في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

21

( واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف - وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه - ألا تعبدوا إلا الله . إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) . .

وأخو عاد هو هود - عليه السلام - يذكره القرآن هنا بصفته . صفة الأخوة لقومه . ليصور صلة الود بينه وبينهم ، وصلة القرابة التي كانت كفيلة بأن تعطفهم إلى دعوته ، وتحسن ظنهم بها وبه . وهي ذات الصلة بين محمد [ صلى الله عليه وسلم ] وقومه الذين يقفون منه موقف الملاحاة والخصومة .

والأحقاف جمع حقف . وهو الكثيب المرتفع من الرمال . وقد كانت منازل عاد على المرتفعات المتفرقة في جنوب الجزيرة - يقال في حضرموت .

والله - سبحانه - يوجه نبيه [ صلى الله عليه وسلم ] أن يذكر أخا عاد وإنذاره لقومه بالأحقاف . يذكره ليتأسى بأخ له من الرسل لقي مثلما يلقى من إعراض قومه وهو أخوهم . ويذكره ليذكر المشركين في مكة بمصير الغابرين من زملائهم وأمثالهم ، على مقربة منهم ومن حولهم .

وقد أنذر أخو عاد قومه ، ولم يكن أول نذير لقومه . فقد سبقته الرسل إلى أقوامهم . .

( وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ) . .

قريبا منه وبعيدا عنه في الزمان وفي المكان . فالنذارة متصلة ، وسلسلة الرسالة ممتدة . والأمر ليس بدعا ولا غريبا . فهو معهود مألوف .

أنذرهم - ما أنذر به كل رسول قومه - : ( ألا تعبدوا إلا الله . إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) . . وعبادة الله وحده عقيدة في الضمير ومنهج في الحياة ؛ والمخالفة عنها تنتهي إلى العذاب العظيم في الدنيا أو في الآخرة ، أو فيهما على السواء . والإشارة إلى اليوم ( عذاب يوم عظيم ) . . تعني حين تطلق يوم القيامة وهو أشد وأعظم .

فماذا كان جواب قومه على التوجيه إلى الله ، والإنذار بعذابه ?

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

أخا عاد : هو هود عليه السلام .

الأحقاف : جمع حِقف بكسر الحاء ، رمال معوجة مستطيلة ، وهي بلاد بين عُمان وحضرموت كما تقدم في الكلام على مقدمة السورة .

النذُر : جمع نذير ، وهو المنذر .

من بين يديه : من قبله .

ومن خلفه : من بعده .

اذكر أيها الرسول ، لقومك المكذِّبين هوداً ، أخا قوم عادٍ ، الذي حذّر قومه الذين كانوا يسكنون الأحقاف . وقد مضت الرسُل قبله وبعدَه بمثل ما أنذَر به قومه ، إذ قال لهم : لا تعبدوا إلا الله وحده ، { إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

شرح الكلمات :

{ واذكر أخا عاد } : أي نبي الله هودا عليه السلام .

{ إذ أنذر قومه بالأحقاف } : أي خوف قومه عذاب الله بوادي الأحقاف .

{ وقد خلت النذر } : أي مضت الرسل .

{ من بين يديه ومن خلفه } : أي من قبله ومن بعده إلى أُممهم .

{ ألا تعبدون إلا الله } : أي أنذروهم بأن لا يعبدوا إلا الله .

{ إني أخاف عليكم } : أي إن عبدتم غير الله .

