لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰٓ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَهُمۡ فَنَسُواْ حَظّٗا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَأَغۡرَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَاوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَسَوۡفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (14)

الإشارة في هذه الآية أن النصارى أثبت لهم الاسم بدعواهم فقال : { قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } وسموا نصارى لتناصرهم ، وبدعواهم حرَّفوا وبدَّلوا ؛ وأما المسلمون فقال : { هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ } [ الحج : 78 ] .

كما قال : { وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } [ المائدة : 2 ] فلا جَرَمَ ألا يسموا بالتناصر . ولمَّا سمَّاهم الحقُّ بالإسلام ورَضِيَ لَهم به صانهم عن التبديل فَعُصِمُوا .

ولما استمكن منهم النسيان أبدلوا بالعداوة فيما بينهم ، وفساد ذات البين ؛ فأرباب الغفلة لا ألفة بينهم . وأهل الوفاء لا مباينة لبعضهم من بعض ، قال صلى الله عليه وسلم : " المؤمنون كنفس واحدة " ، وقال تعالى في صفة أهل الجنة :{ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ }[ الصافات : 44 ] .