لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (2)

{ وأنت حل بهذا البلد } أي مقيم به ، نازل فيه ، فكأنه عظّم حرمة مكة من أجل أنه صلى الله عليه وسلم مقيم بها وقيل حل أي حلال ، والمعنى أحلت لك تصنع فيها ما تريد من القتل ، والأسر ، ليس عليك ما على الناس من الإثم في استحلالها ، أحل الله عزّ وجلّ له مكة يوم الفتح حتى قاتل ، وأمر بقتل ابن خطل ، وهو متعلق بأستار الكعبة ، ومقيس بن صبابة وغيرهما ، وأحل دماء قوم ، وحرم دماء قوم آخرين ، فقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ثم قال بعد ذلك إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، ولم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، والمعنى أن الله تعالى لما أقسم بمكة دل ذلك على عظم قدرها ، وشرفها ، وحرمتها ، ومع ذلك فقد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم ، أنه يحلها له حتى يقاتل فيها ، وأن يفتحها على يده ، فهذا وعد من الله تعالى في الماضي ، وهو مقيم بمكة أن يفتحها عليه في المستقبل بعد الهجرة ، وخروجه منها ، فكان كما وعده ، وقيل في معنى قوله { وأنت حلّ بهذا البلد } ، أي أنهم يحرمون أن يقتلوا به صيداً ، ويستحلون قتلك فيه ، وإخراجك منه .