لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{فَفَهَّمۡنَٰهَا سُلَيۡمَٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَيۡنَا حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ يُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّيۡرَۚ وَكُنَّا فَٰعِلِينَ} (79)

ففي مسألة واحدة اثبت لسليمان - عليه السلام - بها خصوصية ؛ إذ مَنَّ عليه بقوله : { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } ولم يَمُنْ عليه بشيءٍ من المُلْكِ الذي أعطاه بمثل ما منَّ عليه بذلك ، وفي هذه المسألة دلالة على تصويب المجتهدين - وإن اختلفوا - إذا كان اختلافُهم في فروع الدِّين ، حيث قال : { وَكُلاًّ ءَاتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً } ولمن قال بتصويب أحدهما وتخطئه الآخر فله تعلُّقٌ بقوله : { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } .

قوله جلّ ذكره : { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ } .

أمَرَ الجبالَ وسخَّرها لتساعدَ داودَ - عليه السلام - في التسبيح ، ففي الأثر ، كان داود - عليه السلام - يمرُّ وصُفَاحُ الجبالِ تجاوبه ، وكذلك الطيور كانت تساعده عند تأويبه .