الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

ثم قال : { إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية } [ 26 ] .

نزلت هذه الآية في سهيل بن{[64086]} عمرو وجهه المشركون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحضر كتاب الصلح فامتنع أن يكتب في الكتاب { بسم الله الرحمان الرحيم } ، وأن يكتب فيه { محمد رسول الله } ، وقال : لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك ، وامتنع هو وأصحابه من دخول النبي{[64087]} وأصحابه مكة{[64088]} .

قال الزهري : كانت حميتهم أنهم لم يقروا أن محمدا نبي{[64089]} الله ولم يقروا بباسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينه وبين البيت{[64090]} .

والعامل في قوله : " إذ جعل " : " لعذبنا " فلا يبتدأ{[64091]} بها ، ويجوز أن يكون العامل فعلا مضمرا معناه : اذكر إذ جعل ، فتبتدئ بها إن شئت{[64092]} .

والحمية : الأنفة والإنكار{[64093]} .

ثم قال : { وأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } أي : أنزل عليهم الصبر والطمأنينة .

ثم قال : { وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها } أي : وألزم الله المؤمنين قول لا إله إلا الله ، وكانوا أحق بها من المشركين ، وكانوا هم أهلها .

قال علي بن أبي طالب وابن عباس{[64094]} : كلمة التقوى لا إله إلا الله{[64095]} . وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم{[64096]} ، وهو قول مجاهد وقتادة{[64097]} ، والضحاك وعكرمة وعطاء وابن عمر وابن زيد{[64098]} .

وزاد عطاء فقال : هي لا إله إلا الله محمد رسول الله{[64099]} .

وقال الزهري : كلمة التقوى بسم الله الرحمن الرحيم{[64100]} وهو قول المسور ومروان{[64101]} لأن المشركين منعوا علي بن أبي طالب{[64102]} أن يكتب في كتابه الصلح : " بسم الله الرحمن الرحيم " .

وعن مجاهد وعطاء أنها : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير{[64103]} . وفي قراءة عبد الله " وكانوا أهلها وأحق [ بها ] " {[64104]} .

ثم قال : { وكان الله بكل شيء عليما } أي : لا يخفى عليه شيء من جميع أحوالكم .


[64086]:ع: "سهل بن عمر".
[64087]:ع: "عليه السلام".
[64088]:انظر: سيرة ابن هشام 2/216، وتاريخ الطبري 3/79، وصبح الأعشى 4/14، والكامل لابن الأثير 2/200.
[64089]:ع: "أن محمدا صلى الله عليه وسلم نبي".
[64090]:انظر: تفسير القرطبي 16/288.
[64091]:ح : "يبتدئ" .
[64092]:انظر: تفسير القرطبي 16/288، والكشاف 4/344.
[64093]:انظر: العمدة 276، والصحاح 6/2330، واللسان 1/731.
[64094]:ع : "بزيادة" رضي الله عنه.
[64095]:انظر: تفسير سفيان الثوري 278، ومعاني الفراء 3/68، وجامع البيان 26/66 -67، وتفسير الغريب 413، وإعراب النحاس 4/203، وزاد المسير 7/441، وتفسير الخازن 6/212، وتفسير القرطبي 16/289، والدر المنثور 7/536.
[64096]:أخرجه الترمذي في كتاب : التفسير – باب: تفسير سورة الفتح 5/62، (رقم 3318) والطبراني في الكبير من مسند أبي بن كعب 1/168 (رقم 536).
[64097]:ع: "الضحاك وقتادة ومجاهد".
[64098]:انظر: تفسير مجاهد 608، وجامع البيان 26/67، وتفسير القرطبي 16/289.
[64099]:انظر: جامع البيان 26/67، وهو قول عطاء الخراساني في زاد المسير 7/442، وتفسير القرطبي 16/289، وابن كثير 4/195.
[64100]:انظر: جامع البيان 26/67، وزاد المسير 7/442، وتفسير القرطبي 16/289، وابن كثير 4/195.
[64101]:ع: "ومرولات" وهو تحريف.
[64102]:ع: "بزيادة": "رضي الله عنه".
[64103]:انظر : تفسير سفيان الثوري 278، وجامع البيان 26/67، وزاد المسير 7/442، وتفسير القرطبي 16/ 289.
[64104]:ساقط من ح، ولم أجد لهذه القراءة سندا فيها توفر لدي من كتب القراءات.