تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

الآية 26 فجائز أن يكون الذي حملهم على ذلك هو نصرهم أولئك الأصنام وعُبّادها . والذَّبُّ عنهم [ حمِيّةً منهم ]{[19587]} حميّة الجاهلية ، والله أعلم [ لقوله تعالى : { إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمِيّة حميّة الجاهلية } ]{[19588]} .

وقوله تعالى : { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } جائز أن يكون ما ذكر من السكينة التي أخبر أنه أنزلها على رسوله ومن ذكر ، هو شيء أنزله من السماء لطفاً منه عليهم حتى سكنت لذلك قلوبهم .

وجائز أن تكون لا على حقيقة إنزال شيء من مكان إلى مكان ، ولكن على الإنشاء والخلق . فعلى ذلك الأول والله أعلم .

ثم السكينة تحتمل أسبابا ، لديها تسكن قلوبهم وأنفسهم ، والأسباب تختلف ، وتحتمل أشياء أُخر سوى ذلك ، وهو اللطف الذي جعل لهم ، فسكنت قلوبهم بذلك اللطف ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها } يحتمل هذا [ وجوها :

أحدها ]{[19589]} : الزمهم كلمة ، بها يتّقون النار .

[ والثاني ]{[19590]} : تحتمل كلمة التقوى كلمة الإخلاص وغيرها ما يقيهم النار ، والله أعلم .

[ والثالث ]{[19591]} يحتمل قوله : { وألزمهم } إظهار كلمة التقوى حتى تصير ظاهرة في الخلق أبدا إلى يوم القيامة ، والله أعلم .

وقال بعضهم : كلمة التقوى ، هي { بسم الله الرحمن الرحيم } وذلك أنه لما كُتب كتاب الصلح في ما بين أهل مكة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كُتِب : { بسم الله الرحمن الرحيم } فقال الكافر{[19592]} : لا ندري ما الرحمن الرحيم ، وتلك كلمة التقوى ، والله أعلم ، والوجه فيه ما ذكرنا .

وقوله تعالى : { وكانوا أحق بها وأهلها } أي بتلك الكلمة ، وكانوا أهلا لها { وكان الله بكل شيء عليما } وقال بعض أهل التأويل : { كلمة التقوى } كلمة الإخلاص { وكانوا أحق بها وأهلها } من الأمم السالفة { وأهلها } والله أعلم ، أو كانوا أحق بها في الإظهار في الخلق والقيام بذلك ، أو كانوا أحق بها في إلزامها في أنفسهم ، والله أعلم .


[19587]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[19588]:ساقطة من الأصل وم.
[19589]:في الأصل وم: وجهين أحدهما.
[19590]:في الأصل وم: ثم.
[19591]:في الأصل وم: و.
[19592]:في الأصل وم: ذلك اكتب كذا؟