في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مِّن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۚ ذَٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (3)

1

وبعد تقرير أصل القضية على هذا النحو المحدد الواضح يجيء الحكم القضائي في الموضوع . ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا . ذلكم توعظون به ، والله بما تعملون خبير ) . .

وقد جعل الله العتق في كفارات متنوعة ، وسيلة من وسائل التحرير للرقاب التي أوقعها نظام الحروب في الرق إلى أجل ، ينتهي بوسائل شتى هذه واحدة منها . وهناك أقوال كثيرة في معنى : ( ثم يعودون لما قالوا ) . . نختار منها أنهم يعودون إلى الوطء الذي حرموه على أنفسهم بالظهار . فهذا أقرب ما يناسب السياق . فتحرير رقبة من قبل العودة إلى حله . . ثم التعقيب : ( ذلكم توعظون به ) . . فالكفارة مذكر وواعظ بعدم العودة إلى الظهار الذي لا يقوم على حق ولا معروف ( والله بما تعملون خبير ) . . خبير بحقيقته ، وخبير بوقوعه ، وخبير بنيتكم فيه .

وهذا التعقيب يجيء قبل إتمام الحكم لإيقاظ القلوب ، وتربية النفوس ، وتنبيهها إلى قيام الله على الأمر بخبرته وعلمه بظاهره وخافيه .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مِّن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۚ ذَٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (3)

1

المفردات :

يعودون لما قالوا : يرجعون عما قالوا ، ويريدون وطء نسائهم ، بعد أن حرموه على أنفسهم .

فتحرير رقبة : فعليه إعتاق عبد أو جارية .

من قبل أن يتماسا : من قبل أن يجامعها ، وهذا من كنايات القرآن عن المخالطة الخاصة بين الزوج وزوجته .

التفسير :

3- { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } .

الذين يظاهرون من نسائهم ويحرمون زوجاتهم عليهم كما حرمت أمهاتهم ، ثم يعدلون عن رغبتهم في التحريم ، ويرجعون عن قولهم : أنت علي كظهر أمي ، أو يرغبون في جماع زوجاتهم ومعاشرتهن ، والعدول عن التحريم والعودة مرة أخرى إلى الحياة الزوجية ، هؤلاء يلزمهم تحرير رقبة . أي : عتق عبد أو أمة من قبل أن يجامع زوجته .

هذا وعظ وتأديب وتربية من الله تعالى لهؤلاء المظاهرين ، والله مطلع على أعمالكم ، خبير بكل ما تفعلونه ، فراقبوه سبحانه حتى يطلع منكم على قلب سليم وسلوك مستقيم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مِّن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۚ ذَٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (3)

فيه اثنتا عشرة مسألة :

الأولى- قوله تعالى : { والذين يظاهرون من نسائهم } هذا ابتداء والخبر " فتحرير رقبة " وحذف عليهم لدلالة الكلام عليه ، أي فعليهم تحرير رقبة . وقيل : أي فكفارتهم عتق رقبة . والمجمع عليه عند العلماء في الظهار قول الرجل لامرأته : أنت علي كظهر أمي . وهو قول المنكر والزور الذي عنى الله بقوله : { وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا } [ المجادلة : 2 ] فمن قال هذا القول حرم عليه وطء امرأته . فمن عاد لما قال لزمته كفارة الظهار ، لقوله عز وجل : { والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } وهذا يدل على أن كفارة الظهار لا تلزم بالقول خاصة حتى ينضم إليها العود ، وهذا حرف مشكل اختلف الناس فيه على أقوال سبعة : الأول : أنه العزم على الوطء ، وهو مشهور قول العراقيين أبي حنيفة وأصحابه . وروي عن مالك : فإن عزم على وطئها كان عودا ، وإن لم يعزم لم يكن عودا . الثاني : العزم على الإمساك بعد التظاهر منها ، قاله مالك . الثالث : العزم عليهما . وهو قول مالك في موطئه ، قال مالك في قول الله عز وجل :{ والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا } قال : سمعت أن تفسير ذلك أن يظاهر الرجل من امرأته ثم يجمع على إصابتها وإمساكها ، فإن أجمع على ذلك فقد وجبت عليه الكفارة ، وإن طلقها ولم يجمع بعد تظاهره منها على إمساكها وإصابتها فلا كفارة عليه . قال مالك : وإن تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة التظاهر . القول الرابع : أنه الوطء نفسه فإن لم يطأ لم يكن عودا ، قاله الحسن ومالك أيضا . الخامس : وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه : هو أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع القدرة على الطلاق ، لأنه لما ظاهر قصد التحريم ، فإن وصل به الطلاق فقد جرى على خلاف ما ابتدأه من إيقاع التحريم ولا كفارة عليه . وإن أمسك عن الطلاق فقد عاد إلى ما كان عليه فتجب عليه الكفارة . السادس : أن الظهار يوجب تحريما لا يرفعه إلا الكفارة . ومعنى العود عند القائلين بهذا : أنه لا يستبيح وطأها إلا بكفارة يقدمها ، قاله أبو حنيفة وأصحابه والليث بن سعد . السابع هو تكرير الظهار بلفظه . وهذا قول أهل الظاهر النافين للقياس ، قالوا : إذا كرر اللفظ بالظهار فهو العود ، وإن لم يكرر فليس بعود . ويسند ذلك إلى بكير بن الأشج وأبي العالية وأبي حنيفة أيضا ، وهو قول الفراء .

