في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الملك مكية وآياتها ثلاثون

هذا الجزء كله من السور المكية . كما كان الجزء الذي سبقه كله من السور المدنية . ولكل منهما طابع مميز ، وطعم خاص . . وبعض مطالع السور في هذا الجزء من بواكير ما نزل من القرآن كمطلع سورة " المدثر " ومطلع سورة " المزمل " . كما أن فيه سورا يحتمل أن تكون قد نزلت بعد البعثة بحوالي ثلاث سنوات كسورة " القلم " . وبحوالي عشر سنوات كسورة " الجن " التي يروى أنها نزلت في عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف ، حيث أوذي من ثقيف . ثم صرف الله إليه نفرا من الجن فاستمعوا إليه وهو يرتل القرآن ، مما حكته سورة الجن في هذا الجزء . وكانت هذه الرحلة بعد وفاة خديجة وأبي طالب قبيل الهجرة بعام أو عامين . وإن كانت هناك رواية أخرى هي الأرجح بأن السورة نزلت في أوائل البعثة .

والقرآن المكي يعالج - في الغالب - إنشاء العقيدة . في الله وفي الوحي ، وفي اليوم الآخر . وإنشاء التصور المنبثق من هذه العقيدة لهذا الوجود وعلاقته بخالقه . والتعريف بالخالق تعريفا يجعل الشعور به حيا في القلب ، مؤثرا موجها موحيا بالمشاعر اللائقة بعبد يتجه إلى رب ، وبالأدب الذي يلزمه العبد مع الرب ، وبالقيم والموازين التي يزن بها المسلم الأشياء والأحداث والأشخاص . وقد رأينا نماذج من هذا في السور المكية السابقة ، وسنرى نماذج منه في هذا الجزء .

والقرآن المدني يعالج - في الغالب - تطبيق تلك العقيدة وذاك التصور وهذه الموازين في الحياة الواقعية ؛ وحمل النفوس على الإضطلاع بأمانة العقيدة والشريعة في معترك الحياة ، والنهوض بتكاليفها في عالم الضمير وعالم الظاهر سواء . وقد رأينا نماذج من هذا في السور المدنية السابقة ومنها سور الجزء الماضي .

وهذه السورة الأولى - سورة تبارك - تعالج إنشاء تصور جديد للوجود وعلاقاته بخالق الوجود . تصور واسع شامل يتجاوز عالم الأرض الضيق وحيز الدنيا المحدود ، إلى عوالم في السماوات ، وإلى حياة في الآخرة . وإلى خلائق أخرى غير الإنسان في عالم الأرض كالجن والطير ، وفي العالم الآخر كجهنم وخزنتها . وإلى عوالم في الغيب غير عالم الظاهر تعلق بها قلوب الناس ومشاعرهم ، فلا تستغرق في الحياة الحاضرة الظاهرة ، في هذه الأرض . كما أنها تثير في حسهم التأمل فيما بين أيديهم وفي واقع حياتهم وذواتهم مما يمرون به غافلين .

وهي تهز في النفوس جميع الصور والانطباعات والرواسب الجامدة الهامدة المتخلفة من تصور الجاهلية وركودها ؛ وتفتح المنافذ هنا وهناك ، وتنفض الغبار وتطلق الحواس والعقل والبصيرة ترتاد آفاق الكون ، وأغوار النفس ، وطباق الجو ، ومسارب الماء ، وخفايا الغيوب ، فترى هناك يد الله المبدعة ، وتحس حركة الوجود المنبعثة من قدرة الله . وتؤوب من الرحلة وقد شعرت أن الأمر أكبر ، وأن المجال أوسع . وتحولت من الأرض - على سعتها - إلى السماء . ومن الظواهر إلى الحقائق . ومن الجمود إلى الحركة . مع حركة القدر ، وحركة الحياة ، وحركة الأحياء .

الموت والحياة أمران مألوفان مكروران . ولكن السورة تبعث حركة التأمل فيما وراء الموت والحياة من قدر الله وبلائه ، ومن حكمة الله وتدبيره : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ، وهو العزيز الغفور ) .

والسماء خلق ثابت أمام الأعين الجاهلة لا تتجاوزه إلى اليد التي أبدعته ، ولا تلتفت لما فيه من كمال . ولكن السورة تبعث حركة التأمل والاستغراق في هذا الجمال والكمال وما وراءها من حركة وأهداف : ( الذي خلق سبع سماوات طباقا . ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ? ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير . . ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين . . ) .

