تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

فأحضرهن الملك ، وقال : { مَا خَطْبُكُنَّ } أي : شأنكن { إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ } فهل رأيتن منه ما يريب ؟

فبرَّأنه و { قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ } أي : لا قليل ولا كثير ، فحينئذ زال السبب الذي تنبني عليه التهمة ، ولم يبق إلا ما عند امرأة العزيز ، ف { قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ } أي : تمحض وتبين ، بعد ما كنا ندخل معه من السوء والتهمة ، ما أوجب له السجن{[445]} { أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ } في أقواله وبراءته .


[445]:- كذا في ب وفي أ: لسجن يوسف.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

المعنى : فجمع الملك النسوة وامرأة العزيز معهن ، وقال لهن : { ما خطبكن*** } الآية ، أي : أي شيء كانت قصتكن ؟ فهو استدعاء منه أن يعلمنه القصة فجاوب النساء بجواب جيد ، تظهر منه براءة أنفسهن جملة وأعطين يوسف بعض براءة ، وذلك أن الملك لما قرر لهن أنهن راودنه قلن - جواباً عن ذلك - { حاش لله } وقد يحتمل - على بعد - أن يكون قولهن { حاش لله } في جهة يوسف عليه السلام ، وقولهن : { ما علمنا عليه من سوء } ليس بإبراء تام ، وإنما كان الإبراء التام وصف القصة على وجهها حتى يتقرر الخطأ في إحدى الجهتين ، ولو قلن : ما علمن عليه إلا خيراً لكان أدخل في التبرية . وقد بوب البخاري على هذه الألفاظ على أنها تزكية ، وأدخل قول أسامة بن زيد في حديث الإفك : أهلك ولا نعلم إلا خيراً .

قال القاضي أبو محمد : وأما مالك رحمه الله فلا يقنع بهذا في تزكية الشاهد ، لأنه ليس بإثبات العدالة .

قال بعض المفسرين فلما سمعت زوجة العزيز مقالتهن وحيدتهن عن الوقوع في الخزي حضرتها نية وتحقيق{[6725]} ، فقالت : { الآن حصحص الحق } . و { حصحص } معناه : تبين بعد خفائه ، كذا قال الخليل وغيره{[6726]} وقيل : هو مأخوذ من الحصة ، أي بانت حصته من حصة الباطل . ثم أقرت على نفسها بالمراودة والتزمت الذنب وأبرأت يوسف البراءة التامة .


[6725]:خافت بعد إقرارهن ببراءة يوسف أن يشهدن عليها إن أنكرت فحضرتها نية الاعتراف، وكان ذلك لطفا من الله بيوسف.
[6726]:لأصله: حصص، فقيل: حصحص، كما قيل: كبكبوا في كببوا، وكفكفوا في كففوا، وأصل الحص استئصال الشيء: حص شعره إذا حلقه، قال أبو قيس بن الأسلت: قد حصت البيضة رأسي فما أطعم نوما غير تهجاع ويقال: سنة حصاء أي جرداء لا خير فيها، قال جرير: يأوي إليكم بلا من ولا جحد من ساقه السنة الحصاء والذيب وفي الحديث: (فأصابتهم سنة َحَّصت كل شيء)، أي: أتت على كل شيء.