في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

49

ثم أنزل الله تحريم من عدا نسائه اللواتي في عصمته فعلا ، لا من ناحية العدد ، ولكن هن بذواتهن لا يستبدل بهن غيرهن ؛ ولم يعرف أن رسول الله قد زاد عليهن قبل التحريم :

( لا يحل لك النساء من بعد ، ولا أن تبدل بهن من أزواج - ولو أعجبك حسنهن )لا يستثني من ذلك - ( إلا ما ملكت يمينك ) . . فله منهن ما يشاء . . ( وكان الله على كل شيء رقيبا ) . . والأمر موكول إلى هذه الرقابة واستقرارها في القلوب .

وقد روت عائشة - رضي الله عنها - أن هذا التحريم قد ألغي قبل وفاة النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وتركت له حرية الزواج . ولكنه [ صلى الله عليه وسلم ] لم يتزوج كذلك غيرهن بعد هذه الإباحة . فكن هن أمهات المؤمنين . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

ذكر غير واحد من العلماء - كابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وابن زيد ، وابن جرير ، وغيرهم - أن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضًا عنهن ، على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة ، لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما تقدم في الآية . فلما اخترن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان جزاؤهن أن [ الله ]{[23694]} قَصَره عليهن ، وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن ، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ، ولو أعجبه حسنهن إلا الإماء والسراري فلا حجر عليه فيهن . ثم إنه تعالى رفع عنه الحجر{[23695]} في ذلك ونسخ حكم هذه الآية ، وأباح له التزوج{[23696]} ، ولكن لم يقع منه بعد ذلك تَزَوّج لتكون المنة للرسول{[23697]} صلى الله عليه وسلم عليهن .

قال{[23698]} الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النساء{[23699]} .

ورواه أيضا من حديث ابن جُرَيْج ، عن عَطاء ، عن عبيد بن عمير{[23700]} ، عن عائشة . ورواه الترمذي والنسائي في سننيهما{[23701]} .

وقال{[23702]} ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زُرْعَة ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة ، حدثني عمر بن أبي بكر ، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي{[23703]} ، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله{[23704]} ، عن عبد الله بن وهب بن زَمْعَة ، عن أم سلمة أنها قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحلَّ الله له أن يتزوج من النساء ما شاء ، إلا ذات محرم ، وذلك قول الله ، عز وجل : { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ } .

فجعلت هذه ناسخة للتي بعدها في التلاوة ، كآيتي عدة الوفاة في البقرة ، الأولى ناسخة للتي بعدها ، والله{[23705]} أعلم .

وقال آخرون : بل معنى الآية : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } أي : من بعد ما ذكرنا لك من صفة النساء اللاتي أحللنا لك من نسائك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك ، وبنات العم والعمات{[23706]} والخال والخالات{[23707]} والواهبة وما سوى ذلك من أصناف النساء فلا يحل لك . هذا مرويّ عن أبي بن كعب ، ومجاهد ، وعِكْرِمة ، والضحاك - في رواية - وأبي رَزِين - في رواية عنه - وأبي صالح ، والحسن ، وقتادة - في رواية - والسدي ، وغيرهم .

قال ابن جرير : حدثنا يعقوب ، حدثنا ابن عُلَيَّة ، عن داود بن أبي هند ، حدثني محمد بن أبي موسى ، عن زياد - رجل من الأنصار{[23708]} - قال : قلت لأبي بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تُوُفين ، أما كان له أن يتزوج ؟ فقال : وما يمنعه من ذلك ؟ قال : قلت : قوله : { لا يَحِلُّ {[23709]} لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } . فقال : إنما أحل الله له ضربا من النساء ، فقال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } إلى قوله : { إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } ثم قيل له : { لا يَحِلُّ{[23710]} لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } .

ورواه عبد الله بن أحمد من طرق ، عن داود ، به{[23711]} . وروى الترمذي ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء ، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات بقوله : { لا يَحِلُّ {[23712]} لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } ، فأحل الله فتياتكم المؤمنات { وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } ، وحرم كل ذات دين غير الإسلام ، ثم قال : { وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } و قال { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ }{[23713]} إلى قوله : { خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } ، وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء{[23714]} .