{ عذاب يوم عظيم } : أي هائل بسبب شرككم بالله وكفركم برسالتي .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في مطلب هداية قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى { واذكر } أي لقومك للعبرة والاتعاظ { أخا عاد } وهو هود عليه السلام والأخوة هنا أخوة نسب لا دين . اذكره { إذ أنذر قومه بالأحقاف } إذ خوفهم عذاب الله إن لم يتوبوا إلى الله ويوحدوه ، والأحقاف وادي القوم الذي به مزارعهم ومنازلهم وهو ما بين حضرموت ومهرت وعُمان جنوب الجزيرة العربية . وقوله { وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه } أي وقد مضت الرسل من قبله ومن بعده في أممهم . أي لم يكن هود أول نذير ، ولا أمته أول أمة أنذرت العذاب وقوله { ألاَّ تعبدوا إلا الله } أي كل رسول أنذر أمته عاقبة الشرك فأمرهم أن لا يعبدوا إلا الله ، وهو معنى لا إله إلا الله التي دعا إليها محمد صلى الله عليه وسلم أمته فهي أمر بعبادة الله وترك الشرك فيها ، وقوله { إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } يوم هائل عظيم وهو يوم القيامة ، فكان رد القوم ما أخبر تعالى به في قوله { قالوا أجئتنا لتأفكنا } .

الهداية :

من الهداية :

- بيان سنة الله في الأمم في إرسال الرسل إليهم .

- وبيان مهمة الرسل وهي النذارة والبلاغ .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

{ واذكر أخا عاد } يعني هودا { إذ أنذر قومه بالأحقاف } أي منازلهم { وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه } أي قد أنذروا بالعذاب أن عبدوا غير الله قبل إنذار هود وبعده

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

ولما هددهم سبحانه بالأمور الأخروية ، وستر الأمر بالتذكير بها لكونها مستورة وهم بها يكذبون في قوله " ويوم " ، وختم بالعذاب على الاستكبار المذموم والفسق ، عطف عليه تهديهم بالأمور المحسوسة لأنهم متقيدون بها مصرحاً بالأمر بالذكر فقال تعالى : { واذكر } أي لهؤلاء الذين لا يتعظون بمحط الحكمة الذي{[58897]} لا يخفى على ذي-{[58898]} لب ، وهو البعث . ولما كان أقعد ما يهددون به في هذه السورة وأنسبه{[58899]} لمقصودها عاد لكونهم أقوى الناس أبداناً وأعتاهم رقاباً وأشدهم قلوباً وأوسعهم ملكاً وأعظمهم استكباراً بحيث{[58900]} كانوا يقولون { من أشد منا قوة } وبنوا البنيان الذي يفني الدهر ولا يفنى ، فلا يعمله إلا من نسي الموت أو{[58901]} رجا الخلود واصطنعوا{[58902]} جنة على وجه الأرض لأن ملكهم عمها كلها مع قرب بلادهم لكونها في بلاد العرب من قريش ومعرفتهم بأخبارهم ورؤيتهم لديارهم وكون عذابهم نشأ{[58903]} من بلدهم{[58904]} بدعاء من دعا منهم ، ذكر أمرهم على وجه دل على مقصود السورة ، وعبر بالأخوة تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم لأن فظيعة القوم لمن هو منهم ويعلمون مناقبه ومفاخره أنكأ فقال : { أخا عاد } وهو أخو{[58905]} هود عليه الصلاة والسلام الذي كان بين قوم{[58906]} لا يعشرهم قومك في قوة ولا مكنة ، وصدعهم{[58907]} مع ذلك بمر{[58908]} الحق وبادأهم بأمر الله ، لم يخف عاقبتهم ونجيته منهم ، فهو لك قدوة وفيه أسوة ، ولقومك في قصدهم إياك بالأذى من أمره موعظة .

ولما ذكره عليه الصلاة والسلام لمثل هذه المقاصد الجليلة ، أبدل منه قصته{[58909]} زيادة في البيان ، فقال مبيناً أن الإنذار{[58910]} هو المقصد الأعظم من الرسالة : { إذ } أي حين { أنذر قومه } أي الذين لهم قوة{[58911]} زائدة على القيام فيما يحاولونه { بالأحقاف } قال الأصبهاني : قال ابن عباس{[58912]} : واد بين عمان ومهرة ، قال : وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بموضع{[58913]} يقال له مهرة ، إليه ينسب الإبل المهرية ، وكانوا أهل عمد{[58914]} سيارة في الربيع ، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم ، وكانوا من قبيلة إرم{[58915]} .

