في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (14)

فهاهم أولاء المنافقون ينادون المؤمنين : ( ألم نكن معكم ? ) . . فما بالنا نفترق عنكم ? ألم نكن معكم في الدنيا نعيش في صعيد واحد ? وقد بعثنا معكم هنا في صعيد واحد ? ( قالوا : بلى ! )كان الأمر كذلك . ( ولكنكم فتنتم أنفسكم ) . . فصرفتموها عن الهدى . ( وتربصتم ) . . فلم تعزموا ولم تختاروا الخيرة الحاسمة . ( وارتبتم ) . . فلم يكن لكم من اليقين ما تعزمون به العزمة الأخيرة . ( وغرتكم الأماني ) . . الباطلة في أن تنجوا وتربحوا بالذبذبة وإمساك العصا من طرفيها ! ( حتى جاء أمر الله ) . . وانتهى الأمر . ( وغركم بالله الغرور ) . . وهو الشيطان الذي كان يطمعكم ويمنيكم " .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (14)

{ فتنتم أنفسكم } محنتموها وأهلكتموها بالنفاق . { وتربصتم } أي انتظرتم بالمؤمنين الحوادث المهلكة . يقال : تربص بفلان ، انتظر به خيرا أو شرا يحل به . والمراد هنا الثاني . { وغرتكم الأماني } خدعتكم أطماعكم الفارغة ، وآمالكم الكاذبة ؛ فصدتكم عن سبيل الله وأضلتكم . { وغركم بالله الغرور } خدعكم الشيطان بسبب سعة رحمة الله تعالى ؛ فأطمعكم في النجاة من العقوبة بنحو قوله : إن الله عفو كريم لا يعذبكم ، وإن الله محسن وحليم . ولا يزال الشيطان بالإنسان يغره حتى يوقعه في الهلكة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (14)

فينادي المنافقون المؤمنين ، فيقولون لهم تضرعا وترحما : { أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ } في الدنيا نقول : { لا إله إلا الله } ونصلي ونصوم ونجاهد ، ونعمل مثل عملكم ؟ { قَالُوا بَلَى } كنتم معنا في الدنيا ، وعملتم [ في الظاهر ] مثل عملنا ، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين ، من غير إيمان ولا نية [ صادقة ] صالحة ، بل { فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ } أي : شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكا ، { وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ } الباطلة{[982]} ، حيث  تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين ، وأنتم غير موقنين ، { حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ } أي : حتى جاءكم الموت وأنتم بتلك الحال الذميمة .

{ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } وهو الشيطان ، الذي زين لكم الكفر والريب ، فاطمأننتم به ، ووثقتم بوعده ، وصدقتم خبره .


[982]:- كذا في ب، وفي أ: التي.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (14)

{ ينادونهم } ينادي المنافقون المؤمنين { ألم نكن معكم } في الدنيا نناكحكم ونوارثكم { قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم } آثمتموها بالنفاق { وتربصتم } بمحمد عليه السلام الموت { وارتبتم } شككتم في الايمان { وغرتكم الأماني } ما كنتم تمنون من نزول الدوابر بالمؤمنين { حتى جاء أمر الله } الموت { وغركم بالله } أي بحلمه وامهاله { الغرور } الشيطان

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (14)

قوله تعالى : " ينادونهم " أي ينادي المنافقون المؤمنين " ألم نكن معكم " في الدنيا يعني نصلي مثل ما تصلون ، ونغزو مثل ما تغزون ، ونفعل مثل ، ما تفعلون " قالوا بلى " أي يقول المؤمنون " بلى " قد كنتم معنا في الظاهر " ولكنكم فتنتم أنفسكم " أي استعملتموها في الفتنة . وقال مجاهد : أهلكتموها بالنفاق . وقيل : بالمعاصي ، قاله أبو سنان . وقيل : بالشهوات واللذات ، رواه أبو نمير الهمداني .

" وتربصتم " أي " تربصتم " بالنبي صلى الله عليه وسلم الموت ، وبالمؤمنين الدوائر . وقيل : " تربصتم " بالتوبة " وارتبتم " أي شككتم في التوحيد والنبوة " وغرتكم الأماني " أي الأباطيل . وقيل : طول الأمل . وقيل : هو ما كانوا يتمنونه من ضعف المؤمنين ونزول الدوائر بهم . وقال قتادة : الأماني هنا خدع الشيطان . وقيل : الدنيا ، قال عبدالله بن عباس{[14710]} . وقال أبو سنان : هو قولهم سيغفر لنا . وقال بلال بن سعد : ذكرك حسناتك ونسيانك سيئاتك غرة .

" حتى جاء أمر الله " يعني الموت . وقيل : نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة : إلقاؤهم في النار . " وغركم " أي خدعكم " بالله الغرور " أي الشيطان ، قاله عكرمة . وقيل : الدنيا ، قاله الضحاك . وقال بعض العلماء : إن للباقي بالماضي معتبرا ، وللآخر بالأول مزدجرا ، والسعيد من لا يغتر بالطمع ، ولا يركن إلى الخدع ، ومن ذكر المنية نسي الأمنية ، ومن أطال الأمل نسي العمل ، وغفل عن الأجل . وجاء " الغرور " على لفظ المبالغة للكثرة . وقرأ أبو حيوة ومحمد بن السميقع وسماك بن حرب " الغرور " بضم الغين يعني الأباطيل وهو مصدر . وعن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم خط لنا خطوطا ، وخط منها خطا ناحية فقال : ( أتدرون ما هذا ؟ هذا مثل ابن آدم ومثل التمني وتلك الخطوط الآمال بينما هو يتمنى إذ جاءه الموت ) . وعن ابن مسعود قال : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا ، وخط وسطه خطا ، وجعله خارجا منه ، وخط عن يمينه ويساره خطوطا صغارا فقال : ( هذا ابن آدم وهذا أجله محيط به وهذا أمله قد جاوز أجله وهذه الخطوط الصغار الأعراض فإن أخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا ) .


[14710]:في ب، ز، س، ل، هـ: "عبد الله بن عياش".
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (14)

قوله : { ينادونهم ألم نكن معكم } ينادي المنافقون المؤمنين : أما كنا معكم في الدنيا رفاقا صحابا نشهد معكم الصلوات ونعمل وإياكم الواجبات { قالوا بلى } بلى قد كنتم معنا { ولكنكم فتنتم أنفسكم } أركستم أنفسكم في فتنة النفاق فهلكتم { وتربصتم } بالإسلام والمسلمين الدوائر { وارتبتم } أي شككتم في البعث وفي قيام الناس من قبورهم للحساب { وغرّتكم الأماني } أي غركم الطمع وطول الآمال والرغبة في امتداد الآجال وخدعتكم الدنيا بمتاعها وزخرفها وزينتها { حتى جاء أمر الله } يعني جاءكم الموت { وغركم بالله الغرور } غركم ، أي خدعكم ، وأطمعكم بالباطل . والغرور ، بقتح الغين ، معناه الدنيا{[4459]} والمراد به ههنا الشيطان .

والمعنى المراد للآية ، أنه قد خدعكم الشيطان ، إذ فتنكم عن دين الله وسول لكم النفاق وفعل المنكرات والمعاصي وأوهمكم بأنه لا بعث ولا حساب .


[4459]:القاموس المحيط ص 577.