وقال مجاهد : { لا يَحِلُّ {[23715]} لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } أي : من بعد ما سمى لك ، لا{[23716]} مسلمة ولا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة .

وقال أبو صالح : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ }{[23717]} : أمر ألا يتزوج أعرابية ولا غربية{[23718]} ، ويتزوج بعد من نساء تهامة ، وما شاء من بنات العم والعمة ، والخال والخالة ، إن شاء ثلاثمائة .

وقال عكرمة : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ }{[23719]} أي : التي سمى الله .

واختار ابن جرير ، رحمه الله ، أن الآية عامة فيمن ذكر من أصناف النساء ، وفي النساء اللواتي في عصمته وكن تسعا . وهذا الذي قاله جيد ، ولعله مراد كثير ممن حكينا عنه من السلف ؛ فإن كثيرا منهم روي عنه هذا وهذا ، ولا منافاة ، والله أعلم .

ثم أورد ابن جرير على نفسه ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها ، وعزم على فراق سودة حتى وهبته يومها لعائشة ، ثم أجاب بأن هذا كان قبل نزول قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } ، وهذا الذي قاله من أن هذا كان قبل نزول الآية صحيح ، ولكن لا يحتاج إلى ذلك ؛ فإن الآية إنما دلت على أنه لا يتزوج بمن عدا اللواتي في عصمته ، وأنه لا يستبدل بهن غيرهن ، ولا يدل ذلك على أنه لا يطلق واحدة منهن من غير استبدال ، والله أعلم .

فأما قَضية سَوْدَة ففي الصحيح عن عائشة ، رضي الله عنها ، وهي سبب نزول قوله تعالى : { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا [ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {[23720]} ] } الآية [ النساء : 128 ] {[23721]} .

وأما قضية{[23722]} حفصة فروى أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه ، من طرق عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن صالح بن صالح بن حي{[23723]} عن سلمة أن بن كُهَيْل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها . وهذا إسناد{[23724]} قوي{[23725]} .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا يونس بن بُكَيْر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح {[23726]} ، عن ابن عمر قال : دخل عمر على حفصة وهي تبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك ؟ إنه قد كان طلقك مرة ثم راجعك من أجلي ؛ والله لئن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا . ورجاله على شرط الصحيحين{[23727]} .

وقوله : { وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } ، فنهاه عن الزيادة عليهن ، أو طلاق واحدة منهن واستبدال غيرها بها إلا ما ملكت يمينه{[23728]} .

وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا مناسبا ذكَرُه هاهنا ، فقال :

حدثنا إبراهيم بن نصر ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله{[23729]} القرَشي ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يَسَار{[23730]} عن أبي هُرَيرة ، رضي الله عنه ، قال : كان البَدلُ في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل : بادلني امرأتك وأبادلُك بامرأتي : أي : تنزل لي عن امرأتك ، وأنزل لك عن امرأتي . فأنزل الله : { وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } قال : فدخل عيينة بن حصن{[23731]} على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعنده عائشة ، فدخل بغير إذن ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأين الاستئذان ؟ " فقال يا رسول الله ، ما استأذنت على رجل من مُضَر منذ أدركت . ثم قال : من هذه الحُمَيْراء إلى جنبك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه عائشة أم المؤمنين " . قال : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق{[23732]} ؟ قال : " يا عيينة إن الله قد حرم ذلك " . فلما أن خرج قالت عائشة : مَنْ هذا ؟ قال : هذا أحمق مطاع ، وإنه على ما ترين لسيد قومه " .

ثم قال البزار إسحاق{[23733]} بن عبد الله : لين الحديث جدا ، وإنما ذكرناه لأنا لم نحفظه إلا من هذا الوجه ، وبينا العلة فيه{[23734]} .

