في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

سورة الهمزة مكية وآياتها تسع

تعكس هذه السورة صورة من الصور الواقعية في حياة الدعوة في عهدها الأول . وهي في الوقت ذاته نموذج يتكرر في كل بيئة . . صورة اللئيم الصغير النفس ، الذي يؤتى المال فتسيطر نفسه به ، حتى ما يطيق نفسه ! ويروح يشعر أن المال هو القيمة العليا في الحياة . القيمة التي تهون أمامها جميع القيم وجميع الأقدار : أقدار الناس . وأقدار المعاني . وأقدار الحقائق . وأنه وقد ملك المال فقد ملك كرامات الناس وأقدارهم بلا حساب !

كما يروح يحسب أن هذا المال إله قادر على كل شيء ؛ لا يعجز عن فعل شيء ! حتى دفع الموت وتخليد الحياة . ودفع قضاء الله وحسابه وجزائه إن كان هناك في نظره حساب وجزاء !

ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال يعده ويستلذ تعداده ؛ وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة ، تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس وكراماتهم . ولمزهم وهمزهم . . يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته . سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم ، أو بتحقير صفاتهم وسماتهم . . بالقول والإشارة . بالغمز واللمز . باللفتة الساخرة والحركة الهازئة !

وهي صورة لئيمة حقيرة من صور النفس البشرية حين تخلو من المروءة وتعرى من الإيمان . والإسلام يكره هذه الصورة الهابطة من صور النفوس بحكم ترفعه الأخلاقي . وقد نهى عن السخرية واللمز والعيب في مواضع شتى . إلا أن ذكرها هنا بهذا التشنيع والتقبيح مع الوعيد والتهديد ، يوحي بأنه كان يواجه حالة واقعية من بعض المشركين تجاه رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وتجاه المؤمنين . . فجاء الرد عليها في صورة الردع الشديد ، والتهديد الرعيب . وقد وردت روايات بتعيين بعض الشخصيات . ولكنها ليست وثيقة . فنكتفي نحن بما قررناه عنها . .

والتهديد يجيء في صورة مشهد من مشاهد القيامة يمثل صورة للعذاب مادية ونفسية ، وصورة للنار حسية ومعنوية . وقد لوحظ فيها التقابل بين الجرم وطريقة الجزاء وجو العقاب . فصورة الهمزة اللمزة ، الذي يدأب على الهزء بالناس وعلى لمزهم في أنفسهم وأعراضهم ، وهو يجمع المال فيظنه كفيلا بالخلود ! صورة هذا المتعالي الساخر المستقوي بالمال ، تقابلها صورة " المنبوذ " المهمل المتردي في( الحطمة )التي تحطم كل ما يلقى إليها ، فتحطم كيانه وكبرياءه . وهي( نار الله الموقدة )وإضافتها لله وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة ، غير معهودة ، ويخلع عليها رهبة مفزعة رعيبة .

وهي( تطلع )على فؤاده الذي ينبعث منه الهمز واللمز ، وتكمن فيه السخرية والكبرياء والغرور . . وتكملة لصورة المحطم المنبوذ المهمل . . هذه النار مغلقة عليه ، لا ينقذه منها أحد ، ولا يسأل عنه فيها أحد ! وهو موثق فيها إلى عمود كما توثق البهائم بلا احترام ! وفي جرس الألفاظ تشديد : عدده . كلا . لينبذن . تطلع . ممددة وفي معاني العبارات توكيد بشتى أساليب التوكيد : ( لينبذن في الحطمة . وما أدراك ما الحطمة ? نار الله الموقدة . . )فهذا الإجمال والإبهام . ثم سؤال الاستهوال . ثم الإجابة والبيان . . كلها من أساليب التوكيد والتضخيم . . وفي التعبير تهديد ( ويل . لينبذن . الحطمة . . . نار الله الموقدة . التي تطلع على الأفئدة . إنها عليهم مؤصدة . في عمد ممددة ) . .

وفي ذلك كله لون من التناسق التصويري والشعوري يتفق مع فعلة( الهمزة اللمزة ) !

لقد كان القرآن يتابع أحداث الدعوة ويقودها في الوقت ذاته . وكان هو السلاح البتار الصاعق الذي يدمر كيد الكائدين ، ويزلزل قلوب الأعداء ويثبت أرواح المؤمنين .

وإنا لنرى في عناية الله سبحانه بالرد على هذه الصورة معنيين كبيرين :

الأول : تقبيح الهبوط الأخلاقي وتبشيع هذه الصورة الهابطة من النفوس .

