في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

18

ويمضي في وصف الذين كفروا . وصف نفوسهم من الداخل . بعد تسجيل صفتهم وعملهم الظاهر :

( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ) . .

حمية لا لعقيدة ولا لمنهج . إنما هي حمية الكبر والفخر والبطر والتعنت . الحمية التي جعلتهم يقفون في وجه رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ومن معه ، يمنعونهم من المسجد الحرام ، ويحبسون الهدي الذي ساقوه ، أن يبلغ محله الذي ينحر فيه . مخالفين بذلك عن كل عرف وعن كل عقيدة . كي لا تقول العرب ، إنه دخلها عليهم عنوة . ففي سبيل هذه النعرة الجاهلية يرتكبون هذه الكبيرة الكريهة في كل عرف ودين ؛ وينتهكون حرمة البيت الحرام الذي يعيشون على حساب قداسته ؛ وينتهكون حرمة الأشهر الحرم التي لم تنتهك في جاهلية ولا إسلام ! وهي الحمية التي بدت في تجبيههم لكل من أشار عليهم - أول الأمر - بخطة مسالمة ، وعاب عليهم صد محمد ومن معه عن بيت الله الحرام . وهي كذلك التي تبدت في رد سهيل بن عمرو لاسم الرحمن الرحيم ، ولصفة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] في أثناء الكتابة . وهي كلها تنبع من تلك الجاهلية المتعجرفة المتعنتة بغير حق .

وقد جعل الله الحمية في نفوسهم على هذا النحو الجاهلي ، لما يعلمه في نفوسهم من جفوة عن الحق والخضوع له . فأما المؤمنون فحماهم من هذه الحمية . وأحل محلها السكينة ، والتقوى :

( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين . وألزمهم كلمة التقوى . وكانوا أحق بها وأهلها ) . .

والسكينة الوقورة الهادئة ، كالتقوى المتحرجة المتواضعة كلتاهما تليق بالقلب المؤمن الموصول بربه ، الساكن بهذه الصلة . المطمئن بما فيه من ثقة . المراقب لربه في كل خالجة وكل حركة ، فلا يتبطر ولا يطغى ؛ ولا يغضب لذاته ، إنما يغضب لربه ودينه . فإذا أمر أن يسكن ويهدأ خشع وأطاع . في رضى وطمأنينة .

ومن ثم كان المؤمنون أحق بكلمة التقوى ، وكانوا أهلها . وهذا ثناء آخر من ربهم عليهم . إلى جانب الامتنان عليهم بما أنزل على قلوبهم من سكينة ، وما أودع فيها من تقوى . فهم قد استحقوها في ميزان الله ، وبشهادته ؛ وهو تكريم بعد تكريم ، صادر عن علم وتقدير :

( وكان الله بكل شيء عليما ) . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

الحمية : الأنَفَة ، والعصبيّة . وحمية الجاهلية : حمية في غير موضعها لا يؤيدها دليل ولا برهان .

كلمة التقوى : هي لا اله إلا الله ، والسير على هدى الإسلام .

فهؤلاء قد جعلوا في قلوبهم أنَفَة الجاهلية ، لذا أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ، وألزمهم كلمة التقوى ( يعني العملَ بالتقوى ) وضبْط النفس ، فقبلوا الصلح في الحديبية على الرغم من كبرياء المشركين وحَمِيّتهم وعتوّهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

{ 26 } { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }

يقول تعالى : { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } حيث أنفوا من كتابة { بسم الله الرحمن الرحيم } وأنفوا من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إليهم في تلك السنة ، لئلا يقول الناس : { دخلوا مكة قاهرين لقريش } وهذه الأمور ونحوها من أمور الجاهلية ، لم تزل في قلوبهم حتى أوجبت لهم ما أوجبت من كثير من المعاصي ، { فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } فلم يحملهم الغضب على مقابلة المشركين بما قابلوهم به ، بل صبروا لحكم الله ، والتزموا الشروط التي فيها تعظيم حرمات الله ولو كانت ما كانت ، ولم يبالوا بقول القائلين ، ولا لوم اللائمين .

{ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } وهي { لا إله إلا الله } وحقوقها ، ألزمهم القيام بها ، فالتزموها وقاموا بها ، { وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا } من غيرهم { و } كانوا { أهلها } الذين استأهلوها لما يعلم الله عندهم وفي قلوبهم من الخير ، ولهذا قال : { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

ولما بين شرط استحقاقهم للعذاب ، بين وقته ، وفيه بيان لعلته ، فقال : { إذ } أي حين { جعل الذين كفروا } أي ستروا ما ترآى من الحق في مرأى عقولهم { في قلوبهم } أي قلوب أنفسهم { الحمية } أي المنع الشديد والأنفة والإباء الذي هو في شدة حره ونفوذه في أشد الأجسام كالسم والنار ، ولما كان مثل هذه الحمية قد تكون موجبة للرحمة بأن تكون لله ، قال مبيناً معظماً لجرمها ، { حمية الجاهلية } التي مدارها مطلق المنع{[60458]} أي سواء كان بحق أو بباطل ، فتمنع من الإذعان للحق ، ومبناها التشفي{[60459]} على مقتضى الغضب لغير الله فتوجب{[60460]} تخطي حدود الشرع ، {[60461]}ولذلك{[60462]} أنفوا من دخول المسلمين مكة المشرفة لزيارة البيت العتيق-{[60463]} الذي الناس فيه سواء ، ومن الإقرار بالبسملة ، فأنتجت لهم هذه الحمية أن تكبروا عن كلمة التقوى وطاشوا وخفوا إلى الشرك الذي هو أبطل الباطل .

ولما كانت هذه الحمية مع الكثرة موجبة ولا بد ذل من تصوب إليه ولا سيما إن كان قليلاً ، بين دلالة على أن الأمر تابع لمشيئته لا لجاري العادة أنه تأثر عنها ضد ما تقتضيه عادة ، فقال مسبباً عن هذه الحمية : { فأنزل الله } أي الذي لا يغلبه شيء وهو يغلب كل شيء بسبب{[60464]} حميتهم { سكينته } أي الشيء اللائق إضافته إليه سبحانه من الفهم عن الله و{[60465]}الروح الموجب لسكون القلب المؤثر للإقدام على العدو والنصر عليه ، إنزالاً كائناً { على رسوله } صلى الله عليه وسلم{[60466]} الذي عظمته من عظمته ، ففهم عن الله مراده في هذه القضية فجرى على أتم ما يرضيه { وعلى المؤمنين } رضي الله تعالى عنهم{[60467]} العريقين في الإيمان لأنهم أتباع رسوله صلى الله عليه وسلم وأنصار دينه فألزمهم قبول أمره الذي فهمه عن الله وخفي عن أكثرهم حتى فهمتموه-{[60468]} صلى الله عليه وسلم عند نزول سورة الفتح وحماهم عن همزات الشياطين ، ولم يدخلهم ما دخل الكفار من الحمية ليقاتلوا غضباً لأنفسهم فيتعدوا حدود الشرع { وألزمهم } أي المؤمنين إلزام إكرام أو تشريف ، لا إلزام إهانة وتعنيف { كلمة التقوى } وهي كل قول أو فعل ناشىء عن التقوى وإعلاء كلمة الإخلاص المتقدم في سورة القتال وهي لا إله إلا الله التي هي أحق الحق ، يقتضي التحقق بمدلولها من أنه لا فاعل إلا الله الثبات على كل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من التوحيد والبسملة والرسالة مع تغيير الكتابة بكل منهما لأجل الكفار في ذلك المقام الدحض الذي لا يكاد يثبت فيه قدم ، وأضافها إلى التقوى التي هي اتخاذ ساتر يقي حر النار فجعلها وصفاً لازماً لهم غير منفك عنهم لأنها سببها الحامل عليها ، ويجمع الحامل على التقوى اعتقاد الوحدانية وهي لا إلا الله{[60469]} فإنها كلمة - كما قال الرازي - أولها نفي الشرك وآخرها تعلق بالإلهية ، وهذا من أعلام النبوة ، فإن أهل الحديبية الذين ألزموا هذه الكلمة ماتوا كلهم على الإسلام { وكانوا } أي جبلة وطبعاً .

