المرابطة : الملازمة في الثغر للجهاد ، وأصلها من ربط الخيل .
{ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } ختم الله تعالى هذه السورة بهذه الوصاية التي جمعت الظهور في الدنيا على العدو ، والفوز بنعيم الآخرة ، فأمره تعالى بالصبر والمصابرة والرباط .
فقيل : اصبروا وصابروا بمعنى واحد للتأكيد .
وقال الحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وابن جريج : اصبروا على طاعة الله في تكاليفه ، وصابروا أعداء الله في الجهاد ، ورابطوا في الثغور في سبيل الله .
أي : ارتبطوا الخيل كما يرتبطها أعداؤكم .
وقال أُبي ومحمد بن كعب القرظي : هي مصابرة وعد الله بالنصر ، أي : لا تسأموا وانتظروا الفرج .
وقيل : رابطوا ، استعدوا للجهاد كما قال : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : الرباط انتظاراً الصلاة بعد الصلاة ، ولم يكن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم غزو مرابط فيه .
واحتج بقوله عليه السلام : « ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ثلاثاً » فعلى هذا لا يكون رابطوا من باب المفاعلة .
قال ابن عطية : والقول الصحيح هو أن الرباط هو الملازمة في سبيل الله ، أصلها من ربط الخيل ، ثم سمى كل ملازم لثغر من ثغور الإسلام مرابطاً ، فارساً كان أو راجلاً ، واللقطة مأخوذة من الربط .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فذلكم الرباط إنما هو تشبيه بالرباط في سبيل الله ، إذ انتظار الصلاة إنما هو سبيل من السبل المنجية ، والرباط اللغوي هو الأول .
والمرابط في سبيل الله عند الفقهاء هو الذي يشخص إلى ثغر من الثغور ليرابط فيه مدة ما قاله : ابن المواز ، ورواه .
فأما سكان الثغور دائماً بأهليهم الذين يعتمرون ويكتسبون هناك فهم وإن كانوا حماة ، ليسوا بمرابطين انتهى كلامه .
وقال الزمخشري : وصابروا أعداء الله في الجهاد أي غالبوهم في الصبر على شدائد الحرب ، لا تكونوا أقل صبراً منهم وثباتاً .
والمصابرة باب من الصبر ، ذكر بعد الصبر على ما يجب الصبر عليه تحقيقاً لشدته وصعوبته .
ورابطوا : وأقيموا في الثغور رباطين خيلكم فيها مترصدين مستعدين للغزو .
قال الله تعالى : { قال الله تعالى : { ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } وعن النبي صلى الله عليه وسلم : « من رابط يوماً وليلة في سبيل الله كان كعدل صيام شهر وقيامه لا يفطر ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجة » انتهى كلام الزمخشري .
وفي البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها » وفي مسلم : « رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه رزقه وأمن الفتان » وفي سنن أبي داود قال : « كل الميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتاني القبر » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.