{ يا داود إن جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب } .
جعله تعالى داود خليفة في الأرض يدل على مكانته عليه السلام ، عنده واصطفائه ، ويدفع في صدر من نسب إليه شيئاً مما لا يليق بمنصب النبوّة .
واحتمل لفظ خليفة أن يكون معناه : تخلف من تقدمك من الأنبياء ، أن يعلي قدرك بجعلك ملكاً نافذ الحكم ، ومنه قيل : خلفاء الله في أرضه .
واستدل من هذه الآية على احتياج الأرض إلى خليفة من الله ، ولا يلزم ذلك من الآية ، بل لزومه من جهة الشرع والإجماع .
قال ابن عطية : ولا يقال خليفة الله إلا لرسول .
وأما الخلفاء ، فكل واحد منهم خليفة الذي قبله ، وما يجيء في الشعر من تسمية أحدهم خليفة الله فذلك تجوز ، كما قال قيس الرقيات :
خليفة الله في بريته *** حقت بذاك الأقلام والكتب
وقالت الصحابة لأبي بكر : خليفة رسول الله ، وبذلك كان يدعى مدته .
فلما ولي عمر قالوا : خليفة خليفة رسول الله ، وطال الأمر وزاد أنه في المستقبل ، فدعوه أمير المؤمنين ، وقصر هذا الاسم على الخلفاء . انتهى .
{ فاحكم بين الناس بالحق } : أمر بالديمومة ، وتنبيه لغيره ممن ولي أمور الناس .
فمن حيث هو معصوم لا يحكم إلا بالحق ، أمر أولاً بالحكم ؛ ولما كان الهوى قد يعرض لغير المعصوم ، أمر باجتنابه ، وذكر نتيجة اتباعه ، وهو إضلاله عن سبيل الله .
و { فيضلك } : جواب للنهي ، والفاعل في فيضلك ضمير { الهوى } ، أو ضمير المصدر المفهوم من { ولا تتبع } ، أي فيضلك اتباع الهوى .
ولما ذكر ما ترتب على اتباع الهوى ، وهو الإضلال عن سبيل الله ، ذكر عقاب الضال .
وقرأ الجمهور : { يضلون } ، بفتح الياء ، لأنهم لما أضلهم اتباع الهوى صاروا ضالين .
وقرأ ابن عباس ، والحسن : بخلاف عنهما ؛ وأبو حيوة : بضم الياء ، وهذه القراءة أعم ، لأنه لا يضل الإضال في نفسه ؛ وقراءة الجمهور أوضح .
و { بما نسوا } : متعلق بما تعلق به لهم ، ونسوا : تركوا ، و { يوم } : يجوز أن يكون منصوب بنسوا ، أو بما تعلق به لهم ، ويكون النسيان عبارة عن ضلالهم عن سبيل الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.