تفسير الأعقم - الأعقم  
{فَفَهَّمۡنَٰهَا سُلَيۡمَٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَيۡنَا حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ يُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّيۡرَۚ وَكُنَّا فَٰعِلِينَ} (79)

{ ففهّمناها سليمان } أي فتحنا له طريق الحكومة ، وقيل : فهم سليمان قيمة ما أفسدت الغنم ، ويقال : كيف كان قصة الحرث وما الذي حكما به ؟ قالوا : إنهما اختصما إليه صاحب الحرث وصاحب الغنم الذي أفسدت الحرث فحكم داوود بالغنم لصاحب الحرث ، فقال سليمان وهو ابن اثني عشر سنة غير هذا أرفق بالفريقين ، فعزم عليه ليحكمن فقال : أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الحرث ينتفعون بها بألبانها وأولادها وأصوافها ، والحرث إلى أرباب الشاء يقومون عليه حتى يعود كهيئته يوم أفسد ثم يترادان ، فقال : القضاء ما قضيت وأمضى الحكم ، فإن قيل حكما بوحي أم باجتهاد ؟ قيل : جميعاً بالوحي ، وقيل : اجتهدا جميعاً فجاء اجتهاد سليمان أشدّ بالصواب ، وفي قوله : { ففهّمناها سليمان } دليل على أن الصواب كان مع سليمان ، وفي قوله : { وكلا آتينا حكماً وعلماً } دليل على أنهما كانا جميعاً على الصواب { وسخّرنا مع داوود الجبال يسبحن } فإن قيل : لم قدم الجبال على الطير ؟ قيل : تسبيحها وتسخيرها أعجب وأدل على القدرة وأدخل في الإِعجاز لأنها جماد { والطير } حيوان ناطق ، روي أنه كان يمر بالجبال مسبحاً وهي تجاوبه ، وقيل : كانت تسير معه حيث سار ، قال جار الله : فإن قلت : كيف تنطق الجبال وتسبح ؟ قلتُ : لأن الله يخلق فيها الكلام كما خلقه في الشجرة حين كلم موسى ، وجواب آخر وهو أن يسبح من رآها تسير بسير الله فكما حملت على التسبيح وصفت { وكنا فاعلين } أي قاصرين على أن نفعل هذا