والثاني : المنافحة عن المؤمنين وحفظ نفوسهم من أن تتسرب إليها مهانة الإهانة ، وإشعارهم بأن الله يرى ما يقع لهم ، ويكرهه ، ويعاقب عليه . . وفي هذا كفاية لرفع أرواحهم واستعلائها على الكيد اللئيم . . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الهمزة

أهداف سورة الهمزة

( سورة الهمزة مكية ، وآياتها 9 آيات ، نزلت بعد سورة القيامة )

فكرة السورة

تعكس هذه السورة صورة من الصور الواقعية في حياة الدعوة في عهدها الأول ، وهي في الوقت ذاته نموذج يتكرر في كل بيئة ، صورة اللئيم الصغير النفس ، الذي يؤتي المال فتستطير نفسه به ، حتى ما يطيق نفسه ، ويروح يشعر أن المال هو القيمة العليا في الحياة ، القيمة التي تهون أمامها جميع القيم وجميع الأقدار : أقدار الناس ، وأقدار المعاني ، وأقدار الحقائق . كما يروح يحسب أن هذا المال إله قادر على كل شيء ، لا يعجز عن دفع شيء ، حتى دفع الموت ، وتخليد الحياة .

ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال ، يعده ويستلذ تعداده ، وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة ، تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس ، وهمزهم ولمزهم ، وانتقاص قدرهم ، وتحقير شأنهم . وهي صورة لئيمة من صور النفوس البشرية حين تخلو من المروءة . والإسلام يكره هذه الصورة الهابطة ، وقد نهى القرآن عن السخرية واللمز في مواضع شتى ، إن أن ذكرها هنا بهذا التشنيع ، يوحي بأنه كان يواجه حالة واقعية من بعض المشركين تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجاه المؤمنين ، فجاء الرد عليها في صورة الردع والتهديد والوعيد .

أسباب النزول

قال عطاء والكلبي : نزلت هذه السورة في الأخنس بن شريق ، كان يلمز الناس ويغتابهم ، وبخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال مقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه ، ويطعن فيه في وجهه .

وقال محمد بن إسحاق صاحب السيرة : ما زلنا نسمع أن هذه السورة نزلت في أمية بن خلف .

مع آيات السورة

1- ويل لكل همزة لمزة . ويل وعذاب شديد لكل سبّاب عيّاب ، ينتقص الناس بالإشارة والحركة ، والقول والفعل .

وبناء الصفة على فعلة يفيد كثرة وقوع الفعل ، وجريانه مجرى العادة .

وعن مجاهد وعطاء : الهمزة الذي يغتاب ويطعن في وجه الرجل ، واللمزة الذي يغتاب من خلفه إذا غاب .

2- الذي جمع مالا وعدّده . إن الذي دعا هذا وأمثاله إلى الحط من أقدار الناس ، ظنه الخاطئ بأن جمع المال ، والمبالغة في عدّه والمحافظة عليه ، مما يرفع قدره ، ويضمن له منزلة رفيعة ، يستطيع بها أن يطلق لسانه في أعراض الناس ، وأن يؤذيهم بالقول والفعل .

3- يحسب أن ماله أخلده . إن حبه للمال أنساه الموت والمآل فهو يأنس بماله ، ويظن أن هذا المال الذي أجهد نفسه في جمعه ، وبخل به حتى على نفسه ، ويحميه من الموت ويورثه الخلود .

4- كلاّ لينبذنّ في الحطمة . لقد قابل القرآن بين كبريائه وتعاليه على الناس ، وبين جزائه في الحطمة التي تحطم كل ما يلقى إليها ، فتحطم كيانه وكبريائه .

5- وما أدراك ما الحطمة . سؤال للتهويل والتعظيم ، أي : أي شيء أعلمك بها ؟ فإن هذه الحطمة مما لا يحيط بها عقلك ، ولا يقف على كنهها علمك ، ولا يعرف حقيقتها إلا خالقها سبحانه وتعالى .

6- نار الله الموقدة . إنها النار التي تنسب إلى الله الذي خلقها ، وهي موقدة لا تخمد أبدا ، ثم وصف هذه النار بعدة صفات فيها تناسق تصويري يتفق مع أفعال ( الهمزة اللمزة ) .

7- التي تطّلع على الأفئدة . إنها تصل إلى الفؤاد الذي ينبعث منه الهمز واللمز ، وهي تتغلب على الأفئدة وتقهرها ، فتدخل في الأجواف حتى تصل إلى الصدور فتأكل الأفئدة ، والقلب أشد أجزاء الجسم تألما ، فإذا استولت عليه النار فأحرقته فقد بلغ العذاب بالإنسان غايته .

