السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰٓ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَهُمۡ فَنَسُواْ حَظّٗا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَأَغۡرَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَاوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَسَوۡفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (14)

{ ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم } أي : وأخذنا من النصارى ميثاقهم كما أخذنا ممن قبلهم .

فإن قيل : هلا قال من النصارى ؟ أجيب : بأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادّعاء لنصرة الله تعالى لقولهم لعيسى : { نحن أنصار الله } ( آل عمران ، 52 ) وليسوا موصوفين به قال الحسن : فيه دليل على أنهم نصارى بتسميتهم لا بتسمية الله تعالى { فنسوا } أي : تركوا ترك الناسي { حظاً } أي : نصيباً عظيماً يتنافس في مثله { مما ذكّروا به } أي : في الإنجيل من الإيمان ومن أوصاف محمد صلى الله عليه وسلم وغير ذلك ونقضوا الميثاق { فأغرينا } أي : أوقعنا { بينهم } أي : النصارى بعد أن جعلناهم فرقاً متباينين وهم نسطورية ويعقوبية وملكانية وكذا بينهم وبين اليهود { العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } أي : بتفرّقهم واختلاف أهوائهم فكل فرقة تكفر الأخرى وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير بتحقيق الهمزة الأولى وتسهيل الثانية والباقون بتحقيقهما { وسوف ينبئهم الله } أي : يجزيهم في الآخرة { بما كانوا يصنعون } فيجازيهم عليه .