التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

{ لا يحل لك النساء من بعد } فيه قولان :

أحدهما : لا يحل لك النساء غير اللاتي في عصمتك الآن ولا تزيد عليهن ، قال ابن عباس : لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترن الله ورسوله جازاهن الله على ذلك ، بأن حرم غيرهن من النساء كرامة لهن .

والقول الثاني : لا يحل لك النساء غير الأصناف التي سميت ، والخلاف هنا يجري على الخلاف في المراد بقوله : { إنا أحللنا لك أزواجك } أي : لا يحل لك غير من ذكر حسبما تقدم ، وقيل : معنى لا يحل لك النساء : لا يحل لك اليهوديات والنصرانيات من بعد المسلمات المذكورات وهذا بعيد ، واختلف في حكم هذه الآية فقيل : إنها منسوخة بقوله : { إنا أحللنا لك أزواجك } على القول بأن المراد جميع النساء ، وقيل : إن هذه الآية ناسخة لتلك على القول بأن المراد من كان في عصمته ، وهذا هو الأظهر لما ذكرنا عن ابن عباس ، ولأن التسع في حقه عليه الصلاة والسلام كالأربع في حق أمته .

{ ولا أن تبدل بهن من أزواج } معناه لا يحل لك أن تطلق واحدة منهن وتتزوج غيرها بدلا منها ، وقيل : معناه ما كانت العرب تفعله من المبادلة في النساء بأن ينزل الرجل عن زوجته لرجل وينزل الآخر عن زوجته له ، وهذا ضعيف .

{ ولو أعجبك حسنهن } في هذا دليل على جواز النظر إلى المرأة إذا أراد الرجل أن يتزوجها .

{ إلا ما ملكت يمينك } المعنى أن الله أباح له الإماء ، والاستثناء في موضع رفع على البدل من النساء أو في موضع نصب على الاستثناء من الضمير في حسنهن .