وقال أبو العالية : وظاهر الآية يشهد له ، لأنه قال : " ثم يعودون لما قالوا " أي إلى قول ما قالوا . وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عز وجل : " والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا " هو أن يقول لها أنت علي كظهر أمي ، فإذا قال لها ذلك فليست تحل له حتى يكفر كفارة الظهار . قال ابن العربي : فأما القول بأنه العود إلى لفظ الظهار فهو باطل قطعا لا يصح عن بكير ، وإنما يشبه أن يكون من جهالة داود وأشياعه . وقد رويت قصص المتظاهرين وليس في ذكر الكفارة عليهم ذكر لعود القول منهم ، وأيضا فإن المعنى ينقضه ؛ لأن الله تعالى وصفه بأنه منكر من القول وزور ، فكيف يقال له إذا أعدت القول المحرم والسبب المحظور وجبت عليك الكفارة ، وهذا لا يعقل ، ألا ترى أن كل سبب يوجب الكفارة لا تشترط فيه الإعادة من قتل ووطء في صوم أو غيره .

قلت : قوله يشبه أن يكون من جهالة داود وأشياعه حمل منه عليه ، وقد قال بقول داود من ذكرناه عنهم ، وأما قول الشافعي : بأنه ترك الطلاق مع القدرة عليه فينقضه ثلاثة أمور أمهات : الأول : أنه قال : " ثم " وهذا بظاهره يقتضي التراخي . الثاني : أن قوله تعالى : " ثم يعودون " يقتضي وجود فعل من جهة ومرور الزمان ليس بفعل منه . الثالث : أن قوله تعالى : " ثم يعودون " على الملك فلم يسقط حكم الظهار كالإيلاء . فإن قيل : فإذا رآها كالأم لم يمسكها إذ لا يصح إمساك الأم بالنكاح . وهذه عمدة أهل ما وراء النهر . قلنا : إذا عزم على خلاف ما قال ورآها خلاف الأم كفر وعاد إلى أهله .

وتحقيق هذا القول : أن العزم قول نفسي ، وهذا رجل قال قولا اقتضى التحليل وهو النكاح ، وقال قولا اقتضى التحريم وهو الظهار ، ثم عاد لما قال وهو التحليل ، ولا يصح أن يكون منه ابتداء عقد ؛ لأن العقد باق فلم يبق إلا أنه قول عزم يخالف ما اعتقده وقاله في نفسه من الظهار الذي أخبر عنه بقوله أنت علي كظهر أمي ، وإذا كان ذلك كفر وعاد إلى أهله ، لقول : " من قبل أن يتماسا " . وهذا تفسير بالغ في فنه{[14755]} .

الثانية- قال بعض أهل التأويل : الآية فيها تقديم وتأخير ، والمعنى " والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون " إلى ما كانوا عليه من الجماع " فتحرير رقبة " لما قالوا ، أي فعليهم تحرير رقبة من أجل ما قالوا ، فالجار في قوله : " لما قالوا " متعلق بالمحذوف الذي هو خبر الابتداء وهو عليهم ، قاله الأخفش . وقال الزجاج : المعنى ثم يعودون إلى إرادة الجماع من أجل ما قالوا . وقيل : المعنى الذين كانوا يظهرون من نسائهم في الجاهلية ، ثم يعودون لما كانوا قالوه في الجاهلية في الإسلام فكفارة من عاد أن يحرر رقبة . الفراء : اللام بمعنى عن والمعنى ثم يرجعون عما قالوا ويريدون الوطء . وقال الأخفش : لما قالوا وإلى ما قالوا واحد ، واللام وإلى يتعاقبان ، قال : " الحمد لله الذي هدانا لهذا{[14756]} " [ الأعراف : 43 ] وقال : " فاهدوهم إلى صراط الجحيم{[14757]} " [ الصافات : 23 ] وقال : " بأن ربك أوحى لها{[14758]} " [ الزلزلة : 5 ] وقال : " وأوحي إلى نوح{[14759]} " [ هود : 36 ] .

