الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰٓ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَهُمۡ فَنَسُواْ حَظّٗا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَأَغۡرَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَاوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَسَوۡفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (14)

قوله ( وَمِنَ الذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ ) الآية [ 15 ] .

هذا في الإعراب كقولك " من زيد أخذت درهمه " ( {[15271]} ) وهو حسن ، ولو قلت : " درهمه من زيد ( " أخذت " ، و " ميثاقهم من الذين قالوا إنا نصارى أخذنا " ، و " أخذت درهمه من زيد " )( {[15272]} ) ، و( {[15273]} ) " ( أَلْيَنَهَا لبِست من الثياب )( {[15274]} ) " ، لم يجز [ لتقدم ]( {[15275]} ) المضمر على المظهر( {[15276]} ) .

ومعنى الآية : أن الله تعالى أعلمنا أنه أخذ أيضاً من النصارى ميثاقهم( {[15277]} ) ، فسلكوا مسلك اليهود ، فبدلوا ونقضوا وتركوا حظهم الذي( {[15278]} ) ذكّروا به من الإنجيل مثل اليهود( {[15279]} ) .

وقوله : ( فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ ) أي : حرضنا( {[15280]} ) وألقينا . وهي الأهواء المختلفة والتباغض والخصومات في الدين( {[15281]} ) التي بين اليهود والنصارى( {[15282]} ) .

وقيل : بين النصارى بعضهم مع بعض ، وبين اليهود بعضهم مع بعض( {[15283]} ) . والهاء والميم في ( بَيْنَهُمُ )( {[15284]} ) تعود على اليهود والنصارى( {[15285]} ) .

وقيل : على النصارى( {[15286]} ) ، لأنهم قد افترقوا فرقاً منهم : النسطورية( {[15287]} ) واليعقوبية( {[15288]} ) و[ الملكانية ]( {[15289]} ) وغير ذلك ، فالعداوة( {[15290]} ) بين بعضهم مع بعض( {[15291]} ) .


[15271]:- انظر: معاني الأخفش 467، وإعراب النحاس 1/487 الذي حكاه عن الأخفش، وإعراب مكي 221.
[15272]:- ساقطة من ب ج د.
[15273]:- ب ج د: او.
[15274]:- ب: ابنيها ليست من الثياب. ج: البنها ليست من التياب. د: البنها ليست من الثياب.
[15275]:- أ د: لتقديم.
[15276]:- د: المطهر. وانظر: إعراب النحاس 1/488، وإعراب مكي 221، وانظر: إعراب ابن الأنباري 1/287، وإعراب العكبري 427.
[15277]:- ب: ميتقهم. د: ميثاقهم.
[15278]:- ب ج د: التي.
[15279]:- هو قول قتادة والسدي في تفسير الطبري 10/135 و136.
[15280]:- ب: حرصنا. وفي تفسير الطبري 10/136: حرّشنا. "(وأغرينا) من واو، واشتقاقه من الغِراء وهو الذي يُلصَق به، يقال: سهم مَغْروّ" إعراب العكبري 428.
[15281]:- هو قول النخعي والتيمي وابن قرة، واختيار الطبري في تفسيره 10/136 و137.
[15282]:- انظر: المحرر 5/62، والتفسير الكبير 11/188 و189، والدر 3/42.
[15283]:- انظر: التفسير الكبير 11/189، والدر 2/42 و43.
[15284]:- ب ج د: لعناهم.
[15285]:- هو قول السدي وابن زيد ومجاهد وقتادة في تفسير الطبري 10/138، ولم يذكر ابن زيد في تفسير البحر 3/447.
[15286]:- اختاره النحاس في إعرابه 1/488.
[15287]:- ب ج د: النصطورية. وهم "منسوبون إلى "نسطور"، وكان بطريركاً بالقسطنطينية" الفصل 1/111، وفي الملل 225: "أصحاب "نسطور" الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون".
[15288]:- ج د: ليعقوبية. وهم "ينسبون إلى "يعقوب" البرذعاني، وكان راهباً بالقسطنطينية" الفصل 1/112، وانظر: الملل 226.
[15289]:- في أ: الملكية. وعليها علامة تضبيب لتستدرك بلفظة "صح" في الهامش المخروم. ب: المكبلة. ج د: الملكية. وفي تفسير الطبري 10/140، كما في ج د. و"الملكانية: أصحاب "ملكا" الذي ظهر بأرض الروم واستولى عليها، ومعظم الروم ملكانية" الملل ص 223، وفي الفصل 1/110 و111 أنها أعظم فرق النصارى، وهي مذهب معظم ملوكهم وشعوبهم في كل العالم. هذا وقد ذكر ابن حزم هذه الفرقة أيضاً بلفظ آخر هو "الملكية" انظر: الفصل 1/117 و118. ولفظ "الملكانية" في معاني الزجاج 2/161، ونقله عنه في تفسير البحر 3/447.
[15290]:- ب د: بالعداوة.
[15291]:- هو قول الربيع بن أنس واختيار الطبري في تفسيره 10/139 و140، وقول الزجاج في معانيه 2/161، وانظر: تفسير البحر 3/447.