ثم عطفوا على قولهم إنا سمعنا { وأنه } أي : الشأن العظيم قال الجنّ { تعالى } أي : انتهى في العلوّ إلى حدّ لا يستطاع { جدّ } أي : عظمة وسلطان وكمال غنى { ربنا } يقال : جدّ الرجل إذا عظم ومنه قول أنس كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا أي عظم قدره . وقال السدي : جدّ ربنا أي أمر ربنا . وقال الحسن : غني ربنا . ومنه قيل : الحظ جدّ ، ورجل مجدود ، أي : محظوظ . وفي الحديث : «ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ » . قال أبو عبيد والخليل : أي ذا الغنى منك الغنى إنما تنفعه الطاعة . وقال ابن عباس : قدرة ربنا . وقال الضحاك : فعله . وقال القرطبي : آلاؤه ونعماؤه على خلقه . وقال الأخفش : علا ملكُ ربنا ، والأولى جميع هذه المعاني ، وقرأ { وأنه تعالى جدّ ربنا } وما بعده إلى قوله تعالى : { وأنا منا المسلمون } وهي اثنا عشر موضعاً ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي بفتح الهمزة في الجميع والباقون بالكسر .
ولما وصفوه بهذا التعالي الأعظم المستلزم للغنى المطلق والتنزه عن كل شائبة نقص بينوه بنفي ما ينافيه من قولهم إبطالاً للباطل { ما اتخذ صاحبة } أي : زوجة ؛ لأن الصاحبة لا بدّ وأن تكون من نوع صاحبها ، ومن له نوع فهو مركب تركيباً عقلياً من صفة مشتركة وصفة مميزة { ولا ولداً } لأنّ الولد لا بدّ وأن يكون جزءاً منفصلاً عن والده ومن له أجزاء فهو مركب تركيباً حسياً ، ومن المقطوع به أنّ ذلك لا يكون إلا لمحتاج وأن الله تعالى متعال عن ذلك من تركيب حسي أو عقلي . قال القشيري : ويجوز إطلاق لفظ الجدّ في حق الله تعالى إذ لو لم يجز لما ذكر في القرآن ، غير أنه لفظ موهم فتجنبه أولى . أي : لأنه قيل إنهم عنوا بذلك الجدّ الذي هو أبو الأب ويكون ذلك من قول الجنّ . قال ابن جعفر الصادق : ليس لله تعالى جدّ وإنما قاله الجنّ للجهالة فلم يؤاخذوا به . وقال القرطبي : معنى الآية { وأنه تعالى جدّ ربنا } أن يتخذ ولداً أو صاحبة للاستئناس بهما أو الحاجة إليهما ، والرب تعالى عن ذلك كما تعالى عن الأنداد والنظراء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.