تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (2)

{ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } وذلك -والله أعلم- بسبب ما حصل بسببه من الطاعات الكثيرة ، والدخول في الدين بكثرة ، وبما تحمل صلى الله عليه وسلم من تلك الشروط التي لا يصبر عليها إلا أولو العزم من المرسلين ، وهذا من أعظم مناقبه وكراماته صلى الله عليه وسلم ، أن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .

{ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } بإعزاز دينك ، ونصرك على أعدائك ، واتساع كلمتك ، { وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } تنال به السعادة الأبدية ، والفلاح السرمدي .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (2)

قوله تعالى : { ليغفر } لام كي ، معناه : إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح . وقال الحسين بن الفضل : هو مردود إلى قوله : { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } ( محمد-19 ) { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } و { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات } الآية . وقال محمد بن جرير : هو راجع إلى قوله : { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره } ( النصر-1-3 ) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك في الجاهلية قبل الرسالة ، وما تأخر إلى وقت نزول هذه السورة . وقيل : ما تأخر مما يكون ، وهذا على طريقة من يجوز الصغائر على الأنبياء . وقال سفيان الثوري : ما تقدم مما عملت في الجاهلية ، وما تأخر : كل شيء لم تعمله ، ويذكر مثل ذلك على طريق التأكيد ، كما يقال أعطى من رآه ومن لم يره ، وضرب من لقيه ومن لم يلقه . وقال عطاء الخراساني : ما تقدم من ذنبك : يعني ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك ، وما تأخر من ذنب أمتك بدعوتك . { ويتم نعمته عليك } بالنبوة والحكمة ، { ويهديك صراطاً مستقيماً } أي : يثبتك عليه ، والمعنى ليجمع لك مع الفتح تمام النعمة بالمغفرة والهداية إلى الصراط المستقيم وهو الإسلام . وقيل : { ويهديك } أي يهدي بك .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (2)

{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا } يحتمل هذا الفتح في اللغة أن يكون بمعنى الحكم أي : حكمنا لك على أعدائك ، أو من الفتح بمعنى العطاء كقوله : { ما يفتح الله للناس من رحمة } [ فاطر : 2 ] أو من فتح البلاد واختلف في المراد بهذا الفتح على أربعة أقوال :

الأول : أنه فتح مكة وعده الله به ، قبل أن يكون وذكره بلفظ الماضي لتحققه وهو على هذا بمعنى فتح البلاد .

الثاني : أنه ما جرى في الحديبية من بيعة الرضوان ومن الصلح الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قريش وهو على هذا بمعنى الحكم أو بمعنى العطاء ويدل على صحة هذا القول أنه لما وقع صلح الحديبية ، شق ذلك على بعض المسلمين بشروط كانت فيه حتى أنزل الله هذه السورة ، ويتبين أن ذلك الصلح له عاقبة محمودة وهذا هو الأصح ، لأنه روي : أنها لما نزلت قال بعض الناس : ما هذا الفتح وقد صدنا المشركون عن البيت ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " بل هو أعظم الفتوح قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالروح ، ورغبوا إليكم في الأمان " .

الثالث : أنه ما أصاب المسلمون بعد الحديبية من الفتوح كفتح خيبر وغيرها .

الرابع : أنه الهداية إلى الإسلام ودليل هذا القول قوله { ليغفر الله لك } فجعل الفتح علة للمغفرة ولا حجة في ذلك إذ يتصور في الجهاد وغيره أن يكون علة للمغفرة أيضا أو تكون اللام للصيرورة والعاقبة لا للتعليل فيكون المعنى إنا فتحنا لك فتحا مبينا فكان عاقبة أمرك أن جمع الله لك بين سعادة الدنيا والآخرة بأن غفر لك وأتم نعمته عليك وهداك ونصرك .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (2)

قوله : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } اختلف العلماء في تأويل ذلك ، وهل كان للنبي صلى الله عليه وسلم ذنب فيغفر له ؟ فقد قيل : المراد بذنبه ، هو تركه للأفضل . وقيل : فعل الصغائر ، فإنها جائزة على النبيين بالسهو والعمد . وقيل { ما تقدم من ذنبك } أي قبل الرسالة { وما تأخر } يعني بعدها . وقيل غير ذلك .

قوله : { ويتم نعمته عليك } وذلك برفع ذكرك في الدنيا والآخرة ، والظهور على عدوك ظهورا عاليا مؤزرا . وقيل : بالنبوة والحكمة .

قوله : { ويهديك صراطا مستقيما } أي ويرشدك إلى الحق والهدى وهو صراطه الثابت المستقيم الذي لا زيغ فيه ولا عوج .