هذه آية الحجاب ، وفيها أحكام وآداب شرعية ، وهي مما وافق تنزيلها قول{[23735]} عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال : وافقت ربي في ثلاث ، فقلت : يا رسول الله ، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ؟ فأنزل الله : { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } [ البقرة : 125 ] . وقلت : يا رسول الله ، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر ، فلو حجبتهن ؟ فأنزل الله آية الحجاب . وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما تمالأن عليه في الغيرة : { عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ } [ التحريم : 5 ] ، فنزلت كذلك{[23736]} .

وفي رواية لمسلم ذكر أسارى بدر ، وهي قضية رابعة .

وقد قال{[23737]} البخاري : حدثنا مُسَدَّد ، عن يحيى ، عن حُمَيْد ، أن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ؟ فأنزل الله آية الحجاب{[23738]} .

وكان وقت نزولها في صبيحة عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ، التي تولى الله تعالى تزويجها بنفسه ، وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الخامسة ، في قول قتادة والواقدي وغيرهما .

وزعم أبو عُبَيدة معمر بن المثنى ، وخليفة بن خياط : أن ذلك كان في سنة ثلاث ، فالله أعلم .


[23694]:- زيادة من ت ، أ.
[23695]:- في ت: "الحرج".
[23696]:- في أ: "التزويج".
[23697]:- في ف: "لرسول الله".
[23698]:- في ت: "روى".
[23699]:- المسند (6/41).
[23700]:- في أ: "عن عمير بن عبيد".
[23701]:- المسند (6/180) وسنن الترمذي برقم (3216) وسنن النسائي (6/56).
[23702]:- في ت: "وروى".
[23703]:- في أ: "الخزاعي".
[23704]:- في أ: "عبد الله".
[23705]:- في ت: "فالله".
[23706]:- في ت: "وبنات العمات".
[23707]:- في أ: "الخالة".
[23708]:- في ت: "فروى ابن جرير بإسناده عن رجل من الأنصار".
[23709]:- في ت ، أ: "لا تحل".
[23710]:- في ت ، أ: "لا تحل".
[23711]:- تفسير الطبري (22/21) وزوائد المسند (5/132).
[23712]:- في أ: "لا تحل".
[23713]:- بعدها في أ: "مما أفاء الله عليك".
[23714]:- سنن الترمذي برقم (3215) وقال: "هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث عبد الحميد بن بهرام ، قال: سمعت أحمد بن الحسن يقول: قال أحمد بن حنبل: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب".
[23715]:- في أ: "لا تحل".
[23716]:- في أ: "من".
[23717]:- في أ: "لا تحل".
[23718]:- في أ: "عربية".
[23719]:- في أ: "لا يحل".
[23720]:- زيادة من ف ، أ.
[23721]:- انظر تخريج هذا الحديث عند تفسير الآية: 128 من سورة النساء.
[23722]:- في ت: "قصة".
[23723]:- في أ: "يحيى"
[23724]:- في ت: "إسناده".
[23725]:- سنن أبي داود برقم (2283) وسنن النسائي (6/213) وسنن ابن ماجه برقم (2016).
[23726]:- في ت: "وروى الإمام الحافظ أبو يعلى بسنده".
[23727]:- مسند أبي يعلى (1/160).
[23728]:- في أ: "يمينك".
[23729]:- في أ: "عبيد الله".
[23730]:- في ت: "وروى البزار بإسناده".
[23731]:- في أ: "عيينة الفزاري".
[23732]:- في ت: "قال انزل لي عنها وأنا أنزل لك عن أحسن الخلق". وفي أ: "قال أنزل لك عن أحسن الخلق".
[23733]:- في ت: "ثم قال البزار: في إسناده إسحاق".
[23734]:- مسند البزار برقم (2251) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (7/92): "وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك".
[23735]:- في ت: "لقول".
[23736]:صحيح البخاري برقم (402).
[23737]:- في ت: "وروى".
[23738]:- صحيح مسلم برقم (2399).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

