لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

قوله تعالى { لا يحل لك النساء من بعد } أي من بعد هؤلاء التسع اللاتي اخترنك وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خيرهن فاخترن الله ورسوله شكر الله لهن ذلك وحرم عليه النساء سواهن ، ونهاه عن تطليقهن وعن الاستبدال بهن ، قاله ابن عباس : واختلفوا هل أبيح له النساء بعد ذلك فروي عن عائشة أنها قالت « ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء » أخرجه الترمذي . وقال حديث حسن صحيح ، وللنسائي عنها « حتى أحل له أن يتزوج من النساء ما يشاء » وقال أنس « مات رسول الله صلى الله عليه وسلم على التحريم » وقيل لأبي بن كعب لو مات نساء النبي صلى الله عليه وسلم أكان يحل له أن يتزوج قال : وما يمنعه من ذلك قيل له قوله تعالى { لا يحل لك النساء من بعد } قال : إنما أحل له ضرباً من النساء فقال تعالى { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك } الآية ثم قال { لا تحل لك النساء من بعد } وقيل معنى الآية لا تحل لك اليهوديات ولا النصرانيات بعد المسلمات { ولا أن تبدل بهن من أزواج } أي بالمسلمات غيرهن من الكتابيات ، لأنه لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية إلا ما ملكت يمينك أي من الكتابيات فتسري بهن وقيل في قوله { ولا أن تبدل بهن من أزواج } كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم ، يقول الرجل للرجل انزل لي عن امرأتك وأنزل عن امرأتي فأنزل الله تعالى { ولا أن تبدل بهن من أزواج } أي تبادل بهن من أزواج أي تبادل بأزواجك غيرك بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته فحرم ذلك { إلا ما ملكت يمينك } أي لا بأس أن تبادل بجاريتك ما شئت ، فأما الحرائر فلا { ولو أعجبك حسنهن } يعني ليس لك أن تطلق أحد من نسائك ، وتنكح بدلها أخرى ، ولو أعجبك جمالها ، قال ابن عباس : يعني أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب لما استشهد جعفر أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخطبها فنهي عن ذلك { إلا ما ملكت يمينك } قال ابن عباس : ملك بعد هؤلاء مارية { وكان الله على كل شيء رقيباً } أي حافظاً وفي الآية دليل على جواز النظر إلى من يريد نكاحها من النساء ، ويدل عليه ما روى عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل » أخرجه أبو داود . ( م ) عن أبي هريرة « أن رجلاً أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم « انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً » قال الحميدي : يعني هو الصغر عن المغيرة بن شعبة قال : « خطبت امرأة فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم هل نظرت إليها قلت : لا قال فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما » أخرجه الترمذي : وقال حديث حسن .