{ لا يحل لك النساء من بعد } : الظاهر أنها محكمة ، وهو قول أبيّ بن كعب وجماعة ، منهم الحسن وابن سيرين ، واختاره الطبري .
ومن بعد المحذوف منه مختلف فيه ، فقال أبيّ ، وعكرمة ، والضحاك : ومن بعد اللواتي أحللنا لك في قوله : { إنا أحللنا لك أزواجك } .
فعلى هذا المعنى ، لا تحل لك النساء من بعد النساء اللاتي نص عليهن أنهن يحللن لك من الأصناف الأربعة : لا أعرابية ، ولا عربية ، ولا كتابية ، ولا أمة بنكاح .
وقال ابن عباس ، وقتادة : من بعد ، لأن التسع نصاب رسول الله من الأزواج ، كما أن الأربع نصاب أمته منهن .
قال : لما خيرن فاخترن الله ورسوله ، جازاهن الله أن حظر عليه النساء غيرهن وتبديلهن ، ونسخ بذلك ما أباحه له قبل من التوسعة في جميع النساء .
وقال مجاهد ، وابن جبير : وروي عن عكرمة : من بعد ، أي من بعد إباحة النساء على العموم ، ولا تحل لك النساء غير المسلمات من يهودية ولا نصرانية .
وكذلك : { ولا أن تبدل بهن من أزواج } : أي بالمسلمات من أزواج يهوديات ونصرانيات .
وقيل : في قوله { ولا أن تبدل } ، هو من البدل الذي كان في الجاهلية .
كان يقول الرجل : بادلني بامرأتك وأبادلك بامرأتي ، فينزل كل واحد منهما عن امرأته للآخر .
قال معناه ابن زيد ، وأنه كان في الجاهلية ، وأنكر هذا القول الطبري وغيره في معنى الآية ، وما فعلت العرب قط هذا .
" وما روي من حديث عيينة بن حصن أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين دخل عليه بغير استئذان ، وعنده عائشة .
من هذه الحميراء ؟ فقال : «عائشة » ، فقال عيينة : يا رسول الله ، إن شئت نزلت لك عن سيدة نساء العرب جمالاً : ونسباً ، فليس بتبديل ، ولا أراد ذلك ، وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية "
ومن في { من أزواج } زائدة لتأكيد النفي ، وفائدته استغراق جنس الأزواج بالتحريم .
وقيل : الآية منسوخة ، واختلف في الناسخ فقيل : بالسنة .
قال عائشة : ما مات حتى حل له النساء .
وروي ذلك عن أم سلمة ، وهو قول علي وابن عباس والضحاك ، وقيل بالقرآن ، وهو قوله : { ترجي من تشاء منهن } الآية .
قال هبة الله الضرير : في الناسخ والمنسوخ له ، وقال : ليس في كتاب الله ناسخ تقدم المنسوخ سوى هذا .
قال ابن عطية : وكلامه يضعف من جهات . انتهى .
وقيل : قوله { إنا أحللنا لك أزواجك } الآية ، فترتيب النزول ليس على ترتيب كتابة المصحف .
وقد روي عن ابن عباس القولان : إنها محكمة ، وإنها منسوخة .
{ ولو أعجبك حسنهن } ، قيل : منهن أسماء بنت عميس الخثعمية ، امرأة جعفر بن أبي طالب .
والجملة ، قال الزمخشري ، في موضع الحال من الفاعل ، وهو الضمير في { تبدل } ، لا من المفعول الذي هو { من أزواج } ، لأنه موغل في التنكير ، وتقديره : مفروضاً إعجابك لهن ؛ وتقدم لنا في مثل هذا التركيب أنه معطوف على حال محذوفة ، أي { ولا أن تبدل بهن من أزواج } على كل حال ، ولو في هذه الحال التي تقتضي التبدل ، وهي حالة الإعجاب بالحسن .
قال ابن عطية : وفي هذا اللفظ { أعجبك حسنهن } ، دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها . انتهى .
وقد جاء ذلك في السنة من حديث المغيرة بن شعبة ، وحديث محمد بن مسلمة .
{ إلا ما ملكت يمينك } : أي فإنه يحل لك .
وأما إن كانت موصولة واقعة على الجنس ، فهو استثناء من الجنس ، يختار فيه الرفع على البدل من النساء .
ويجوز النصب على الاستثناء ، وإن كانت مصدرية ، ففي موضع نصب ، لأنه استثناء من غير جنس الأول ، قاله ابن عطية ، وليس بجيد ، لأنه قال : والتقدير : إلا ملك اليمين ، وملك بمعنى : مملوك ، فإذا كان بمعنى مملوك صار من حملة النساء لأنه لم يرد حقيقة المصدر ، فيكون الرفع هو أرجح ، ولأنه قال : وهو في موضع نصب ، ولا يتحتم أن يكون في موضع نصب .
ولو فرضنا أنه من غير الجنس حقيقة ، بل الحجاز تنصب وتميم تبدل ، لأنه مستثنى ، يمكن توجه العامل عليه ، وإنما يكون النصب متحتماً حيث كان المستثنى لا يمكن توجه العامل عليه نحو : ما زاد المال إلا النقص ، فلا يمكن توجه الزيادة على النقص ، ولأنه قال : استثناء من غير الجنس .
وقال مالك : بمعنى مملوك فناقض .
{ وكان الله على كل شيء رقيباً } : أي راقباً ، أو مراقباً ، ومعناه : حافظ وشاهد ومطلع ، وهو تحذير عن مجاوزة حدوده وتخطي حلاله وحرامه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.