و{ الحَمِيَّةُ } التي جعلوها هي حَمِيَّةُ أَهل مكة في الصَّدِّ ؛ قال الزُّهْرِيُّ : وهي حمية سُهَيْلٍ ومَنْ شَاهَدَ مِنْهُمْ عقدَ الصُّلْحِ ، وجعلها سبحانه حَمِيَّةً جاهلية ، لأَنَّها كانت منهم بغير حُجَّةٍ ، إذ لم يأت صلى الله عليه وسلم مُحِارِباً لهم ، وإنما جاء معتمراً معظِّماً لبيت اللَّه ، و( السكينة ) : هي الطَّمْأَنِينَةُ إلى أَمْرِ رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، والثقةُ بوعد اللَّه ، والطاعةُ ، وزوالُ الأَنَفَةِ التي لحقت عُمَرَ وغيره ، و( كَلِمَةُ التَّقْوَى ) : قال الجمهور : هي لا إله إلا اللَّه ، ورُوِيَ ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفي مصحف ابن مسعود : { وَكَانُوا أَهْلَهَا وَأَحَقَّ بِهَا } والمعنى : كانوا أهلها على الإطلاق في علم اللَّه وسابق قضائه لهم ، وروى أبو أمامة عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : " إذَا نَادَى المُنَادِي فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، واسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ ، فَمَنْ نَزَلَ بِهِ كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ فَلْيَتَحَيَّنِ المُنَادِيَ ، فَإذَا كَبَّرَ كَبَّرَ ، وَإذَا تَشَهَّدَ تَشَهَّدَ ، وَإذَا قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، وَإذَا قَالَ : حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ ، قَالَ : حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، ثُمَّ يَقُولُ : رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ الصادِقَةِ المُسْتَجَابِ لَهَا ، دَعُوَةِ الحَقِّ وَكَلِمَةِ التقوى ، أَحْيِنَا عَلَيْهَا ، وَأَمِتْنَا عَلَيْهَا ، وَابْعَثْنَا عَلَيْهَا ، وَاجْعَلْنَا مِنْ خِيَارِ أَهْلِهَا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتَاً ، ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ حَاجَتَهُ " . رواه الحاكم في «المُسْتَدْرَكِ » ، وقال : صحيح الإسناد ، انتهى من «السِّلاَح » .
فقد بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث معنى «كلمة التقوى » على نحو ما فسرَ به الجمهور ، والصحيحِ أنه يعوض عن الحَيْعَلَةِ الحَوْقَلَةُ ؛ ففي صحيح مسلم : " ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَلاَةِ ، قَالَ : لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ ، قَالَ : لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ " الحديث ، انتهى .
وقوله تعالى : { وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } إشارة إلى علمه بالمؤمنين الذين دفع عن كفار قريش بسببهم ، وإلى علمه بوجه المصلحة في صلح الحديبية ؛ فيُرْوَى أَنَّهُ لما انعقد الصلحُ أَمِنَ الناسُ في تلك المُدَّةِ الحربَ والفتنةَ ، وامتزجوا وعَلَتْ دعوةُ الإسلام ، وانقاد إلى الإسلام كُلُّ مَنْ له فهم ، وزاد عدد الإسلام في تلك المدة أَضعافَ ما كان قبلَ ذلك ؛ قال ( ع ) : ويقتضى ذلك أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ، كان في عام الحديبيةِ في أَرْبَعَ عَشْرَةَ مائة ، ثم سار إلى مَكَّةَ بعد ذلك بعامين في عَشَرَةِ آلاف فارس صلى الله عليه وسلم .
( ت ) : المعروف عَشَرَةُ آلاف ، وقوله فارس ما أَظُنُّهُ يَصِحُّ فتأمله في كتب السيرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.