في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (33)

14

وينتقل إلى مشهد ثالث . مشهد لوط وقد جاء إليه الملائكة في هيئة فتية صباح ملاح ؛ وهو يعلم شنشنة قومه ، وما ينتظر ضيوفه هؤلاء منهم من سوء لا يملك له دفعا . فضاق صدره وساءه حضورهم إليه ، في هذا الظرف العصيب :

( ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا ) . .

ويختصر هنا هجوم القوم على الضيوف ، ومحاورة لوط لهم ، وهم في سعار الشذوذ المريض . . ويمضي إلى النهاية الأخيرة . إذ يكشف له الرسل عن حقيقتهم ، ويخبرونه بمهمتهم ، وهو في هذا الكرب وذلك الضيق :

( وقالوا : لا تخف ولا تحزن . إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (33)

والضمير في { بهم } في الموضعين عائد على الأضياف الرسل ، وذلك من تخوفه لقومه عليهم فلما أخبروه بما هم فيه فرج عنه ، وقرأ عامة القراء «سِيء » بكسر السين ، وقرأ عيسى وطلحة بضمها ، و «الرجز » ، العذاب ، وقوله : { بما كانوا يفسقون } ، أي عذابهم بسبب فسقهم ، وكذلك كل أمة عذبها الله ، فإنما عذبها على الفسوق والمعصية لكن بأن يقترن ذلك بالكفر الذي يوجب عذاب الآخرة ، وقرأ أبو حيوة والأعمش «يفسِقون » بكسر السين ، وقوله تعالى : { ولقد تركنا منها } أي من خبرها وما بقي من أثرها ، ف «من » لابتداء الغاية ويصح أن تكون للتبعيض على أن يريد ما ترك من بقايا بناء القرية ومنظرها ، و «الآية » موضع العبرة وعلامة القدرة ومزدجر النفوس عن الوقوع في سخط الله تعالى .