الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا} (3)

ويجوز أن يكون الضمير لله عز وجل ؛ لأنّ قوله : { بِرَبِّنَا } يفسره { جَدُّ رَبِّنَا } عظمته من قولك : جدّ فلان في عيني ، أي : عظم . وفي حديث عمر رضي اللَّه عنه : كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا . وروي في أعيننا . أو ملكه وسلطانه أو غناه ، استعارة من الجد الذي هو الدولة والبخت ؛ لأن الملوك والأغنياء هم المجدودون والمعنى : وصفه بالتعالي عن الصاحبة والولد لعظمته . أو لسلطانه وملكوته أو لغناه . وقوله : { مَا اتخذ صاحبة وَلاَ وَلَداً } بيان لذلك . وقرىء «جدّا ربنا » على التمييز و«جدّ ربنا » بالكسر ، أي : صدق ربوبيته وحق إلهيته عن اتخاذ الصاحبة والولد ، وذلك أنهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والإيمان ، تنبهوا على الخطأ فيما اعتقده كفرة الجنّ من تشبيه الله بخلقه واتخاذه صاحبة وولداً ، فاستعظموه ونزهوه عنه .