الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰٓ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَهُمۡ فَنَسُواْ حَظّٗا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَأَغۡرَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَاوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَسَوۡفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (14)

{ أَخَذْنَا ميثاقهم } أخذنا من النصارى ميثاق من ذكر قبلهم من قوم موسى ، أي مثل ميثاقهم بالإيمان بالله والرسل وبأفعال الخير ، وأخذنا من النصارى ميثاق أنفسهم بذلك .

فإن قلت : فهلا قيل : من النصارى ؟ قلت : لأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادعاء لنصرة الله ، وهم الذين قالوا لعيسى : نحن أنصار الله ، ثم اختلفوا بعد : نسطورية ، ويعقوبية ، وملكانية . أنصاراً للشيطان { فَأَغْرَيْنَا } فألصقنا وألزمنا من غري بالشيء إذا لزمه ولصق به وأغراه غيره . ومنه الغراء الذي يلصق به { بَيْنَهُمْ } بين فرق النصارى المختلفين . وقيل : بينهم وبين اليهود . ونحوه { وكذلك نُوَلّى بَعْضَ الظالمين بَعْضاً } [ الأنعام : 129 ] ، { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } [ الأنعام : 69 ] .