الثالثة- قوله تعالى : " فتحرير رقبة " أي فعليه إعتاق رقبة ، يقال : حررته أي جعلته حرا . ثم هذه الرقبة يجب أن تكون كاملة سليمة من كل عيب ، من كمالها إسلامها عند مالك والشافعي ، كالرقبة في كفارة القتل . وعند أبي حنيفة وأصحابه تجزي الكفارة ومن فيها شائبةُ{[14760]} رق كالمكاتبة وغيرها .

الرابعة- فإن أعتق نصفي عبدين فلا يجزيه عندنا ولا عند أبي حنيفة . وقال الشافعي يجزئ ؛ لأن نصف العبدين في معنى العبدالواحد ، ولأن الكفارة بالعتق طريقها المال فجاز أن يدخلها التبعيض والتجزيء كالإطعام ، ودليلنا قوله تعالى : " فتحرير رقبة " وهذا الاسم عبارة عن شخص واحد ، وبعض الرقبة ليس برقبة ، وليس ذلك مما يدخله التلفيق ؛ لأن العبادة المتعلقة بالرقبة لا يقوم النصف من رقبتين مقامها ، أصله إذا اشترك رجلان في أضحيتين ، ولأنه لو أمر رجلين أن يحجا عنه حجة لم يجز أن يحج عنه واحد منهما نصفها كذلك هذا ، ولأنه لو أوصى بأن تشترى رقبة فتعتق عنه لم يجز أن يعتق عنه نصف عبدين ، كذلك في مسألتنا وبهذا يبطل دليلهم . والإطعام وغيره لا يتجزء في الكفارة عندنا .

الخامسة- قوله تعالى : " من قبل أن يتماسا " أي يجامعها فلا يجوز للمظاهر الوطء قبل التكفير ، فإن جامعها قبل التكفير أثم وعصى ولا يسقط عنه التكفير . وحكي عن مجاهد : أنه إذا وطئ قبل أن يشرع في التكفير لزمته كفارة أخرى . وعن غيره : أن الكفارة الواجبة بالظهار تسقط عنه ولا يلزمه شيء أصلا ، لأن الله تعالى أوجب الكفارة وأمر بها قبل المسيس ، فإذا أخرها حتى مس فقد فات وقتها . والصحيح ثبوت الكفارة ، لأنه بوطئه ارتكب إثما فلم يكن ذلك مسقطا للكفارة ، ويأتي بها قضاء كما لو أخر الصلاة عن وقتها . وفي حديث أوس بن الصامت لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه وطئ امرأته أمره بالكفارة{[14761]} . وهذا نص وسواء كانت كفارة بالعتق أو الصوم أو الإطعام . وقال أبو حنيفة : إن كانت كفارته بالإطعام جاز أن يطأ ثم يطعم ، فأما غير الوطء من القبلة والمباشرة والتلذذ فلا يحرم في قول أكثر العلماء . وقاله الحسن وسفيان ، وهو الصحيح من مذهب الشافعي . وقيل : وكل ذلك محرم وكل معاني المسيس ، وهو قول مالك وأحد قولي الشافعي . وقد تقدم .

السادسة- قوله تعالى : " ذلكم توعظون به " أي تؤمرون به " والله بما تعملون خبير " من التكفير وغيره .


