الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ} (26)

قوله : { فَيُضِلَّكَ } : فيه وجهان ، أظهرُهما : أنه منصوبٌ في جوابِ النهي . والثاني : أنه عطفٌ على " لا تَتَّبِعْ " فهو مجزومٌ ، وإنما فُتِحَتْ اللامُ لالتقاء الساكنين ، وهو نهيٌ عن كل واحدٍ على حِدَتِه ، والأولُ فيه النهيُ عن الجمع بينهما . وقد يَتَرَجَّح الثاني لهذا المعنى . وقد تقدَّم تقريرُ ذلك في البقرة في قوله : { وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ } [ البقرة : 42 ] . وفاعل " فَيُضِلَّك " يجوزُ أَنْ يكونَ " الهوى " ويجوزُ أَنْ يكونَ ضميرَ المصدرِ المفهوم من الفعل أي : فيُضِلَّك اتِّباعُ الهوى . والعامَّةُ على فتحِ " يَضِلُّون " ، وقرأ ابنُ عباس والحسن وأبو حيوة " يُضِلُّون " بالضمِّ أي : يُضِلُّون الناسَ ، وهي مُسْتَلْزِمَةٌ للقراءةِ الأولى ، فإنه لا يُضِلُّ غيرَه إلاَّ ضالٌّ بخلافِ العكسِ .

قوله : " بما نَسُوا " " ما " مصدريَّةٌ . والجارُّ يتعلَّقُ بالاستقرار الذي تضمنَّه " لهم " . و " لهم عذابٌ " يجوزُ أَنْ تكونَ جملةً خبراً ل " إنَّ " ، ويجوزُ أَنْ يكونَ الخبرُ وحدَه الجارَّ . و " عذابٌ " فاعلٌ به وهو الأحسنُ لقُرْبِه من المفرد .