الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

قوله : { لاَّ يَحِلُّ } : قرأ أبو عمرٍو " تَحِلُّ " بالتأنيث اعتباراً باللفظ . والباقون بالياء ؛ لأنه جنسٌ وللفصل أيضاً .

قوله : " مِنْ بَعْدُ " أي : مِنْ بعدِ اللاتي نَصَصْنا لك على إحْلالِهِنَّ . وقد تقدَّم . وقيل : مِنْ بعدِ إباحةِ النساءِ المسلماتِ دونَ الكتابيات .

قوله : " مِنْ أزواجٍ " مفعولٌ به . و " مِنْ " مزيدةٌ فيه لاستغراق الجنس .

قوله : " ولو أعجبكَ " كقولِه : " أَعْطُوا السائل ولو على فَرَس " أي : في كل حال ، ولو على هذه الحالِ المنافية .

قوله : " إلاَّ ما مَلَكَتْ " فيه أوجهٌ ، أحدها : أنه مستثنى من " النساء " ، فيجوز فيه وجهان : النصبُ على أصل الاستثناء ، والرفعُ على البدل . وهو المختار . الثاني : أنه مستثنى من أزواج . قاله أبو البقاء . فيجوزُ أَنْ يكونَ في موضعِ نصبٍ على أصل الاستثناء ، وأنْ يكونَ/ في موضع جَرّ بدلاً مِنْ " هنَّ " على اللفظِ ، وأن يكونَ في موضع نصبٍ بدلاً مِنْ " هُنَّ " على المحلِّ .

وقال ابن عطية : " إنْ كانَتْ " ما " مصدريةً فهي في موضعِ نصبٍ لأنه مِنْ غير الجنس . وليس بجيد ؛ لأنه قال بعد ذلك : والتقديرُ : إلاَّ مِلْك اليمين . ومِلْك بمعنى مَمْلوك " . انتهى . وإذا كان بمعنى مَمْلوك صار من الجنس ، وإذا صار من الجنس لم يكن منقطعاً . على أنه على تقدير انقطاعه لا يَتَحَتَّمُ نصبُه بل يجوزُ عند تميم الرفعُ بدلاً ، والنصبُ على الأصلِ كالمتصل ، بشرط صحةِ توجُّهِ العاملِ إليه كما حَقَّقْتُه غيرَ مرة . وهذا يمكنُ توجُّهُ العاملِ إليهِ ولكنَّ اللغةَ المشهورةَ لغةُ الحجازِ : وهو لزومُ النصبِ في المنقطعِ مطلقاً كما ذكره أبو محمدٍ آنفاً .