في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا} (3)

( وأنه تعالى جد ربنا ، ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) . .

والجد : الحظ والنصيب . وهو القدر والمقام . وهو العظمة والسلطان . . وكلها إشعاعات من اللفظ تناسب المقام . والمعنى الإجمالي منها في الآية هو التعبير عن الشعور باستعلاء الله - سبحانه - وبعظمته وجلاله عن أن يتخذ صاحبة - أي زوجة - وولدا بنين أو بنات !

وكانت العرب تزعم أن الملائكة بنات الله ، جاءته من صهر مع الجن ! فجاءت الجن تكذب هذه الخرافة الأسطورية في تسبيح لله وتنزيه ، واستنكاف من هذا التصور أن يكون ! وكانت الجن حرية أن تفخر بهذا الصهر الخرافي الأسطوري لو كان يشبه أن يكون ! فهي قذيفة ضخمة تطلق على ذلك الزعم الواهي في تصورات المشركين ! وكل تصور يشبه هذه التصورات ، ممن زعموا أن لله ولدا سبحانه في أية صورة وفي أي تصوير !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا} (3)

المفردات :

جدّ ربنا : عظمته وسلطانه وجلاله ، يقال : جدّ فلان في عيني . أي : عظم ، قال أنس : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا ، أي : جل قدره وعظم .

التفسير :

3- وأنه تعالى جدّ ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا .

الجدّ : العظمة والسمو .

وفي الأثر : كان الرجل إذا قرأ سورة البقرة جدّ فينا . أي : جلّ قدره .

والمعنى :

تنزهالله ، وجل قدر ربنا ، فهو إله منزه عن كل نقص ، متّصف بكل كمال ، ليس في حاجة إلى صاحبة ، وليس في حاجة إلى ولد ، إنما يحتاج إلى ذلك الإنسان ليأنس بالزوجة ، ويفتخر بالولد ، ويحتمى به عند الكبر ، أما الله جلّ جلاله ، وتقدّست أسماؤه ، فلا يحتاج إلى زوجة أو ولد ، وإنما هو سبحانه منزّه عن ذلك ، فهو الإله الحقّ ، المنزه عن الاحتياج إلى أيّ شيء ، المستغنى عن كل شيء .

والخلاصة : تنزّه الله العظيم الجليل عن أن يتخذ زوجة أو ولدا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا} (3)

{ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا } أي : تعالت عظمته وتقدست أسماؤه ، { مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا } فعلموا من جد الله وعظمته ، ما دلهم على بطلان من يزعم أن له صاحبة أو ولدا ، لأن له العظمة والكمال{[1244]}  في كل صفة كمال ، واتخاذ الصاحبة والولد ينافي ذلك ، لأنه يضاد كمال الغنى .


[1244]:- في ب: والجلال.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا} (3)

{ وأنه تعالى جد ربنا } جد الله جلاله وعظمته وقيل : معناه : من قولك فلان مجدود إذا استغنى وقرئ أنه في هذا الموضع بفتح الهمزة وكسرها وكذلك فيما بعده إلى قوله : { وأنا منا المسلمون } [ الجن : 14 ] فأما الكسر فاستئناف أو عطف على إنا سمعنا لكنه كسر في معمول القول فيكون ما عطف عليه من قول : { الجن } وأما الفتح فقيل : إنه عطف على قوله : { أنه استمع نفر } وهذا خطأ من طريق المعنى لأن قوله استمع نفر في موضع معمول أوحي فيلزم أن يكون المعطوف عليه مما أوحي وأن لا يكون من كلام الجن وقيل : إنه معطوف على الضمير المجرور في قوله : { آمنا به } وهذا ضعيف لأن الضمير المجرور لا يعطف عليه إلا بإعادة الخافض وقال الزمخشري : هو معطوف على محل الجار والمجرور في { آمنا به } كأنه قال : صدقناه وصدقنا .

