين عيسى وسليمان .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله { خاوية } قال : خراب .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة { خاوية } قال : ليس فيها أحد .
وأخرج عن الضحاك { على عروشها } قال : سقوفها .
وأخرج ابن جرير عن السدي { خاوية على عروشها } قال : ساقطة على سقفها .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } قال : أنى تعمرهذه بعد خرابها .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في البعث عن الحسن في قوله { فأماته الله مائة عام ثم بعثه } قال : ذكر لنا أنه أميت ضحوة وبعث حين سقطت الشمس قبل أن تغرب ، وأن أول ما خلق الله منه عيناه ، فجعل ينظر بهما إلى عظم كيف يرجع إلى مكانه .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : لبثت يوما ثم التفت فرأى بقية الشمس ، فقال : أو بعض يوم .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان طعامه الذي معه سلة من تين ، وشرابه زق من عصير .
وأخرج عن مجاهد قال : طعامه سلة تين ، وشرابه دن خمر .
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر من طرق عن ابن عباس في قوله { لم يتسنه } قال : لم يتغير .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس . أن نافع ابن الأزرق سأله عن قوله { لم يتسنه } قال : لم تغيره السنون . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
طاب منه الطعم والريح معا لن تراه يتغير من أسن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد { لم يتسنه } قال : لم ينتن .
وأخرج ابن راهويه في مسنده وأبو عبيد في الفضائل وعبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن هانئ البربري مولى عثمان قال : لما كتب عثمان المصاحف شكوا في ثلاث آيات ، فكتبوها في كتف شاة وأرسلوني بها إلى أبي بن كعب و زيد بن ثابت ، فدخلت عليهما فناولتها أبي بن كعب ، فقرأها فوجد فيها ( لا تبديل للخلق ذلك الدين القيم ) فمحا بيده أحد اللامين وكتبها ( لا تبديل لخلق الله ) ( الروم الآية 30 ) . ووجد فيها ( انظر إلى طعامك و شرابك لم يتسنن ) فمحا النون وكتبها { لم يتسنه } .
وقرأ فيها ( فأمهل الكافرين ) فمحا الألف و كتبها ( فمهل ) ( الطارق الآية 17 ) . و نظر فيها زيد بن ثابت ، ثم انطلقت بها إلى عثمان فأثبتوها في المصاحف كذلك .
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري عن هانئ قال : كنت الرسول بين عثمان وزيد بن ثابت ، فقال زيد : سله عن قوله ( لم يتسنن ) أو { لم يتسنه } فقال عثمان : اجعلوا فيها هاء .
وأخرج سفيان بن عيينة وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { و لنجعلك آية للناس } قال : كان يوم بعث ابن مائة وأربعين شابا ، وكان ولده أبناء مائة سنة وهم شيوخ .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود . مثله .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله { كيف ننشزها } قال : نخرجها .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { لم يتسنه } قال : لم يفسد بعد مائة حول ، والطعام والشراب يفسد في أقل من ذلك { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } يقول : نشخصها عضوا عضوا .
وأخرج الحاكم و صححه عن زيد بن ثابت . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قرأ { كيف ننشزها } بالزاي .
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده وعبد بن حميد وابن المنذر عن زيد بن ثابت أنه قرأ { كيف ننشزها } بالزاي ، وأن زيد أعجم عليها في مصحفه .
وأخرج مسدد عن أبي بن كعب أنه قرأ { كيف ننشزها } أعجم الزاي .
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد من طرق عن ابن عباس أنه كان يقرأ ( ننشرها ) بالراء .
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح أنه قرأ ( ننشرها ) بالراء .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن . مثله .
وأخرج ابن جرير عن السدي { كيف ننشزها } قال : نحركها .
وأخرج عن ابن زيد { كيف ننشزها } قال : نحييها .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ { فلما تبين له قال أعلم } قال : إنما قيل له ذلك .
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ { قال أعلم } ويقول : لم يكن بأفضل من إبراهيم ، قال الله ( وأعلم أن الله ) .
وأخرج ابن جرير عن هارون قال : في قراءة ابن مسعود " قيل أعلم أن الله " على وجه الأمر .
وأخرج ابن أبي داوود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله ( قيل أعلم ) .