[14755]:الزيادة من أحكام القرآن لابن العربي.
[14756]:راجع جـ 7 ص 208.
[14757]:راجع جـ 15 ص 83.
[14758]:راجع جـ 20 ص 149.
[14759]:راجع جـ 9 ص 29.
[14760]:في ح، ز، س، ط، ل: "شعبة رق" والمعنى واحد.
[14761]:لم يتقدم العود في حديث أوس، وإنما هو في مظاهر آخر وهو القائل: رأيت خلخالها في ضوء القمر.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مِّن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۚ ذَٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (3)

ولما هجن{[63077]} سبحانه الظهار ، وأثبت تحريمه على أبلغ وجه وآكده ، وكان ما مضت عليه العوائد لا بد أن يبقى منه بقايا ، أتبع ذلك بيان حكم هذه الواقعة وما لعله يقع من نظائرها فقال{[63078]} : { والذين يظاهرون } ولما كان في بيان الحكم ، أسقط التقييد إعلاماً بعمومه الكفار كعمومه{[63079]} المسلم ليفيد تغليظ العقاب عليه{[63080]} لئلا يتوهم أنه يخص العرب الذين {[63081]}قصد تهجينه{[63082]} عليهم بأنهم{[63083]} انفردوا به عن سائر الناس فقال : { من نسائهم } بدون { منكم } .

ولما كان مقتضى اللفظ المباعدة ممن قيل ذلك فيها ، لكان إمساكها بعده ينبغي أن يكون في غاية البعد ، قال مشيراً إلى ذلك بأداة{[63084]} البعد { ثم يعودون } أي بعد هذا القول { لما قالوا } بالفعل بأن يعاد هذا القول مرة أخرى أو بالقوة بأن يمسكوا المقول{[63085]} ذلك لها{[63086]} زمناً يمكن أن يعاد فيه هذا القول مرة ثانية من غير مفارقة بلفظ مما ناط الله {[63087]}الفرقة به{[63088]} من طلاق أو{[63089]} سراح{[63090]} أو نحوهما ، فيكون المظاهر عائداً إلى هذا القول بالقوة لإمكان هذا{[63091]} القول في ذلك الزمن ، وذلك لأن العادة قاضية بأن من قال قولاً ولم يبته{[63092]} وينجزه ويمضه بأن يعود إلى قوله مرة أخرى وهلم جراً ، أو يكون التقدير لنقض ما قالوا : فيحلوا ما حرموا على أنفسهم بعدم البت بالطلاق ، فإن كان الظهار معلقاً لم يلزم حكمه إلا بالحنث ، فإن طلق في الحال{[63093]} وإلا لزمته الكفارة{[63094]} ، وحق العبارة التعبير باللام لدلالتها{[63095]} على الاتصال كما يقتضيه الحال بخلاف " إلى " فإنها تدل على مهلة وتراخ ، هذا في الظهار المطلق ، وأما المؤقت بيوم أو شهر أو نحو ذلك فلا يكون عائداً فيه إلا بالوطء في الوقت المظاهر فيه ، وأما مجرد إمساكها فليس بعود لأنه إنما أمسكها لما له{[63096]} فيها من الحل بعد وقت الظهار .

ولما كان المبتدأ الموصول مضمناً معنى الشرط ، أدخل الفاء في خبره ليفيد السببية فيتكرر الوجوب بتكرر سببه فقال : { فتحرير } أي فعليهم بسبب هذا الظهار والعود تحرير { رقبة } أي سليمة عن عيب يخل بالعمل كاملة الرق مقيدة أيضاً{[63097]} بمؤمنة لأنها قيدت بذلك{[63098]} في كفارة القتل ، فيحمل هذا على ذاك ، ولأن معاوية بن الحكم رضي الله عنه كانت له جارية فقال للنّبيّ صلى الله عليه وسلم : " عليّ رقبة أفأعتقها ، فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم {[63099]}عن الله{[63100]} فأخبرته بما دل على توحيدها{[63101]} فقال : من أنا ؟ فقالت : أنت رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة " رواه{[63102]} مالك{[63103]} ومسلم{[63104]} ، فعلل الإجزاء بالإيمان ولم يسأله عن سبب الوجوب ، فدل على أنه لا فرق بين واجب وواجب ، والموجب للكفارة الظهار{[63105]} والعود جميعاً كما أن الموجب في اليمين اليمين{[63106]} والحنث معاً .

ولما كان التحرير لا يستغرق زمن القبل بل يكون في بعضه ، أدخل الجار فقال : { من قبل } ولما كان المراد المس بعد المظهارة لا مطلقاً قال : { أن يتماسا } أي يتجدد منهما مس وهو الجماع سواء كان ابتداء المباشرة منه أو منها بما أفادته صيغة التفاعل ، وهو حرام قبل التكفير ولو كان على أدنى وجوه{[63107]} التماس وأخفاها بما أشار إليه الإدغام ولو كان بإيلاج الحشفة فقط مع الإنزال أو بدونه ، وأما مقدمات الجماع فهي{[63108]} فيها كالحائض لا تحرم على الأظهر ، فإن جامع عصى ولم تجب كفارة أخرى ، لما روى الترمذي عن سلمة بن صخر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في المظاهر يواقع قبل أن يكفر ، قال : " كفارة واحدة " {[63109]} .

