في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (2)

ويكرم الله نبيه محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] فيذكره ويذكر حله بهذا البلد وإقامته ، بوصفها ملابسة تزيد هذا البلد حرمة ، وتزيده شرفا ، وتزيده عظمة . وهي إيماءة ذات دلالة عميقة في هذا المقام . والمشركون يستحلون

حرمة البيت ، فيؤذون النبي والمسلمين فيه ، والبيت كريم ، يزيده كرما أن النبي صلى الله عليه وسلم حل فيه مقيم . وحين يقسم الله - سبحانه - بالبلد والمقيم فيه ، فإنه يخلع عليه عظمة وحرمة فوق حرمته ، فيبدو موقف المشركين الذين يدعون أنهم سدنة البيت وأبناء إسماعيل وعلى ملة إبراهيم ، موقفا منكرا قبيحا من جميع الوجوه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (2)

خصوصًا وقت حلول الرسول صلى الله عليه وسلم فيها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (2)

ولما عظم البلد بالإقسام به ، زاده عظماً بالحال به إشعاراً بأن شرف المكان بشرف السكان ، وذلك في جملة حالية فقال : { وأنت } يعني وأنت خير كل حاضر وباد { حل } أي مقيم أو حلال لك ما لم يحل لغيرك من قتل من تريد ممن يدعي أنه لا قدرة لأحد عليه { بهذا البلد * } فتحل قتل ابن خطل وغيره وإن كان متعلقاً بأستار الكعبة ، وتحرم قتل من دخل دار أبي سفيان وغير ذلك مما فعله الله لك بعد الهجرة بعد نزول هذه السورة المكية بمدة طويلة ، علماً من أعلام النبوة ، أو معنى : يستحل أهله منك وأنت أشرف الخلق ما لا يستحلونه من صيد ولا شجر ، وكرر إظهاره ولم يضمره زيادة في تعظيمه تقبيحاً لما يستحلونه من أذى المؤمنين فيه ، وإشارة إلى أنه يتلذذ بذكره ، فقد وقع القسم بسيد البلاد وسيد العباد ، ولكل جنس سيد ، وهو انتهاؤه في الشرف ، فأشرف الجماد الياقوت وهو سيده ، ولو ارتفع عن هذا الشرف لصار نباتاً ينمو كما في الجنة ، وأشرف جنس النبات النخل ولو ارتفع صار حيواناً يتحرك بالإرادة ، فالحيوان سيد الأكوان ، وسيده الإنسان ، لما له من النطق والبيان ، وسيد الإنسان الرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام ، لما لهم من عظيم الوصلة بالملك الديان ، وسيدهم أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم الذي ختموا به لما فاق به من الفضائل التي أعلاها هذا القرآن ، فسيد الخلق محمد بن عبد الله رسول الله أشرف الممكنات وسيدها لأنه وصل إلى أعلى مقام يمكن أن يكون لها ، ولو بقي فوق ذلك مقام يمكن للممكن لنقل إليه ، ولكونه أشرف كانت مكابدته أعلى المكابدات ، يصبر على أذى قومه بالكلام الذي هو أنفذ من السهام ، ووضع السلاء من الجزور على ظهره الشريف - نفديه بحر وجوهنا ومصون جباهنا وخدودنا - وهو ساجد ، ووضع الشوك في طريقه ، والإجماع على قصده بجميع أنواع الأذى من الحبس والنفي والقتل بحيث قال صلى الله عليه وسلم

" ما أوذي أحد في الله ما أوذيت " .