والنار لا تصل إلى الفؤاد إلا بعد أن تأكل الجلود واللحوم والعظام ، ثم تصل إلى القلوب ، والأفئدة موطن الإحساس والاعتقاد ، ومن لكمات عمر بن الخطاب للكفار : ( حرق الله قلوبكم ) . أي : أصابكم بأشد ألوان المحن والألم .

8- إنها عليهم مؤصدة . إنها مطبقة عليهم لا يخرجون منها ، ولا يستطيعون الفرار أو الهرب .

قال تعالى : كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمّ أعيدوا فيها . . . ( الحج : 22 ) .

9- في عمد ممدّدة . العمد جمع عمود وهو معروف ، والممددة : المطولة ، أي أنه أطبقها عليهم وأغلقها في عمد طويلة ، تمد على أبوابها بعد أن تؤصد ، وهو تصوير لشدة الإطباق وإحكامه ، وتأكيد اليأس من الخلاص .

قال مقاتل : إن الأبواب أطبقت عليهم ، ثم شدت بأوتاد من حديد ، فلا يفتح عليهم باب ، ولا يدخل عليهم روح .

اللهم أجرنا من النار ، ومن عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، بفضلك وكرمك يا عزيز يا غفار .

مقاصد السورة

1- من الناس من يرى مثله الأعلى جمع المال والتعالي على العباد ، وهو نموذج سيء .

2- الويل والعذاب ينتظران كل عيّاب وسبّاب .

3- المال نعمة من الله ، ولكن العمل الصالح هو الوسيلة النافعة .

4- البخيل بالمال المتعالي على العباد له نار متقدة تحرق جسمه وتصل إلى فؤاده .

5- هذه النار مغلقة عليه يظل حبيسا فيها أبد الآبدين .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ ويل لكل همزة لمزة 1 الذي جمع مالا وعدّده 2 يحسب أنّ ماله أخلده 3 كلاّ لينبذنّ في الحطمة 4 وما أدراك ما الحطمة 5 نار الله الموقدة 6 التي تطّلع على الأفئدة 7 إنها عليهم مؤصدة 8 في عمد ممدّدة 9 }

المفردات :

ويل : خزي وهلاك وعذاب ، وهو لفظ لا يستعمل إلا في الذم والقبح .

همزة : من ينتقص الناس بالقول .

لمزة : من يؤذي الناس بالفعل ، فكلاهما طعّان عيّاب .

التفسير :

1

التفسير :

1- ويل لكل همزة لمزة .

عذاب شديد لكل همّاز يعيب الناس ، ويغضّ من أقدارهم ، وينتقص من هممهم في حضورهم أو في غيبتهم ، يفعل ذلك بالقول أو بالإشارة .

قال ابن عباس : همزة لمزة . طعّان عيّاب .

وقال الربيع بن أنس : الهمزة . يهمزه في وجهه . واللمزة : من خلفه .

وسئل ابن عباس مرة أخرى عن ( اللمزة اللمزة ) فقال : هو المشّاء بالنميمة ، المفرّق بين الجمع ، المغري بين الإخوان .

وقيل : نزلت هذه السورة في الأخنس بن شريق ، كان يلمز الناس ويغتابهم .

وقيل نزلت في أمية بن خلف ، كان يهمز النبي صلى الله عليه وسلم ويعيبه .

وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم ويغضّ من قدره الشريف .

ولا يستبعد أن تكون قد نزلت في مجموعة ، منها هؤلاء الثلاثة الذين دأبوا على السخرية والاستهزاء بالفضلاء ، مع اليقين بأن اللفظ عام ، يشمل كل من تنطبق عليه هذه الصفات ، فالعبرة عموم اللفظ لا بخصوص السبب .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الهمزة مكية ، وآياتها تسع ، نزلت بعد سورة القيامة . وتتحدث هذه السورة عن الذين يَعيبون الناس ، ويَطعنون في أعراضهم ، ويستهينون بأقدارهم وكرامتهم بالقول والإشارة والتقليد والسخرية .

ثم تتحدث السورة عن الذين يشتغلون بجمع المال ، ويظنون أن المال هو كل شيء في هذه الحياة ، والحيازة التي تهون أمامها جميع القيم ، وهم لفرط جهلهم يحسبون أن المال سيخلّدهم في الدنيا ! ثم بينت السورة أن عاقبة هؤلاء المغرورين الأشقياء هي النار ، تُطبق عليهم { في عمد ممدّدة } خالدين فيها أبدا .