والحياة الدنيا تبدو في الجاهلية غاية الوجود ، ونهاية المطاف . ولكن السورة تكشف الستار عن عالم آخر هو حاضر للشياطين وللكافرين . وهو خلق آخر حافل بالحركة والتوفز والانتظار : وأعتدنا لهم عذاب السعير . وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير . إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور . تكاد تميز من الغيظ . كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها : ألم يأتكم نذير ? قالوا : بلى ! قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا : ما نزل الله من شيء ؛ إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا : لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير . فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ! .

والنفوس في الجاهلية لا تكاد تتجاوز هذا الظاهر الذي تعيش فيه ، ولا تلقي بالا إلى الغيب وما يحتويه . وهي مستغرقة في الحياة الدنيا محبوسة في قفص الأرض الثابتة المستقرة . فالسورة تشد قلوبهم وأنظارهم إلى الغيب وإلى السماء وإلى القدرة التي لم ترها عين ، ولكنها قادرة تفعل ما تشاء حيث تشاء وحين تشاء ؛ وتهز في حسهم هذه الأرض الثابتة التي يطمئنون إليها ويستغرقون فيها ( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير . وأسروا قولكم أو أجهروا به ، إنه عليم بذات الصدور . ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ? هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور . أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ? أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ? فستعلمون كيف نذير ) . .

والطير . إنه خلق يرونه كثيرا ولا يتدبرون معجزته إلا قليلا . ولكن السورة تمسك بأبصارهم لتنظر وبقلوبهم لتتدبر ، وترى قدرة الله الذي صور وقدر : ( أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ? ما يمسكهن إلا الرحمن ، إنه بكل شيء بصير ) .

وهم آمنون في دارهم ، مطمئنون إلى مكانهم ، طمأنينة الغافل عن قدرة الله وقدره . ولكن السورة تهزهم من هذا السبات النفسي ، بعد أن هزت الأرض من تحتهم وأثارت الجو من حولهم ، تهزهم على قهر الله وجبروته الذي لا يحسبون حسابه : ( أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن ? إن الكافرون إلا في غرور ) .

والرزق الذي تناله أيديهم ، إنه في حسهم قريب الأسباب ، وهي بينهم تنافس وغلاب . ولكن السورة تمد أبصارهم بعيدا هنالك في السماء ، ووراء الأسباب المعلومة لهم كما يظنون : ( أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ? بل لجوا في عتو ونفور ) . .

وهم سادرون في غيهم يحسبون أنهم مهتدون وهم ضالون . فالسورة ترسم لهم حقيقة حالهم وحال المهتدين حقا ، في صورة متحركة موحية : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى ? أم من يمشي سويا على صراط مستقيم ? ) .

وهم لا ينتفعون بما رزقهم الله في ذوات أنفسهم من استعدادات ومدارك ؛ ولا يتجاوزون ما تراه حواسهم إلى التدبر فيما وراء هذا الواقع القريب . فالسورة تذكرهم بنعمة الله فيما وهبهم ، وتوجههم إلى استخدام هذه الهبة في تنور المستقبل المغيب وراء الحاضر الظاهر ، وتدبر الغاية من هذه البداية : قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، قليلا ما تشكرون . قل : هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون . .

وهم يكذبون بالبعث والحشر ، ويسألون عن موعده . فالسورة تصوره لهم واقعا مفاجئا قريبا يسوؤهم أن يكون : ( ويقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ? قل إنما العلم عند الله ، وإنما أنا نذير مبين . فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ، وقيل : هذا الذي كنتم به تدعون ! ) . .

وهم يتربصون بالنبي [ صلى الله عليه وسلم ] ومن معه أن يهلكوا فيستريحوا من هذا الصوت الذي يقض عليهم مضجعهم بالتذكير والتحذير والإيقاظ من راحة الجمود ! فالسورة تذكرهم بأن هلاك الحفنة المؤمنة أو بقاءها لا يؤثر فيما ينتظرهم هم من عذاب الله على الكفر والتكذيب ، فأولى لهم أن يتدبروا أمرهم وحالهم قبل ذلك اليوم العصيب : ( قل : أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ? قل : هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين ) .

وتنذرهم السورة في ختامها بتوقع ذهاب الماء الذي به يعيشون ، والذي يجريه هو الله الذي به يكفرون ! ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ? ) . .

إنها حركة . حركة في الحواس ، وفي الحس ، وفي التفكير ، وفي الشعور .

