في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

15

ذلك شأن العبد الصالح ، صاحب الفطرة السليمة المستقيمة مع ربه . فأما شأن ربه معه ، فقد أفصح عنه هذا القرآن :

( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ، ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة . وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) . .

فالجزاء بحساب أحسن الأعمال . والسيئات مغفورة متجاوز عنها . والمآل إلى الجنة مع أصحابها الأصلاء . ذلك وفاء بوعد الصدق الذي وعدوه في الدنيا . ولن يخلف الله وعده . . وهو جزاء الفيض والوفر والإنعام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

{ أُولَئِكَ } الذين ذكرت أوصافهم { الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } وهو الطاعات لأنهم يعملون أيضا غيرها . { وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ } فِي جملة { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ } فحصل لهم الخير والمحبوب وزال عنهم الشر والمكروه .

{ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } أي : هذا الوعد الذي وعدناهم هو وعد صادق من أصدق القائلين الذي لا يخلف الميعاد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

قوله : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } يعني أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا ، وكلها حسن ، والأحسن بمعنى الحسن ، فيثيبهم عليها ، { ونتجاوز عن سيئاتهم } فلا نعاقبهم عليها ، قرأ حمزة والكسائي وحفص : { ونتجاوز } بالنون ، أحسن نصب ، وقرأ الآخرون بالياء ، وضمها ، أحسن رفع . { في أصحاب الجنة } مع أصحاب الجنة ، { وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } وهو قوله عز وجل : { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار } ( التوبة-72 ) .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

قوله تعالى : " أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم " قراءة العامة بضم الياء فيهما . وقرئ " يتقبل ، ويتجاوز " بفتح الياء ، والضمير فيهما يرجع لله عز وجل . وقرأ حفص وحمزة والكسائي " نتقبل ، ونتجاوز " النون فيهما ، أي نغفرها ونصفح عنها . والتجاوز أصله من جزت الشيء إذا لم تقف عليه . وهذه الآية تدل على أن الآية التي قبلها " ووصينا الإنسان " إلى آخرها مرسلة نزلت على العموم . وهو قول الحسن . ومعنى " نتقبل عنهم " أي نتقبل منهم الحسنات ونتجاوز عن السيئات . قال زيد بن أسلم - ويحكيه مرفوعا - : إنهم إذا أسلموا قبلت حسناتهم وغفرت سيئاتهم . وقيل : الأحسن ما يقتضى الثواب من الطاعات ، وليس في الحسن المباح ثواب ولا عقاب ، حكاه ابن عيسى . " في أصحاب الجنة " " في " بمعنى مع ، أي مع أصحاب الجنة ، تقول : أكرمك وأحسن إليك في جميع أهل البلد ، أي مع جميعهم . " وعد الصدق " نصب لأنه مصدر مؤكد لما قبله ، أي وعد الله أهل الإيمان أن يتقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم وعد الصدق . وهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ؛ لأن الصدق هو ذلك الوعد الذي وعده الله ، وهو كقوله تعالى : " حق اليقين " {[13840]} [ الواقعة : 95 ] . وهذا عند الكوفيين ، فأما عند البصريين فتقديره : وعد الكلام الصدق أو الكتاب الصدق ، فحذف الموصوف . وقد مضى هذا في غير موضع{[13841]} . " الذي كانوا يوعدون " في الدنيا على ألسنة الرسل ، وذلك الجنة .


[13840]:آية 95 سورة الواقعة.
[13841]:راجع ج 9 ص 356.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

ولما وصف هذا المؤمن بادئاً به لكونه في سياق الإحسان ، وكان المراد بالإنسان الجنس ، قال مادحاً له بصيغة الجمع منبهاً على أن قبول الطاعات مشروط ببر{[58778]} الوالدين لأن ما ظهر دليل ما بطن ، ومن لا يشكر من كان من جنسه لا سيما{[58779]} وهو أقرب الناس إليه لا سيما وهو السبب في إيجاده لم يشكر الله كما في الحديث " لا{[58780]} يشكر الله من لا يشكر الناس " ومن صلح ما بينه وبين الله صلح ما بينه وبين-{[58781]} الناس عامة لا سيما الأقارب نسباً أو مكاناً لا سيما الوالدين : { أولئك } أي العالو الرتبة { الذين نتقبل } بأسهل وجه{[58782]} { عنهم } وأشار سبحانه بصيغة التفعل إلى أنه عمل في قبوله عمل المعتني ، وقرأ{[58783]} حمزة والكسائي وحفص{[58784]} بالنون فيه وفي الذي بعده ، ويدل على ذلك قوله تعالى : { أحسن } ويجوز أن يراد به مطلق {[58785]}الدعاء أو الطاعات{[58786]} ويكون ما دون الأحسن مقبولاً ، قبولاً مطلقاً على مقدار النية فيه ، وتكون {[58787]}التعدية يعني {[58788]} إشارة إلى أن جبلاتهم مبنية على الترقي{[58789]} في معارج{[58790]} الكمال في كل وقت إلى غير نهاية ، فتكون{[58791]} هذه المحاسن ليست منهم-{[58792]} بمعنى أنهم مجبولون على أعلى منها في نهاياتهم والعبرة بالنهايات{[58793]} ولذلك{[58794]} قال تعالى : { ما عملوا } ولم يقل : أعمالهم . ولما كان الإنسان محل النقصان وإن كان محسناً ، نبه على ذلك وعلى أن شرط تكفير السيئات التوبة بقوله تعالى : { ونتجاوز } أي بوعد مقبول لا بد من كونه ، وهو معنى قراءة حمزة والكسائي بالنون في الفعلين { عن سيئاتهم } أي فلا يعابهم عليها .

ولما كان هذا مفهماً لأنهم من أهل الجنة ، صرح{[58795]} به زيادة في مدحهم بقوله : { في أصحاب الجنة } أي أنه فعل بهم ذلك وهم في عدادهم لأنهم لم يزالوا فيهم{[58796]} لأنهم ما برحوا{[58797]} بعين الرضا . ولما كان هذا وعداً ، أكد مضمونه بقوله : { وعد الصدق } لكونه مطابقاً للواقع { الذي كانوا } {[58798]}بكون ثابت{[58799]} جداً { يوعدون * } أي يقطع لهم الوعد به في الدنيا ممن لا أصدق منهم ، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام .


[58778]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بين.
[58779]:زيد بعده في الأصل: الأقارب نسبا لا مكانا لا سيما الوالدين أوليك، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58780]:في ظ:لم.
[58781]:زيد من ظ ومد.
[58782]:زيد في الأصل: كان وأحسنه، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58783]:في مد: قراءة.
[58784]:راجع نثر المرجان6/544.
[58785]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58786]:سقط ما بين ارلقمين من ظ و م ومد.
[58787]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: المبعدية يعني.
[58788]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: المبعدية يعني.
[58789]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الترافي.
[58790]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: درجات.
[58791]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: مكون.
[58792]:زيد من ظ و م ومد.
[58793]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بالشهايات.
[58794]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كذلك.
[58795]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: نفع.
[58796]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فيها.
[58797]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: رحوا.
[58798]:من مد، وفي الأصل و ظ: أي يكون ثابتا، وفي م: يكون ثابتا.
[58799]:من مد، وفي الأصل و ظ: أي يكون ثابتا، وفي م: يكون ثابتا.