في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ} (26)

17

والتعقيب القرآني الذي جاء بعد القصة يكشف كذلك عن طبيعة الفتنة ؛ ويحدد التوجيه المقصود بها من الله لعبده الذي ولاه القضاء والحكم بين الناس :

( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ، فاحكم بين الناس بالحق . ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله . إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد . بما نسوا يوم الحساب ) . .

فهي الخلافة في الأرض ، والحكم بين الناس بالحق ، وعدم اتباع الهوى . واتباع الهوى - فيما يختص بنبي - هو السير مع الانفعال الأول ، وعدم التريث والتثبت والتبين . . مما ينتهي مع الاستطراد فيه إلى الضلال . أما عقب الآية المصور لعاقبة الضلال فهو حكم عام مطلق على نتائج الضلال عن سبيل الله . وهو نسيان الله والتعرض للعذاب الشديد يوم الحساب .

ومن رعاية الله لعبده داود ، أنه نبهه عند أول لفتة . ورده عند أول اندفاعه . وحذره النهاية البعيدة . وهو لم يخط إليها خطوة ! وذلك فضل الله على المختارين من عباده . فهم ببشريتهم قد تعثر أقدامهم أقل عثرة ، فيقيلها الله ، ويأخذ بيدهم ، ويعلمهم ، ويوفقهم إلى الإنابة ، ويغفر لهم ، ويغدق عليهم ، بعد الابتلاء . .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ} (26)

شرح الكلمات :

{ إنا جعلناك خليفة } : أي خلفت من سبقك تدبر أمر الناس بإِذننا .

{ ولا تتبع الهوى } : أي هوى النفس وهو ما تميل إليه مما تشتهيه .

{ فيضلك عن سبيل الله } : أي عن الطريق الموصل إلى رضوانه .

{ إن الذين يضلون عن سبيل الله } : أي يخطئون الطريق الموصل إلى رضوانه وهو الإِيمان والتقوى .

{ بما نسوا يوم الحساب } : أي بنسيانهم يوم القيامة فلم يتقوا الله تعالى .

المعنى :

ما زال السياق في ذكر قصة داود للعظة والاعتبار وتثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى { يا داود } أي وقلنا له أي بعد توبته وقبولها يا داود { إنا جعلناك خليفة في الأرض } خلفت من قبلك من الأنبياء تدبر أمر الناس { فاحكم بين الناس بالحق } أي بالعدل الموافق لشرع الله ورضاه ، { ولا تتبع الهوى } وهو ما تهواه نفسك دون ما هو شرع الله ، { فيضلك } أي اتباع الهوى يضلك عن سبيل الله المفضي بالعباد إلى الإِسعاد والكمال وذلك أنّ الأحكام إذا كانت مطابقة للشريعة الإِلهية انتظمت بها مصالح العباد ونفعت العامة والخاصة أما إذا كانت على وفق الهوى وتحصيل مقاصد النفس للحاكم لا غير أفضت إلى تخريب العالم بوقوع الهرج والمرج بين الناس وفي ذلك هلاك الحاكم والمحكومين ، وقوله تعالى { إن الذين يضلون عن سبيل الله } القائم على الإِيمان والتقوى وإقامة الشرع والعدل هؤلاء { لهم عذاب شديد في الدنيا والآخرة بما نسوا يوم الحساب } أي بسبب نسيانهم ليوم القيامة فتركوا العمل له وهو الإِيمان والتقوى التقوى التي هي فعل الأوامر الإِلهية واجتناب النواهي في العقيدة والقول والعمل .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب الحكم بالعدل على كل من حكم ولا عدل في غير الشرع الإِلهي .

- حرمة اتباع الهوى لما يفضي بالعبد غلى الهلاك والخسار .

- تقرير البعث والجزاء .