تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ} (13)

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ }

أي : إذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس ، أي : كإيمان الصحابة رضي الله عنهم ، وهو الإيمان بالقلب واللسان ، قالوا بزعمهم الباطل : أنؤمن كما آمن السفهاء ؟ يعنون - قبحهم الله - الصحابة رضي الله عنهم ، بزعمهم{[49]}  أن سفههم أوجب لهم الإيمان ، وترك الأوطان ، ومعاداة الكفار ، والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك ، فنسبوهم إلى السفه ، وفي ضمنه{[50]}  أنهم هم العقلاء أرباب الحجى والنهى .

فرد الله ذلك عليهم ، وأخبر أنهم هم السفهاء على الحقيقة ، لأن حقيقة السفه{[51]}  جهل الإنسان بمصالح نفسه ، وسعيه فيما يضرها ، وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم ، كما أن العقل والحجا ، معرفة الإنسان بمصالح نفسه ، والسعي فيما ينفعه ، و[ في ] دفع ما يضره ، وهذه الصفة منطبقة على [ الصحابة و ]المؤمنين وصادقة عليهم ، فالعبرة بالأوصاف والبرهان ، لا بالدعاوى المجردة ، والأقوال الفارغة .


[49]:- في ب: لزعمهم.
[50]:- في ب: في ضمن ذلك.
[51]:- كذا في ب، وفي أ: السفه.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ} (13)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ( 13 )

المعنى صدقوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وشرعه ، مثل ما صدقه المهاجرون والمحققون من أهل يثرب ، قالوا : أنكون كالذين خفت عقولهم ؟ والسفه الخفة والرقة الداعية إلى الخفة يقال «ثوب سفيه » إذا كان رقيقاً مهلهل النسج ، ومنه قول ذي الرمة : [ الطويل ]

مشين كما اهتزت رماح تسفهت . . . أعاليَها مرّ الرياح النواسم( {[237]} )

وهذا القول إنما كانوا يقولونه في خفاء فأطلع الله عليه نبيه والمؤمنين ، وقرر أن السفه ورقة الحلوم وفساد البصائر إنما هو في حيزهم وصفة لهم ، وأخبر أنهم لا يعلمون أنهم السفهاء للرَّين الذي على قلوبهم .

وقال قوم : «الآية نزلت في منافقي اليهود ، والمراد بالناس عبد الله بن سلام ومن أسلم من بني إسرائيل » .

قال القاضي أبو محمد : وهذا تخصيص لا دليل عليه .


[237]:- يصف نساء، ويقال: "تسفهت الريح الأشجار" أمالتها، والرياح النواسم هي الرياح الضعيفة، فشبه مشيهن باهتزاز الرماح التي تميلها نواسم الرياح.