الآية 52 وقوله تعالى : { لا يحل لك النساء من بعد } اختلف في قوله : { من بعد } :
قال قائلون : من بعد اختيارهن رسول الله والدار الآخرة لأن الله تعالى لما خيرهن بين اختيار [ الدنيا ]( {[16756]} ) وزينتها وبين اختيار رسول الله والدار الآخرة ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، قصره الله عليهن ، فقال : { لا يحل لك النساء من بعد } أي من بعد اختيارهن المقام معك { ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك } .
فإن [ كان ]( {[16757]} ) على هذا فيخرج الحظر والمنع مخرج الجزاء لهن والمكافآت لما اخترنه على الدنيا وما فيها( {[16758]} ) لئلا يشرك غيرهن في قسمهن منه .
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : اشترطنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما اخترناه والدار الآخرة ألا يتزوج علينا ولا يبدل بنا من أزواج . ثم استثنى ما ملكت يمينه لأنهن لا حظ لهن في القسم .
وقال بعضهم : قوله : { لا يحل لك النساء من بعد } أي من بعد المسلمات كتابيات لا يهوديات ولا نصرانيات ؛ إلا تتزوج يهودية ولا نصرانية ، فتكون من أمهات المؤمنين { إلا ما ملكت يمينك } أي لا بأس أن تشتري اليهودية والنصرانية . فإن كان على هذا ففيه حظر الكتابيات [ على رسول ]( {[16759]} ) الله لما ذكر خاصة .
وأما المؤمنون فإنه أباح لهم نكاح الكتابيات بقوله : { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } [ المائدة : 5 ] فيكون حل الكتابيات للمؤمنين دون النبي بإزاء الزيادة والفضل الذي كان يحل لرسول الله .
وقال بعضهم : قوله : { لا يحل لك النساء من بعد } أي من بعد المذكورات المحللات له في الآية التي قبل هذه الآية من بنات العم والعمات وبنات الخال والخالات . يقول : لا يحل لك النساء سوى من ذكر أن تتزوجهن عليهن ، ولا [ تبدل بهن ]( {[16760]} ) ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { لا يحل لك } [ في الخلق ]( {[16761]} ) أن تتزوج عليهن بعد اختيارهن لك والدار الآخرة على الدنيا وما فيها من الزينة .
[ ويحتمل ]( {[16762]} ) أن يكون على التحريم نفسه في الحكم . وليس لنا أن نفسر أي تحريم أراد : تحريم الحظر والمنع في الخلق أو تحريم الحكم لأن ذلك كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان عرفه أنه ما أراد بذلك ، والاشتغال به فضل .
والتبديل بهن يحتمل في التطليق ؛ يطلقهن ، فيتزوج غيرهن ، ويحتمل بالموت إذا متن أيضا . لم يحل له أن ينكح غيرهن [ بالتطليق أو الموت ]( {[16763]} ) والله أعلم .
قال أبو عوسجة : { ترجي من تشاء منهن } أي تحبس من تشاء منهن ، ولا تقربها .
وقال القتبي : ترجي أي تؤخر ، يقال : أرجيت الأمر ، وأرجأته ، أي أخرته ، وكذلك قالوا في قوله تعالى : { أرجه وأخاه } [ الأعراف : 111 ] وقال بعضهم : احبسه ، وقال بعضهم : أخره ، وقوله : { وتأوي إليك } أي تضم .
وقوله تعالى : { وكان الله على كل شيء رقيبا } أي حفيظا . وقيل : شاهدا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.