جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

{ لا يحل لك النساء من بعد } من بعد هؤلاء التسع فلا يجوز لك العشرة فما فوقها ، { ولا أن تبدل بهنّ من أزواج } : بأن تطلق واحدة من هؤلاء وتتزوج بدلها أخرى ، { ولو أعجبك حسنهن{[4106]} } أي : مفروضا إعجابك بهن ، حال من فاعل تبدل ، وعن كثير من السلف : لما خيرن بين الدنيا والآخرة فاخترن الآخرة كما تقدم جازاهن الله بتحريم التزويج لغيرهن ، ثم نسخ حكم هذه الآية كما دل عليه الأحاديث الصحاح وأباح{[4107]} له التزوج أي عدد أراد لكن لم يقع منه بعد ذلك لتكون المنة له عليه السلام وعن بعض معناه : لا يحل لك النساء من بعد الأجناس الأربعة التي مر ذكرها في قوله : ''إنا أحللنا'' الآية ، فلا يحل له عربية غير بنات عمه وعماته وخاله وخالاته ، ولا غير مهاجرة وإن كانت قريبة ، ولا غير مؤمنة فقولة'' ولا أن تبدل بهن'' على هذا تأكيد بخلافه في المعنى الأول ، { إلا ما ملكت{[4108]}يمينك } استثناء متصل من النساء المتناول للأزواج والإماء ، أو منقطع ، { وما كان الله على كل شيء رقيبا } فلا تتخطوا عما حد لكم .


[4106]:وفي الآية دليل على جواز النظر إلى من يريد نكاحها من النساء، ويؤيده ما روى عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) أخرجه أبو داود [حسن وانظر صحيح الجامع] 12 فتح.
[4107]:كما صرحت ذلك عائشة كما روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي في سننيهما عنها /12 وجيز. وأخرج أحمد والترمذي في صحيحه والنسائي والحاكم وصححه، عن عائشة قالت: (لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله {ترجى من تشاء منهن} الآية، وعن ابن عباس رضي الله عنه مثله / 12 فتح.
[4108]:وقد ملك صلى الله عليه وسلم بعدهن مارية القبطية أهداها له المقوقس ملك القبط، وهم أهل مصر والإسكندرية، وولدت له إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان، ومات في حياة أبيه، وله سبعون، يوما وقيل: سنة وعشرة أشهر / 12 فتح.