لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (200)

الصبر فيما تفرد به العبد ، والمصابرة مع العدو .

والرباط نوع من الصبر ولكن على وجه مخصوص .

ويقال أول الصبر التصبر ، ثم الصبر ثم المصابرة ثم الاصطبار وهو نهاية .

ويقال اصبروا على الطاعات وعن المخالفات ، وتصابروا في ترك الهوى والشهوات ، وقطع المنى والعلاقات ، ورابطوا بالاستقامة في الصحبة في عموم الأوقات والحالات .

ويقال اصبروا بنفوسكم وصابروا بقلوبكم ، ورابطوا بأسراركم .

ويقال اصبروا على ملاحظة الثواب ، وصابروا على ابتغاء القربة ، ورابطوا في محل الدنوِّ والزلفة - على شهود الجمال والعِزَّة .

والصبر مُرٌّ مَذَاقُه إذا كان العبد يتحسَّاه على الغيبة ، وهو لذيذٌ طعمُه إذا شربه على الشهود والرؤية .

{ واتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } : الفَلاَحُ الظَّفَرُ بالبُغْيَة ، وهِمَّتُهم اليوم الظفر بنفوسهم ، فعند ذلك يتم خلاصهم ، وإذا ظفروا بنفوسهم ذبحوها بسيوف المجاهدة ، وصلبوها على عيدان المكابدة ، وبعد فنائهم عنها يحصل بقاءهم بالله .