وقوله تعالى : { لا يحل لك النساء من بعد } قيل كما قدمنا إنها خطرت عليه النساء إلا التسع اللواتي كنَّ عنده ، فكأن الآية ليست متصلة بما قبلها ، قال ابن عباس وقتادة لما هجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً ، وآلى منهن ثم خرج وخيرهن فاخترن الله ورسوله ، جازاهن الله بأن حظر عليه النساء غيرهن وقنعه بهن وحظر عليه تبديلهن ، ونسخ بذلك ما أباحه له قبل من التوسعة في جميع النساء ، وقال أبيّ بن كعب وعكرمة قوله { لا يحل لك النساء من بعد } أي من بعد الأصناف التي سميت ، ومن قال إن الإباحة كانت له مطلقة قال هنا { لا يحل لك النساء } معناه لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات .

قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا تأويل فيه بعد ، وإن كان روي عن مجاهد ، وكذلك روي أن تبدل اليهوديات والنصرانيات بالمسلمات ، وهذا قول أبي رزين وسعيد بن جبير ، وقال أبيّ بن كعب { من بعد } يعني لا يحل لك العمات والخالات ونحو ذلك ، وأمر مع ذلك بأن لا يتبدل بأزواجه التسع منه من أن يطلق منهن ويتزوج غيرهن قاله الضحاك ، وقيل بمن تزوج وحصل في عصمته أي لا يبدلها بأن يأخذ زوجة إنسان ويعطيه هو زوجته قال ابن زيد وهذا شيء كانت العرب تفعله .

قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا قول ضعيف أنكره الطبري وغيره في معنى الآية ، وما فعلت العرب قط هذا ، وما روي من حديث عيينة بن حصن أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة فقال من هذه الحميراء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه عائشة ، فقال عيينة : يا رسول الله إن شئت نزلت لك عن سيدة العرب جمالاً ونسباً فليس بتبديل ولا أراد ذلك وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية فقال هذا القول{[9551]} ، وقرأ أبو عمرو بخلاف «لا تحل » بالتاء على معنى جماعة النساء ، وقرأ الباقون «لا يحل » بالياء من تحت على معنى جميع النساء وهما حسنان لأن تأنيث لفظ النساء ليس بحقيقي ، وقوله تعالى : { ولو أعجبك حسنهن } ، قال ابن عباس نزل ذلك بسبب أسماء بنت عميس أعجبت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات عنها جعفر بن أبي طالب وفي هذه اللفظة { أعجبك حسنهن } دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها ، وقد أراد المغيرة بن شعبة زواج امرأة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «انظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما »{[9552]} وقال عليه السلام لآخر : «انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً »{[9553]} ، قال الحميدي يعني «صغراً » ، وقال سهل بن أبي حثمة رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك على أجار من أجاجير{[9554]} المدينة فقلت له أتفعل هذا ؟ فقال نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا ألقى الله في قلب أحدكم خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها »{[9555]} ، وقوله تعالى : { إلا ما ملكت يمينك } { ما } في موضع رفع بدل من { النساء } ، ويجوز أن تكون في موضع نصب على الاستثناء ، وفي النصب ضعف ، ويجوز أن تكون { ما } مصدرية والتقدير إلا ملك يمينك وملك بمعنى مملوك ، وهو في موضع نصب لأنه استثناء من غير الجنس الأول{[9556]} ، و «الرقيب » فعيل بمعنى فاعل أي راقب{[9557]} .