الويل : العذاب ، وحلول الشر ، لفظٌ يستعمل في الذم .

الهُمَزة : الذي يغتاب الناس ويطعن في أعراضهم .

اللُّمزة : الذي يَعيب الناس ، وينال منهم بالإشارة والحركات .

الهلاك والعذابُ لمن اعتاد أن يَعيب الناس بالكلام أو بالإشارة ، ويحاولَ أن يَسْخَر منهم ويحطَّ من أقدارهم . فهذه الآية الكريمة ترسم صورةً لئيمةً حقيرة من صوَرِ النفوس البشرية حين تخلو من المروءة ، وتَعْرَى من الإيمان .

ولذلك نهى الإسلامُ عن الهَمْزِ والغمز واللمز والعيب في مواضعَ شتى ؛ لأن من قواعدِ الإسلام تهذيبَ الأخلاق ورفْعَ المستوى الخلُقي في المجتمع الإسلامي .

وقد رُوي أن عدداً من زعماء قريش كانوا يَلْمِزون النبيَّ الكريم وأصحابه ، منهم الأخنسُ بنُ شريق ، والوليدُ بن المغيرة ، وأميّةُ بن خلف وغيرهُم ، فنزلت هذه السورة الكريمة لتؤدّبهم وتهذِّبَ الأخلاق .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الهمزة

مكية ، وآياتها 9 ، نزلت بعد القيامة .

{ ويل لكل همزة لمزة } هو على الجملة الذي يعيب الناس ويأكل أعراضهم ، واشتقاقه من الهمز واللمز ، وصيغة فعلة للمبالغة . واختلف في الفرق بين الكلمتين : فقيل : الهمز في الحضور ، واللمز في الغيبة ، وقيل : بالعكس ، وقيل : الهمز باليد والعين ، واللمز باللسان ، وقيل : هما سواء . ونزلت السورة في الأخنس بن شريق ؛ لأنه كان كثير الوقيعة في الناس ، وقيل : في أمية بن خلف وقيل : في الوليد بن المغيرة ، ولفظها مع ذلك على العموم في كل من اتصف بهذه الصفات .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

لما بين الناجين من قسمي الإنسان في العصر ، وختم بالصبر ، حصل تمام التشوف إلى أوصاف الهالكين ، فقال مبيناً لأضلهم وأشقاهم الذي الصبر على أذاه في غاية الشدة ليكون ما أعد له من العذاب مسلاة للصابر : { ويل } أي هلاك عظيم جداً { لكل همزة } أي الذي صار له الهمز عادة ؛ لأنه خلق ثابت في جبلته ، وكذا { لمزة * } والهمز : الكسر كالهزم ، واللمز : الطعن ، هذا أصلهما ، ثم خصا بالكسر من أعراض الناس والطعن فيهم ، وقال ابن هشام في تهذيب السيرة : الهمزة الذي يشتم الرجل علانية ، ويكسر عينيه عليه ويهمز به ، واللمزة الذي يعيب الناس سراً . انتهى . وقال البغوي : وأصل الهمز الكسر والعض على الشيء بالعنف ، والذي دل على الاعتياد صيغة فعل بضم وفتح ، كما يقال : ضحكة للذي يفعل الضحك كثيراً حتى صار عادة له وضرى به ، والفعلة بالسكون للمفعول ، وهو الذي يهمزه الناس ويلمزونه ، وقرىء بها ، وكأنه إشارة إلى من يتعمد أن يأتي بما يهمز به ويلمز به ، فيصير مسخرة يضحك منه ، والله أعلم .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما قال سبحانه وتعالى { إن الإنسان لفي خسر } أتبعه بمثال من ذكر نقصه وقصوره واغتراره ، وظنه الكمال لنفسه حتى يعيب غيره ، واعتماده على ما جمعه من المال ظناً أنه يخلده وينجيه ، وهذا كله هو عين النقص ، الذي هو شأن الإنسان ، وهو المذكور في السورة قبل ، فقال تعالى { ويل لكل همزة لمزة } فافتتحت السورة بذكر ما أعد له من العذاب جزاء له على همزه ولمزه الذي أتم حسده ، والهمزة العياب الطعان ، واللمزة مثله ، ثم ذكر تعالى ماله ومستقره بقوله : { لينبذن في الحطمة } أي ليطرحن في النار جزاء له على اغتراره وطعنه . انتهى .