يا حسرة على العباد ! ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون . ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ? وإن كل لما جميع لدينا محضرون . .
والحسرة انفعال نفسي على حال مؤسفة لا يملك الإنسان شيئاً حيالها ، سوى أن يتحسر وتألم نفسه . والله - سبحانه وتعالى - لا يتحسر على العباد ؛ ولكنه يقرر أن حالة هؤلاء العباد مما يستحق حسرة المتحسرين ! فهي حال بائسة مؤسفة تنتهي بأصحابها إلى شر وخيم وبلاء عظيم !
يا حسرة على العباد تتاح لهم فرصة النجاة فيعرضون عنها ، وأمامهم مصارع الهالكين قبلهم لا يتدبرونهاولا ينتفعون بها . ويفتح الله لهم أبواب رحمته بإرسال الرسل إليهم الحين بعد الحين ؛ ولكنهم يتجافون أبواب الرحمة ويسيئون الأدب مع الله : ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون . .
ولما أخبر عنهم سبحانه بما هو الحق من أمرهم ، ورغبهم بما ضرب لهم من المثل ، ورهبهم ولم ينفعهم ذلك ، أنتج التأسيف عليهم وعلى الممثل بهم ومن شابههم فقال تعالى : { يا حسرة } أي : هذا الحال مستحق لملازمة حسرة عظيمة { على العباد } ، فكأنه قيل لها : تعالى فهذا من أحوالك التي حقك أن تحضري فيها ، فإن هؤلاء أحقاء بأن يتحسر عليهم ، والحسرة : شدة الندم على ما فات ، فأحرق فقده وأعيى أمره ، فلا حيلة في رده ، ويجوز أن يكون المعنى أن العباد - لكثرة ما يعكسون من أعمالهم - لا تفارقهم أسباب الحسرة ولا حاضر معهم غيرها ، فلا نديم لهم إلا هي ، ولا مستعلي عليهم وغالب لهم سواها .
ولما كان كأنه قيل : أيّ حال ؟ قال مبيناً له ومعللاً للتحسر بذكر سببه : { ما يأتيهم } وأعرق في النفي والتعميم بقوله : { من رسول } أي :رسول كان في أيّ وقت كان { إلا كانوا به } أي :بذلك الرسول { يستهزءون * } أي :يوجدون الهزء ، والرسل أبعد الخلق من الهزء حالاً ومقالاً وفعالاً ، ومن الواضح أن المستهزئ بمن هذا حاله هالك فهو جدير بملازمة الحسرة وأن يتحسر عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.