[9551]:اختصر ابن عطية رواية خبر عيينة بن حصن، وحتى لا يكون هناك تساؤلات ترد على الذهن عند قراءة الخبر بهذه الصورة أورده هنا كاملا كما رواه القرطبي في تفسيره وكذلك الإمام السيوطي في الدر المنثور.(أخرج البزار، وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل: تنزل لي عن امرأتك، وأنزل لك عن امرأتي، وأزيدك، فأنزل الله عز وجل:{ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن}، قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة رضي الله عنها، فدخل بغير إذن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عيينة فأين الاستئذان؟ فقال: يا رسول الله، وما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت، قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه عائشة أم المؤمنين، قال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ قال: يا عيينة، إن الله قد حرم ذلك، قال: فلما خرج قالت عائشة: يا رسول الله، من هذا؟ قال: أحمق مطاع، وإنه-على ما ترين-لسيد قومه).ا.هـ.فعيينة دخل بدون استئذان، وقد نبهه النبي صلى الله عليه وسلم، وعيينة لم يعرض بدلا، وإنما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يناسب مقامه في نظره بعد أن استصغر عائشة رضي الله عنها، والنبي صلوات الله وسلامه عليه نبهه إلى أن ذلك حرام، ثم وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه أحمق، ومن سماحة النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعامل مع الأحمق بما يناسبه.
[9552]:أخرجه الترمذي في النكاح، وكذلك النسائي، وابن ماجه، والدارمي، وأخرجه أحمد في مسنده4-245،246، ولفظه كما في المسند، عن المغيرة بن شعبة، قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له امرأة أخطبها، فقال: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما، قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها، فقال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فإني أنشدك، كأنها عظمت ذلك عليه، قال: فنظرت إليها فتزوجتها، فذكر عن موافقتها)
[9553]:قال عنه القرطبي:"أخرجه الصحيح"، ثم نقل أيضا عن الحميدي قوله بلفظ: يعني صفراء أو زرقاء، وقيل: رمصاء، والرمص: وسخ يتجمع في موق العين، ويسمى الغمص إن كان سائلا، والرمص إن جامدا.
[9554]:الإجار: السطخ بلغة الشام والحجاز، والجمع: أجاجير وأجاجرة،قال ابن سيدة: الإجار والإجارة: سطح ليس عليه سترة، وفي الحديث( من بات على إجار ليس حوله ما يرد قدميه فقد برئت منه الذمة)، قال ذلك في اللسان، ثم استشهد بحديث محمد بن مسلمة هذا.
[9555]:أخرجه ابن ماجه في النكاح.
[9556]:عقب أبو حيان الأندلسي في(البحر المحيط) على كلام ابن عطية في إعراب[ما] بعد أن نقله فقال:"وليس بجيد؛ لأنه قال:"والتقدير: إلا ملك اليمين، وملك بمعنى مملوك"، فإذا كان بمعنى مملوك صار من جملة النساء؛ لأنه لم يرد حقيقة المصدر، فيكون الرفع أرجح، ولأنه قال:"وهو في موضع نصب"، ولا يتحتم أن يكون في موضع نصب ولو فرضنا انه من غير الجنس حقيقة، بل الحجاز ينصب، وتميم تبدل؛ لأنه مستثنى توجه العامل عليه، وإنما يكون النصب محتما حيث كان المستثنى لا يمكن توجه العامل عليه، نحو: ما زاد المال إلا النقص، فلا يمكن توجه الزيادة على النقص. ولأنه قال:"استثناء من غير الجنس"، وقال: ملك بمعنى مملوك" فناقض.ا هـ.
[9557]:وفي ذلك تحذير من تجاوز حدوده وتخطي حلاله وحرامه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

موقع هذه الآية في المصحف عقب التي قبلها يدل على أنها كذلك نزلت وأن الكلام متصل بعضه ببعض ومنتظم هذا النظم البديع ، على أن حذف ما أضيفت إليه { بعدُ } ينادي على أنه حذْفُ معلوم دل عليه الكلام السابق فتأخّرها في النزول عن الآيات التي قبلها وكونها متصلة بها وتتمة لها مما لا ينبغي أن يُتردد فيه ، فتقدير المضاف إليه المحذوف لا يخلو : إمّا أن يؤخذ من ذكر الأصناف قبله ، أي من بعد الأصناف المذكورة بقوله : { إنا أحللنا لك أزواجك } [ الأحزاب : 50 ] الخ . وإمّا أن يكون مما يقتضيه الكلام من الزمان ، أي من بعد هذا الوقت ، والأول الراجح .

