في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰحَسۡرَةً عَلَى ٱلۡعِبَادِۚ مَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (30)

30

يا حسرة على العباد ! ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون . ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ? وإن كل لما جميع لدينا محضرون . .

والحسرة انفعال نفسي على حال مؤسفة لا يملك الإنسان شيئاً حيالها ، سوى أن يتحسر وتألم نفسه . والله - سبحانه وتعالى - لا يتحسر على العباد ؛ ولكنه يقرر أن حالة هؤلاء العباد مما يستحق حسرة المتحسرين ! فهي حال بائسة مؤسفة تنتهي بأصحابها إلى شر وخيم وبلاء عظيم !

يا حسرة على العباد تتاح لهم فرصة النجاة فيعرضون عنها ، وأمامهم مصارع الهالكين قبلهم لا يتدبرونهاولا ينتفعون بها . ويفتح الله لهم أبواب رحمته بإرسال الرسل إليهم الحين بعد الحين ؛ ولكنهم يتجافون أبواب الرحمة ويسيئون الأدب مع الله : ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون . .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰحَسۡرَةً عَلَى ٱلۡعِبَادِۚ مَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (30)

قال اللّه مترحما للعباد : { يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي : ما أعظم شقاءهم ، وأطول عناءهم ، وأشد جهلهم ، حيث كانوا بهذه الصفة القبيحة ، التي هي سبب لكل شقاء وعذاب ونكال " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَٰحَسۡرَةً عَلَى ٱلۡعِبَادِۚ مَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (30)

ولما أخبر عنهم سبحانه بما هو الحق من أمرهم ، ورغبهم بما ضرب لهم من المثل ، ورهبهم ولم ينفعهم ذلك ، أنتج التأسيف عليهم وعلى الممثل بهم ومن شابههم فقال تعالى : { يا حسرة } أي : هذا الحال مستحق لملازمة حسرة عظيمة { على العباد } ، فكأنه قيل لها : تعالى فهذا من أحوالك التي حقك أن تحضري فيها ، فإن هؤلاء أحقاء بأن يتحسر عليهم ، والحسرة : شدة الندم على ما فات ، فأحرق فقده وأعيى أمره ، فلا حيلة في رده ، ويجوز أن يكون المعنى أن العباد - لكثرة ما يعكسون من أعمالهم - لا تفارقهم أسباب الحسرة ولا حاضر معهم غيرها ، فلا نديم لهم إلا هي ، ولا مستعلي عليهم وغالب لهم سواها .

ولما كان كأنه قيل : أيّ حال ؟ قال مبيناً له ومعللاً للتحسر بذكر سببه : { ما يأتيهم } وأعرق في النفي والتعميم بقوله : { من رسول } أي :رسول كان في أيّ وقت كان { إلا كانوا به } أي :بذلك الرسول { يستهزءون * } أي :يوجدون الهزء ، والرسل أبعد الخلق من الهزء حالاً ومقالاً وفعالاً ، ومن الواضح أن المستهزئ بمن هذا حاله هالك فهو جدير بملازمة الحسرة وأن يتحسر عليه .