ولما كان الوعظ هو الزجر عن الفعل الموعوظ لأجله ، قال مستأنفاً : { ذلكم } أي الزجر العظيم جد الذي هو عام لكم من غير شبهة { توعظون به } أي يكون بمشقة زاجراً لكم عن العود إلى مقاربة مثل ذلك فضلاً عن مقارفته لأن من حرم من أحلها الله تحريماً متأبداً{[63110]} على زعمه كان{[63111]} كأنه قد قتلها ، ولكون ذلك{[63112]} بلفظ اخترعه وانتهك فيه حرمة {[63113]}أمه كان{[63114]} كأنه قد عصى معصية أوبق بها نفسه كلها إيباقاً أخرجه إلى أن{[63115]} يقتلها عضواً عضواً بإعتاق رقبة{[63116]} تماثل رقبته ورقبة{[63117]} من كان قتلها .

ولما كان التقدير : فالله بما يردعكم بصير ، عطف عليه قوله : { والله } أي الذي له الإحاطة بالكمال ، وقدم الجار إشارة إلى إرادة المبالغة للتنبيه على الاهتمام بإلزام الانتهاء . عن ذلك فقال : { بما تعملون } أي تجددون فعله { خبير * } أي عالم بظاهره وباطنه ، فهو عالم بما يكفره ، فافعلوا ما أمر الله به{[63118]} وقفوا عند حدوده ، قال القشيري : والظهار{[63119]} - وإن لم يكن له في الحقيقة أصل ولا بتصحيحه نطق ولا له شرع ، بعد ما رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ولوح بشيء ما وقال : إن حكمه لا يخل الله من بيان ساق إليه شرعه فقضى فيه بما انتظم فيه الجواب ارتفاع شكواها .


[63077]:- من ظ و م، وفي الأصل: هجا.
[63078]:- من م، وفي الأصل وظ: قال.
[63079]:- زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[63080]:- زيد من ظ و م.
[63081]:- من ظ و م، وفي الأصل: قصدت هجينة.
[63082]:- من ظ و م، وفي الأصل: قصدت هجينة.
[63083]:- من م، وفي الأصل و ظ: أنهم.
[63084]:- زيد من ظ و م.
[63085]:- من ظ وم، وفي الأصل: لها ذلك.
[63086]:- من ظ وم، وفي الأصل: لها ذلك.
[63087]:- من ظ وم، وفي الأصل: به الفرقة.
[63088]:- من ظ وم، وفي الأصل: به الفرقة.
[63089]:- زيد من ظ و م.
[63090]:- من ظ، وفي الأصل وم: سراحا.
[63091]:- زيد من ظ و م.
[63092]:- زيد من ظ و م.
[63093]:- من ظ و م، وفي الأصل: الحلال.
[63094]:- زيد من ظ و م.
[63095]:- من ظ وم، وفي الأصل: للالة-كذا.
[63096]:-زيد من ظ.
[63097]:- زيد من ظ و م.
[63098]:-زيد من ظ و م.
[63099]:-سقط ما بين الرقمين من ظ.
[63100]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[63101]:- من ظ وم، وفي الأصل: توحيده.
[63102]:- في ظ: رواها.
[63103]:- راجع الموطأ- العتق.
[63104]:- راجع صحيح مسلم- المساجد.
[63105]:- زيد من ظ و م.
[63106]:- زيد من م.
[63107]:- من م، وفي الأصل وظ: الوجوه.
[63108]:- من ظ و م، وفي الأصل: فهو.
[63109]:- مضى الحديث قبل صفحات.
[63110]:- من ظ وم، وفي الأصل: مويدا.
[63111]:- زيد من ظ و م.
[63112]:- زيد من ظ و م.
[63113]:-من ظ وم، وفي الأصل: الله.
[63114]:- من ظ وم، وفي الأصل: الله.
[63115]:زيد من ظ و م.
[63116]:- زيد من ظ وم.
[63117]:- من ظ، وفي الأصل: رغبة.
[63118]:-سقط من م.
[63119]:- زيد من ظ وم.