وقال قتادة : كانوا مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشجر ، والأحقاف جمع حقف بالكسر ، وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء ، وقال ابن زيد : هو ما استطال من الرمل كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلاً ، وقال في القاموس : وهو الرمل العظيم المستدير ، وأصل الرمل ، واحقوقف الرمل والظهر والهلال : طال واعوج . ومن الأمر الجلي أن هذه الهيئة لا تكون في بلاد الريح بها غالبة شديدة لأنه لو كان ذلك {[58916]}نسف الجبل{[58917]} نسفاً بخلاف بلاد الجبال كمكة المشرفة ، فإن الريح تكون بها غاية في الشدة لأنها إما أن تصك الجبل فتنعكس راجعة بقوة شديدة ، أو يكون هناك جبال فتراد بينها{[58918]} أو تنضغط فتخرج مما تجد {[58919]}من الفروج{[58920]} على هيئة مزعجة{[58921]} فينبغي أن يكون أهل الجبال أشد من ذلك حذراً{[58922]} .

ولما ذكر النذير والمنذرين ومكانهم لما ذكر من المقاصد ، ذكر أنهم أعرضوا عنه ولم يكن بدعاً{[58923]} من الرسل ولا كان قومه جاهلين بأحوالهم ، فاستحقوا العذاب تحذيراً من مثل حالهم ، فقال : { وقد } أي والحال أنه قد { خلت } أي مرت ومضت وماتت { النذر } أي الرسل الكثيرون الذين محط أمرهم الإنذار .

ولما لم يكن إرسالهم بالفعل مستغرقاً لجميع الأزمنة ، أدخل الجار فقال : { من بين يديه } أي قبله كنوح وشيث وآدم عليه الصلاة والسلام فما كان بدعاً منها { ومن خلفه } أي الذين أتوا من-{[58924]} بعده فما كنت أنت بدعاً منهم . ولما أشار إلى كثرة الرسل ، ذكر وحدتهم في أصل الدعاء ، فقال مفسراً للإنذار معبراً بالنهي : { ألا تعبدوا } أي أيها العباد المنذرون ، بوجه من الوجوه ، شيئاً من الأشياء { إلا الله } الملك الذي لا ملك غيره ولا خالق سواه ولا منعم إلا هو ، فإني أراكم تشركون به من لم يشركه في شيء من تدبيركم ، والملك لا يقر على مثل هذا .

ولما أمرهم ونهاهم ، علل ذلك فقال{[58925]} محذراً لهم من العذاب مؤكداً لما لهم من الإنكار لاعتمادهم على قوة أبدانهم وعظيم شأنهم : { إني أخاف عليكم } لكونكم قومي وأعز الناس علي { عذاب يوم عظيم * } {[58926]}لا يدع جهة إلا ملأها عذابه ، إن أصررتم على ما أنتم فيه من الشرك .


[58897]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: التي.
[58898]:زيد من ظ و م ومد.
[58899]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: الشبه.
[58900]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: حيث.
[58901]:من مد، وفي الأصل و ظ و م"و".
[58902]:في مد:اصطفوا.
[58903]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: ينشأ.
[58904]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بلادهم.
[58905]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:أخا.
[58906]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: قومهم.
[58907]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: صد عنهم.
[58908]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:غير.
[58909]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: قصة.
[58910]:زيدت الواو في الأصل و ظ ولم تكن في م ومد فحذفناها.
[58911]:في الأصل بياض.
[58912]:راجع المعالم بهامش اللباب6/137.
[58913]:من م ومد والمعالم، وفي الأصل و ظ: في موضع.
[58914]:من م ومد والمعالم، وفي الأصل و ظ: عهد.
[58915]:من م ومد والمعالم، وفي الأصل و ظ: أدم.
[58916]:من مد، وفي الأصل: لسفته الريح، وفي ظ و م: نسفته للجبل.
[58917]:من مد، وفي الأصل: لسفته الريح، وفي ظ و م: نسفته للجبل.
[58918]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:منها.
[58919]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: في العروج.
[58920]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: في العروج.
[58921]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: منزعجة.
[58922]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: حذارا.
[58923]:زيد في الأصل و ظ: أعرضوا عنه، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58924]:زيد من مد.
[58925]:زيد في الأصل:منها، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58926]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.