و { بعد } يجوز أن يكون بمعنى ( غير ) كقوله تعالى : { فمن يهديه من بعد الله } [ الجاثية : 23 ] وهو استعمال كثير في اللغة ، وعليه فلا ناسخ لهذه الآية من القرآن ولا هي ناسخة لغيرها ، ومما يؤيد هذا المعنى التعبير بلفظ الأزواج في قوله : { ولا أن تبدل بهن من أزواج } أي غيرهن ، وعلى هذا المحمل حمل الآية ابن عباس فقد روى الترمذي عنه قال : « نُهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات » فقال : { لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك } فأحل الله المملوكات المؤمنات { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي } [ الأحزاب : 50 ] . ومثل هذا مروي عن أُبَيّ بن كعب وعكرمة والضحاك . ويجوز أن يكون { بعدُ } مراداً به الشيء المتأخر عن غيره وذلك حقيقة معنى البعدية فيَتعينُ تقدير لفظ يدل على شيء سابق .

وبناء { بعدُ } على الضم يقتضي تقدير مضاف إليه محذوففٍ يدل عليه الكلام السابق على ما درج عليه ابن مالك في الخلاصة وحققه ابن هشام في « شرحه على قطر الندى » ، فيجوز أن يكون التقدير : من بعدِ مَن ذكرن على الوجهين في معنى البعدية فيقدر : من غير مَن ذكرن ، أو يقدر من بعدِ من ذُكرن ، فتنشأ احتمالات أن يكون المراد أصناف من ذكرن أو أعداد من ذُكرن ( وكن تسعاً ) ، أو مَن اخترتهن .

ويجوز أن يقدر المضاف إليه وقتاً ، أي بعد اليوم أو الساعة ، أي الوقت الذي نزلت فيه الآية فيكون نسخاً لقوله : { إنا أحللنا لك أزواجك إلى قوله : خالصة لك } [ الأحزاب : 50 ] .

وأما ما رواه الترمذي عن عائشة أنها قالت : « ما مات رسول الله حتى أحل الله له النساء » . وقال حديث حسن . ( وهو مقتض أن هذه الآية منسوخة ) فهو يقتضي أن ناسخها من السنة لا من القرآن لأن قولها : ما مات ، يؤذن بأن ذلك كان آخر حياته فلا تكون هذه الآية التي نزلت مع سورتها قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بخمس سنين ناسخة للإِباحة التي عنتها عائشة ولذلك فالإِباحة إباحة تكريم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وروى الطحاوي مثل حديث عائشة عن أمّ سلمة .

و { النساء } إذا أطلق في مثل هذا المقام غلب في معنى الأزواج ، أي الحرائر دون الإماء كما قال النابغة :

حذارا على أن لا تُنال مقادتي *** ولا نِسوتي حتى يَمُتْنَ حرائرا

أي لا تحل لك الأزواج من بعد مَنْ ذُكِرْن .

وقوله : { ولا أن تبدل بهن } أصله : تتبدل بتاءين حذفت إحداهما تخفيفاً ، يقال : بَدَّل وتبدَّل بمعنى واحد ، ومادة البدل تقتضي شيئين : يعطي أحدهما عوضاً عن أخذ الآخر ، فالتبديل يتعدى إلى الشيء المأخوذ بنفسه وإلى الشيء المعطَى بالباء أو بحرف { مِن } ، وتقدم عند قوله تعالى : { ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل } في سورة البقرة ( 108 ) .

