الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين : اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية نرجئ الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين ، ولو نرى قتالاً لقاتلنا ، فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال : بلى . قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى . قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع لما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال يا ابن الخطاب : إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً . فرجع متغيظاً لم يصبر حتى جاء أبا بكر ، فقال يا أبا بكر : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال : بلى . قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى . قال : فلمَ نعطي الدنية في ديننا ؟ قال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً . فنزلت سورة الفتح ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله عنه فأقرأه إياها . قال يا رسول الله : أو فتح هو ؟ قال : نعم .

وأخرج النسائي والحاكم وصححه من طريق أبي إدريس عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه كان يقرأ [ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام فأنزل الله سكينته على رسوله ] فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه ، فبعث إليه فدخل عليه ، فدعا ناساً من أصحابه فيهم زيد بن ثابت ، فقال : من يقرأ منكم سورة الفتح ؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم ، فغلظ له عمر فقال أبيّ أأتكلم ؟ قال : تكلم . فقال : لقد علمت أني كنت أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ويقرئني ، وأنت بالباب ، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت ، وإلا لم أقرئ حرفاً ما حييت . قال : بل أقرئ الناس .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { حمية الجاهلية } قال : حميت قريش أن يدخل عليهم محمد صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : لا يدخلها علينا أبداً ، فوضع الله الحمية عن محمد وأصحابه .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الأجلح قال : كان حمزة بن عبد المطلب رجلاً حسن الشعر ، حسن الهيئة ، صاحب صيد ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على أبي جهل فولع به وآذاه ، فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه ، فقالت إحداهما لو علم ذا ما صنع بابن أخيه أقصر عن مشيته ، فالتفت إليهما ، فقال : وما ذاك ؟ قالت : أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا ، فدخلته الحمية فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه ، ثم قال : ديني دين محمد إن كنتم صادقين فامنعوني ، فقامت إليه قريش فقالوا يا أبا يعلى ، فأنزل الله { إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية } إلى قوله { وألزمهم كلمة التقوى } قال : حمزة بن عبد المطلب .

أما قوله تعالى : { وألزمهم كلمة التقوى } .

أخرج الترمذي وعبدالله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير والدارقطني في الأفراد وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم { وألزمهم كلمة التقوى } قال : لا إله إلا الله .

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وألزمهم كلمة التقوى } قال : لا إله إلا الله .

وأخرج ابن مردويه عن سلمة بن لأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله { وألزمهم كلمة التقوى } قال : لا إله إلا الله .

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه { وألزمهم كلمة التقوى } قال : لا إله إلا الله .

وأخرج ابن جرير وأبو الحسين بن مروان في فوائده عن علي رضي الله عنه { وألزمهم كلمة التقوى } قالا : لا إله إلا الله والله أكبر .

وأخرج أحمد عن حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقّاً من قلبه إلا حرمه الله على النار فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنا أحدثكم ما هي كلمة الإِخلاص التي ألزمها الله محمداً وأصحابه وهي كلمة التقوى التي حض عليها نبي الله عمه أبا طالب عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله » .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما { وألزمهم كلمة التقوى } قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وهي رأس كل تقوى .

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن علي الأزدي قال : كنت مع ابن عمر رضي الله عنه بين مكة ومنى فسمع الناس يقولون لا إله إلا الله والله أكبر ، فقال : هي هي ، فقلت : ما هي هي ؟ قال { وألزمهم كلمة التقوى } .

وأخرج ابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم { وألزمهم كلمة التقوى } قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له .

وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعطاء في قوله { وألزمهم كلمة التقوى } قال أحدهما : الإخلاص ، وقال الآخر : كلمة التقوى لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد { وألزمهم كلمة التقوى } قال : كلمة الإخلاص .

وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون { وألزمهم كلمة التقوى } قال : لا إله إلا الله .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه { وألزمهم كلمة التقوى } قال : لا إله إلا الله .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والحسن وقتادة وإبراهيم التيمي وسعيد بن جبير مثله .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء الخراساني رضي الله عنه { وألزمهم كلمة التقوى } قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري رضي الله عنه { وألزمهم كلمة التقوى } قال : بسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج ابن جرير عن قتادة { وكانوا أحق بها وأهلها } وكان المسلمون أحق بها ، وكانوا أهلها والله أعلم .