فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

{ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما( 26 ) } .

صيّر الكفار باعثَهم على عنادكم وصدكم الأنفة والاستكبار الجاهلي ، فلا حجة لهم في الصدّ عن الهدى الذي جاءهم ، وإنما هو التقليد الأعمى الذي حكاه عنهم الكتاب الحكيم : { . . إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون }{[5029]} ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ؛ فأنزل ربنا الطمأنينة والصبر والوقار والحلم على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى جنده المباركين من صحبه الأكرمين ، فثبتوا على الحق ، ورضوا أن يعاهدوا على عدم الفرار ، وباعوا ربهم أنفسهم وأموالهم يبتغون فضله ونصرة دينه ، واختار لهم واختارهم لقول لا إله إلا الله [ . . ولعل هذا من باب الاكتفاء ، والمراد : لا إله إلا الله محمد رسول الله ]{[5030]} . وكان النبي والمؤمنين متصفون بكلمة التقوى بمزيد استحقاق ، ومستأهلين لها ، وكان ربنا ولم يزل محيط العلم بمن هو أولى بالفتح والسكينة والتقوى والصلح ، كما هو سبحانه محيط علما بكل شيء ؛ [ ولعلمه أيها الناس بما يحدث من دخولكم مكة وبها رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ، لم يأذن لكم بدخول مكة سفرتكم هذه ]{[5031]} .


[5029]:سورة الزخرف. من الآية 23.
[5030]:ما بين العارضتين مقتبس من روح المعاني.
[5031]:ما بين العارضتين مقتبس من جامع البيان.