{ لاَّ يَحِلُّ لَكَ النساء } بالياءِ لأنَّ تأنيثَ الجمعِ غيرُ حقيقيَ ولوجودِ الفصلِ . وقرئ بالتاء { مِن بَعْدُ } أي من بعدِ التِّسعِ وهو في حقِّه كالأربعِ في حقِّنا . وقالَ ابنُ عبَّاسٍ وقَتَادةُ : من بعدِ هؤلاء التَّسعِ اللاتِي خيرتهنَّ فاخترنَك وقيلَ من بعد اختيارِهنَّ الله ورسولَه ورضاهنَّ بما تؤتيهنَّ من الوصلِ والهُجرانِ .
{ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ } أي تتبدلَ بحذفِ إحدى التَّاءينِ { بِهِنَّ } أي بهؤلاءِ التِّسعِ { مِنْ أَزْوَاجٍ } بأنْ تُطلقَ واحدةً منهنَّ وتنكحَ مكانَها أُخرى . ومنْ مزيدةٌ لتأكيدِ الاستغراقِ أرادَ الله تعالى لهنَّ كرامةً وجزاءً على ما اخترنَ ورضينَ فقصرَ رسولَه عليهنَّ وهنَّ التِّسعُ اللاتِي تُوفَّي عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عنهنَّ وهُنَّ : عائشةُ بنتُ أبي بكرٍ ، وحفصةُ بنتُ عمرَ ، وأمُّ حبيبةٍ بنتُ أبي سُفيان ، وسَوْدةُ بنتُ زَمْعَة ، وأمُّ سلمةَ بنتُ أبي أُميَّة ، وصفَّيةُ بنتُ حُيَي بنِ أخطبَ الخَيْبريَّةُ ، وميمونةُ بنتُ الحارثِ الهلاليَّةُ ، زينب بنتُ حجشٍ الأسديَّةُ ، وجُريريةُ بنتُ الحارثِ المصطلِقيةُ . وقالَ عكرمةُ : المعنى لا يحلُّ لك النِّساءُ من بعدِ الأجناسِ الأربعةِ اللاتِي أحللناهنَّ لكَ بالصِّفةِ التي تقدَّم ذكرُها من الأعرابياتِ والغرائبِ أو من الكتابياتِ أو من الإماءِ بالنِّكاحِ ويأباهُ قولُه تعالى : { وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ } [ سورة الأحزاب ، الآية52 ] فإنَّ معنَى إحلالِ الأجناسِ المذكورةِ إحلالُ نكاحهنَّ فلابدَّ أنْ يكونَ معنى التبدلِ بهنَّ إحلالَ نكاحِ غيرِهنَّ بدلَ إحلالِ نكاحهنَّ وذلكَ إنَّما يُتصوَّرُ بالنَّسخِ الذي ليسَ من الوظائفِ البشريَّةِ { وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } أي حسنُ الأزواجِ المستبدلةِ وهو حالٌ من فاعلِ تبدلَ لا من مفعولِه وهو من أزواج لتوغله في التنكيرِ قيل تقديرُه مفروضاً إعجابُك بهنَّ وقد مرَّ تحقيقُه في قولِه تعالى : { وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } [ سورة البقرة ، الآية221 ] وقيل : هي أسماءُ بنتُ عُميسٍ الخَثعميَّةُ امرأةُ جعفرِ بنِ أبي طالبٍ أي هي ممَّن أعجبَه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ حسنُهنَّ . واختُلف في أنَّ الآيةَ محكمةٌ أو منسوخةٌ قيل : بقولِه تعالى : { تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء } [ سورة الأحزاب ، الآية51 ] وقيل : بقولِه تعالى إنَّا أحللنَا لكَ . وترتيبُ النُّزولِ ليس على ترتيبِ المُصحفِ وقيل بالسنَّة وعن عائشةَ رضي الله عنها ما ماتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتَّى أحلَّ له النِّساءُ . وقالَ أنسٌ رضي الله عنه : ماتَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ على التَّحريم . { إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } استثناءٌ من النِّساءِ ، لأنَّه يتناولُ الأزواجَ والإماء وقيل : منقطعٌ { وَكَانَ الله على كُلّ شَيْء رَّقِيباً } حافظاً مُهيمناً فاحذرُوا مجاوزةَ حدودِه وتخطِّي حلالِه إلى حرامِه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.