جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

{ إذ جعل الذين كفروا } ظرف لعذبنا ، أو صدوكم ، { في قلوبهم الحمية } : الأنفة ، { حمية الجاهلية{[4668]} } : التي تمنع قبول الحق ، { فأنزل الله سكينته } : وقاره ، { على رسوله وعلى المؤمنين } : حتى صالحوهم ، فلم يدخلهم ما دخلهم من الحمية ، فيعصوا الله تعالى في قتالهم ، فإنه قد هم المؤمنون أن يأبوا كلام رسول الله في الصلح ، ودخلوا في ذلك في أمر عظيم كادوا أن يهلكوا ، ويدخل الشك في قلوب بعضهم{[4669]} حتى إنه قال- عليه الصلاة والسلام- ثلاث مرات : قوموا وانحروا ، ثم الحقوا ، وما قام منهم رجل ثم أنزل الله تعالى السكينة عليهم فاطمأنوا ، { وألزمهم كلمة التقوى }{[4670]} : اختار كلمة الشهادة{[4671]} لهم ، أو بسم الله الرحمن الرحيم ، فإنه لما أمر- عليه الصلاة والسلام- عليا- رضي الله عنه- أن يكتب في كتاب الصلح " بسم الله الرحمن الرحيم " قالوا : لا نعرف هذا اكتب باسمك اللهم ، { وكانوا أحق بها } : من غيرهم ، { وأهلها } : وكانوا أهلها في علم الله تعالى ، { وكان الله بكل شيء عليما } .


[4668]:قال مقاتل بن سليمان: قال أهل مكة: قد قتلوا أبناءنا وإخواننا، ويدخلون علينا في منازلنا، فتحدث العرب أنهم قد دخلوا علينا على رغم أنفسنا، واللات والعزى لا يدخلونها علينا، فهذه الحمية هي حمية الجاهلية التي دخلت في قلوبهم/12.
[4669]:قالوا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم: ألست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت؟ نطوف به؟ قال: بلى، لكن هل أخبرتكم أنا نأتيه العام ؟ قالوا: لا، قال: فإنكم تأتونه، وتطوفون به، والحاصل أنه- عليه السلام- وعدهم دخول مكة، وتوجه فحسبوا لو منعوا هذه المرة من الدخول يكون فيه خلف وعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما منعوا دخل الشك في قلوب بعض فأزاح الله بفضله الشك عنهم، وتفضل عليهم/12 منه.
[4670]:المراد من كلمة التقوى الشهادة صرح بذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما رواه الترمذي وغيره [صحيح، انظر صحيح سنن أبي داود(2603)]/12 منه.
[4671]:فهو إلزام تشريف وإكرام/12 فتح.