{ أنه تعالى جد ربنا } وكذلك ما بعده ولا خلاف في فتح ثلاث مواضع وهي : { أنه استمع } ، { وألو استقاموا } ، { وأن المساجد لله } ؛ لأن ذلك مما أوحي لا من كلام الجن .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا} (3)

ولما أظهروا القوتين{[68974]} العلمية بفهمهم القرآن ، والعملية بما حصل لهم من الإذعان ، أعملوا ما لهم في الدعاء إلى الله تعالى من قوة البيان ، فبعد أن نزهوه سبحانه عن الشرك عموماً خصوا مؤكدين في قراءة ابن كثير والبصريين وأبي جعفر بالكسر لما تقدم من أن مثل هذه السهولة لا تكاد تصدق ، فقالوا عطفاً على { إنا سمعنا } [ الجن : 1 ] : { وأنه } أي الشأن العظيم{[68975]} قال الجن : { تعالى } أي انتهى في العلو {[68976]}والارتفاع{[68977]} إلى حد{[68978]} لا يستطاع { جد } أي عظمة وسلطان وكمال غنى { ربنا } أي الموجد لنا والمحسن إلينا ، وإذا كان هذا التعالي لجده فما بالك به ، وكذا حكت هذه القراءة بقول الجن ما بعد هذا إلا

وأن لو استقاموا }[ الجن : 16 ] و

{ أن المساجد لله }{[68979]}[ الجن : 18 ] و

{ أنه لما قام }[ الجن : 19 ] فإنه مفتوح فيها عطفاً على الموحى به فهو في محل رفع إلا عند أبي جعفر فإنه فتح { وأنه تعالى } [ الجن : 3 ] {[68980]}و { أنه كان يقول{[68981]} } [ الجن : 4 ]

{ وأنه كان رجال }[ الجن : 6 ] ووافقهم نافع وأبو بكر عن عاصم في غير

{ وأنه لما قام }[ الجن : 19 ] فإنهما كسراها وفتح الباقون وهم ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم الكل إلا ما صدر بالفاء{[68982]} على أنه معطوف على محل الجار في " به " أي صدقناه وصدقنا أنه - لا على لفظه{[68983]} وإلا لزم إعادة الجارّ عند نحاة البصرة ، وقيل : عطف على لفظ الضمير في " به " على المذهب الكوفي الذي نصره أبو حيان وغير واحد من أهل اللسان .

ولما وصفوه بهذا التعالي الأعظم المستلزم للغنى المطلق والتنزه عن كل شائبة نقص ، بينوه بنفي ما ينافيه{[68984]} بقولهم إبطالاً للباطل : { ما اتخذ } عبر بصيغة الافتعال بياناً لموضع النقص لا تقييداً { صاحبة } أي زوجة { ولا ولداً * } لأن العادة جارية بأنه لا يكون ذلك إلا بمعالجة{[68985]} وتسبيب ، ومثل ذلك لا يكون إلا لمحتاج إلى بضاع أو غيره ، والحاجة لا تكون إلا من ضعف وعجز ، وذلك ينافي{[68986]} الجد ، فالمحتاج لا يصح أصلاً أن يكون إلهاً وإن كان بغير تسبيب ومهلة ، فهو عبث لأن مطلق الاختراع مغن عنه ، فلم يبق إلا العبث الذي ينزه الإله عنه والصاحبة لا بد و{[68987]}أن تكون من نوع صاحبها ، ومن له نوع{[68988]} فهو مركب تركيباً عقلياً من صفة مشتركة وصفة مميزة ، والولد لا بد وأن يكون جزءاً منفصلاً عن والده ، ومن له أجزاء فهو مركب تركيباً حسياً ، ومن المقطوع به أن ذلك لا يكون إلا لمحتاج ، وأن الله تعالى متعال عن ذلك من تركيب حسي أو عقلي .


[68974]:- من ظ وم، وفي الأصل: القوانين.
[68975]:- زيد في الأصل: الذي، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[68976]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68977]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68978]:- من ظ وم، وفي الأصل: الحد الذل.
[68979]:- سقط من ظ وم.
[68980]:- تكرر ما بين الرقمين في الأصل فقط.
[68981]:- تكرر ما بين الرقمين في الأصل فقط.
[68982]:- من ظ وم، وفي الأصل: تأكيد.
[68983]:- من ظ وم، وفي الأصل: لطفه.
[68984]:- من ظ وم، وفي الأصل: بينا فيه.
[68985]:- من ظ وم، وفي الأصل: بمعالجة.
[68986]:- زيد من ظ وم.
[68987]:- ليس الواو في ظ.
[68988]:-* من ظ وم، وفي الأصل: أنواع.