ومفتاح السورة كلها ، ومحورها الذي تشد إليه تلك الحركة فيها ، هو مطلعها الجامع الموحي:

وعن حقيقة الملك وحقيقة القدرة تتفرع سائر الصور التي عرضتها السورة ، وسائر الحركات المغيبة والظاهرة التي نبهت القلوب إليها . .

فمن الملك ومن القدرة كان خلق الموت والحياة ، وكان الابتلاء بهما . وكان خلق السماوات وتزيينها بالمصابيح وجعلها رجوما للشياطين . وكان إعداد جهنم بوصفها وهيئتها وخزنتها . وكان العلم بالسر والجهر . وكان جعل الأرض ذلولا للبشر . وكان الخسف والحاصب والنكير على المكذبين الأولين . وكان إمساك الطير في السماء . وكان القهر والاستعلاء . وكان الرزق كما يشاء . وكان الإنشاء وهبة السمع والأبصار والأفئدة . وكان الذرء في الأرض والحشر . وكان الاختصاص بعلم الآخرة . وكان عذاب الكافرين . وكان الماء الذي به الحياة وكان الذهاب به عندما يريد . .

فكل حقائق السورة وموضوعاتها ، وكل صورها وإيحاءاتها مستمدة من إيحاء ذلك المطلع ومدلوله الشامل الكبير : ( تبارك الذي بيده الملك ، وهو على كل شيء قدير ) ! !

وحقائق السورة وإيحاءاتها تتوالى في السياق ، وتتدفق بلا توقف ، مفسرة مدلول المطلع المجمل الشامل ، مما يصعب معه تقسيمها إلى مقاطع ! ويستحسن معه استعراضها في سياقها بالتفصيل :

( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ) . .

هذه التسبيحة في مطلع السورة توحي بزيادة بركة الله ومضاعفتها ، وتمجيد هذه البركة الرابية الفائضة . وذكر الملك بجوارها يوحي بفيض هذه البركة على هذا الملك ، وتمجيدها في الكون بعد تمجيدها في جناب الذات الإلهية . وهي ترنيمة تتجاوب بها أرجاء الوجود ، ويعمر بها قلب كل موجود . وهي تنطلق من النطق الإلهي في كتابه الكريم ، من الكتاب المكنون ، إلى الكون المعلوم .

( تبارك الذي بيده الملك ) . . فهو المالك له ، المهيمن عليه ، القابض على ناصيته ، المتصرف فيه . . وهي حقيقة . حين تستقر في الضمير تحدد له الوجهة والمصير ؛ وتخليه من التوجه أو الإعتماد أو الطلب من غير المالك المهيمن المتصرف في هذا الملك بلا شريك ؛ كما تخليه من العبودية والعبادة لغير المالك الواحد ، والسيد الفريد !

( وهو على كل شيء قدير ) . . فلا يعجزه شيء ، ولا يفوته شيء ، ولا يحول دون إرادته شيء ، ولا يحد مشيئته شيء . يخلق ما يشاء ، ويفعل ما يريد ، وهو قادر على ما يريده غالب على أمره ؛ لا تتعلق بإرادته حدود ولا قيود . . وهي حقيقة حين تستقر في الضمير تطلق تصوره لمشيئة الله وفعله من كل قيد يرد عليه من مألوف الحس أو مألوف العقل أو مألوف الخيال ! فقدرة الله وراء كل ما يخطر للبشر على أي حال . . والقيود التي ترد على تصور البشر بحكم تكوينهم المحدود تجعلهم أسرى لما يألفون في تقدير ما يتوقعون من تغيير وتبديل فيما وراء اللحظة الحاضرة والواقع المحدود . فهذه الحقيقة تطلق حسهم من هذا الإسار . فيتوقعون من قدرة الله كل شيء بلا حدود . ويكلون لقدرة الله كل شيء بلا قيود . وينطلقون من أسر اللحظة الحاضرة والواقع المحدود .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الملك مكية وآياتها ثلاثون ، نزلت بعد سورة الطور . ويحتوي هذا الجزء على إحدى عشرة سورة ، كلها مكية ما عدا سورة الإنسان فإنها مدنية ، وكانت سور الجزء الذي قبله كلها مدنية . وفيه بعض سور من أوائل ما نزل من القرآن مثل المدثر ، والمزمّل والقلم . وقد سميت من قوله تعالى { تبارك الذي بيده الملك } وتسمى " الواقية " و " المنجية " لأنها تقي قارئها من عذاب القبر ، لما روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هي المانعة ، وهي المنجية ، تنْجي من عذاب القبر " .