والمعنى : أن من حصلتْ في عصمتك من الأصناف المذكورة لا يحلّ لك أن تطلقها ، فكنى بالتبدل عن الطلاق لأنه لازمه في العرف الغالب لأن المرءَ لا يطلق إلا وهو يعتاض عن المطلقة امرأة أخرى ، وهذه الكناية متعينة هنا لأنه لو أريد صريح التبدل لخالف آخرُ الآية أولَها وسابقتها ، فإن الرسول أحلت له الزيادة على النساء اللاتي عنده إذا كانت المزيدة من الأصناف الثلاثة السابقة وحرم عليه ما عداهن ، فإذا كانت المستبدَلَة إحدى نساء من الأصناف الثلاثة لم يستقم أن يحرَّم عليه استبدال واحدة منهن بعينها لأن تحريم ذلك ينافي إباحة الأصناف ولا قائل بالنسخ في الآيتين ، وإذا كانت المستبدلة من غير الأصناف الثلاثة كان تحريمها عاماً في سائر الأحوال فلا محصول لتحريمها في خصوص حال إبدالها بغيرها فتمحض أن يكون الاستبدال مكنّى به عن الطلاق وملاحظاً فيه نية الاستبدال . فالمعنى : أن الرسول أبيحت له الزيادة على النساء اللاتي حصلْن في عصمته أو يحصلن من الأصناف الثلاثة ولم يبح له تعويض قديمة بحادثة .

والمعنى : ولا أن تطلق امرأة منهن تريد بطلاقها أن تتبدل بها زوجاً أخرى .

وضمير { بهن } عائد إلى ما أضيف إليه { بعد } المقدَّر وهن الأصناف الثلاثة .

والمعنى : ولا أن تبدل بامرأة حصلت في عصمتك أو ستحصل امرأة غيرها .

فالباء داخلة على المفارقة .

و { مِن } مزيدة على المفعول الثاني ل { تبدل } لقصد إفادة العموم . والتقدير : ولا أن تبَدَّل بهن أزواجاً أُخرَ ، فاختص هذا الحكم بالأزواج من الأصناف الثلاثة وبقيت السراري خارجة بقوله : { إلا ما ملكت يمينك } . وأما التي تهَب نفسَها فهي إن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحها فقد انتظمت في سلك الأزواج ، فشملها حكمهن ، وإن لم يرد أن ينكحها فقد بقيت أجنبية لا تدخل في تلك الأصناف .

وقرأ الجمهور { لا يحل } بياء تحتية على اعتبار التذكير لأن فاعله جمع غيرُ صحيح فيجوز فيه اعتبار الأصل . وقرأه أبو عمرو ويعقوب بفوقية على اعتبار التأنيث بتأويل الجماعة وهما وجهان في الجمع غير السالم .

وجملة { ولو أعجبك حسنهن } في موضع الحال والواو واوه ، وهي حال من ضمير { تبدل } . و { لو } للشرط المقطوع بانتفائه وهي للفرض والتقدير وتسمى وصلية ، فتدل على انتفاء ما هو دون المشروط بالأوْلى ، وقد تقدم في قوله تعالى : { ولو افتدى به } في آل عمران ( 91 ) .

والمعنى : لا يحلّ لك النساء من بعدُ بزيادة على نسائك وبتعويض إحداهن بجديدة في كل حالة حتى في حالة إعجاب حسنهن إياك .

وفي هذا إيذان بأن الله لما أباح لرسوله الأصناف الثلاثة أراد اللطف له وأن لا يناكد رغبته إذا أعجبته امرأة لكنه حدّد له أصنافاً معينة وفيهن غناء .

وقد عبرت عن هذا المعنى عائشة رضي الله عنها بعبارة شيقة ، إذ قالت للنبيء : ما أرى ربَّك إلا يُسارِع في هواك . وأُكدت هذه المبالغة بالتذييل من قوله : { وكان الله على كل شيء رقيباً } أي عالماً بِجَرْي كللِ شيء على نحو ما حدّده أو على خلافه ، فهو يجازي على حسب ذلك . وهذا وعد للنبيء صلى الله عليه وسلم بثواب عظيم على ما حدد له من هذا الحكم .

والاستثناء في قوله : { إلا ما ملكت يمينك } منقطع . والمعنى : لكن ما ملكت يمينك حلالٌ في كل حال . والمقصود من هذا الاستدراك دفع توهم أن يكون المراد من لفظ { النساء } في قوله : { لا يحل لك النساء } ما يرادف لفظ الإِناث دون استعماله العرفي بمعنى الأزواج كما تقدم .