ولما كان من الكفار من يستحقها في علم الله فيصير مؤمناً ، عبر فأفعل التفضيل فقال تعالى : { أحق بها } أي كلمة التقوى من الكفار والأعرب وغيرهم من جميع الخلق ، ولمثل هذا التعميم{[60470]} أطلق الأمر بحذف المفضل عليه{[60471]} . ولما كان الأحق بالشيء قد لا يكون أهله من أول الأمر قال تعالى : { وأهلها } أي ولاتها والملازمون لها ملازمة العشير بعشيره والدائنون لها والآلفون لها . ولما كان الحكم بذلك لا يكون إلا لعالم قال عاطفاً على ما تقديره : لما علم الله من صلاح قلوبهم وصفائها : { وكان الله } أي المحيط {[60472]}بالكائنات كلها{[60473]} علماً وقدرة { بكل شيء } من ذلك وغيره{[60474]} { عليماً * } أي محيط العلم{[60475]} {[60476]}الدقيق والجلي{[60477]} ، والآية من الاحتباك : ذكر حمية الجاهلية أولاً دليلاً على ضدها ثانياً ، وكلمة التقوى ثانياً دليلاً على ضدها أولاً ، وسره أنه ذكر مجمع الشر أولاً ترهيباً منه ومجمع الخير ثانياً ترغيباً فيه .


[60458]:من مد، وفي الأصل و ظ: الجمع.
[60459]:من مد، وفي الأصل و ظ: الشقي.
[60460]:زيد في الأصل: ذلك، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[60461]:من ظ ومد، وفي الأصل: فلذلك.
[60462]:من ظ ومد، وفي الأصل: فلذلك.
[60463]:زيد من مد.
[60464]:من مد، وفي الأصل و ظ: تسبب.
[60465]:من مد، وفي الأصل و ظ: أو.
[60466]:زيد في الأصل وهو، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[60467]:زيد في الأصل: وهم، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[60468]:زيد من مد.
[60469]:زيد في الأصل: وحده لا شريك له، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[60470]:من مد، وفي الأصل و ظ: التنعيم.
[60471]:من ظ ومد، وفي الأصل: علته.
[60472]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60473]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60474]:من ظ ومد، وفي الأصل: غير.
[60475]:من ظ ومد، وفي الأصل: التام.
[60476]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60477]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

{ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ( 26 ) }

إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الأنَفَة أنَفَة الجاهلية ؛ لئلا يقروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك امتناعهم أن يكتبوا في صلح " الحديبية " " بسم الله الرحمن الرحيم " وأبوا أن يكتبوا " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " ، فأنزل الله الطمأنينة على رسوله وعلى المؤمنين معه ، وألزمهم قول " لا إله إلا الله " التي هي رأس كل تقوى ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه أحق بكلمة التقوى من المشركين ، وكانوا كذلك أهل هذه الكلمة دون المشركين . وكان الله بكل شيء عليمًا لا يخفى عليه شيء .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

قوله : { إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حمية الجاهلية } { الحمية } ، تعني الأنفة{[4269]} . أي تشبث الكفار بالحمية الراسخة في قلوبهم ، وحميتهم أو أنفتهم حين أبوا أن يكتبوا بسم الله الرحمان الرحيم . وأبوا أيضا أن يقروا للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة ، وكذلك قد منعوا المسلمين من دخول مكة فصدوهم عن البيت الحرام . لقد فعلوا كل ذلك أنفة وعنادا ولجوجا في العصيان والاستكبار .

قوله : { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } أنزل الله عليهم الطمأنينة . وقيل : ثبتهم على الرضا والوقار { وألزمهم كلمة التقوى } وهي لا إله إلا الله ، فهذه الشهادة الكبرى رأس كل تقوى { وكانوا أحق بها وأهلها } يعني كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه أحق بكلمة التقوى وهي شهادة أن لا إله إلا الله وكانوا أهل هذه الشهادة دون المشركين .

قوله : { وكان الله بكل شيء عليما } الله يعلم ما في ضمائر الخلق ويعلم ما تكنه صدور العباد ويعلم ما يصلح عليه حال الناس{[4270]} .


[4269]:المصباح المنير جـ 1 ص 166.
[4270]:تفسير القرطبي جـ 16 ص 286- 288 والكشاف جـ 3 ص 548 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 194.