وموضوع السورة كشأن سائر السور المكية التي تعالج موضوع العقيدة في أصولها الكبرى . وقد تناولت أهدافا رئيسية ثلاثة هي : إثبات عظمة الله ، وقدرته على الخلق والحياة والموت .

وإقامة الأدلة على وحدانية رب العالمين .

وبيان عاقبة المكذبين الجاحدين .

فقد وُجّهت الأفكار في مطلع السورة إلى آثار قدرة الله الباهرة في الأنفس والآفاق ، وذكرت أن الله تعالى بيده المُلك والسلطان ، وهو المتصرف في هذا الكون العجيب الواسع ، وفي الكائنات بالخلق والإيجاد ، والإحياء والإماتة . وأكدت على الناس أن يفكروا في هذا الكون وما فيه من عجائب . وهنا يكرر التأكيد { ثم ارجع البصر كرّتين . . . } .

وهي تهز في النفوس جميع الصور والانطباعات والرواسب الجامدة المتخلفة من تصور الجاهلية وركودها ، وتطلق الحواس والعقل والبصيرة لترتاد آفاق الكون وأغوار النفس ، وطباق الجو ، ومسارب الماء ، وخفايا الغيوب ، فترينا يد الله المبدعة { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } . ويُحس المرء حركة الوجود المنبعثة من قدرة الله ، وعندما يتأمل في ذلك كله يجد أن الأمر أكبر ، وأن المجال أوسع ، وأن التسليم أسلم . وكانت الحياة الدنيا تبدو في نظر أهل الجاهلية غاية الوجود ، ونهاية المطاف . وتكشف السورة الستار عن عالم آخر ما كانوا يعلمون عنه شيئا ، فتحدثهم عن الآخرة وما فيها من مواقف وعذاب وجزاء ، وتنبه إلى أن الظاهر من الدنيا ليس كل شيء ، فتشدّد أنظارهم وقلوبهم إلى عالم الغيب وإلى السماء والقدرة التي لم ترها عين ، ولم تخطر لهم على بال .

ثم يمنّ الله على هذا الخلق بأنه جعل هذه الأرض ذلولا لهم { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور } ، والطير في السماء يرونها فوقهم باسطات أجنحتهنّ ، ولولا أن الله يمسكهن لوقعن على الأرض .

ثم تتحدث السورة عن نعم الله التي لا تحصى على الإنسان ، ومع ذلك

لا يصدّقون ويقولون : { متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ } . ويأتي الرد بلطافة ورزانة وأناة { قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين } .

والله سبحانه وتعالى دائما هو الرحمن الرحيم { قل هو الرحمن آمنا به ، وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين } .

ويأتي في ختام السورة إنذار شديد لهؤلاء المكذبين { قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين } .

ومفتاح السورة كلها ، ومحورها الذي تشدّ إليه تلك الحركة فيها ، هو مطلعها العظيم الجامع الموحي : { تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير } .

تبارك : تعالى ربنا عما لا يليق به .

بيده الملك : له التصرف المطلق في هذا الكون .

افتتح الله تعالى هذه السورةَ الكريمة بتمجيد نفسه ، وأخبر أنّ بيدِه الملكَ والتصرفَ في جميع المخلوقات { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

شرح الكلمات :

{ تبارك الذي بيده الملك } : أي تعاظم وكُثر خير الذي بيده الملك أجمع ملكاً وتصرفاً وتدبيراً .

{ وهو على كل شيء قدير } : أي وهو على إيجاد كل ممكن وإعدامه قدير .

المعنى :

قوله { تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير } مجد الرب تعالى نفسه وعظمها وأثنى عليها بما هو أهله من الملك والسلطان والقدرة والعلم والحكمة فقال عز وجل تبارك أي تعاظم وكثر خير الذي بيده الملك الحقيقي يحكم ويتصرف ويدير بعلمه وحكمته لا شريك له في هذا الملك والتدبير والسلطان . { وهو على كل شيء قدير } فما أراد ممكنا إلا كان ، ولا أراد انعدام ممكن إلا انعدم . الهداية :

من الهداية :

- تقرير ربوبية الله تعالى بعرض دلائل القدرة والعلم والحكمة والخير والبركة وهي موجبة لألوهيته أي عبادته دون من سواه عز وجل .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي ثلاثون آية

{ تبارك } أي تعالى وتعظم { الذي بيده الملك } يؤتيه من يشاء وينزعه عمن يشاء